عادت نيران الحرب الإسرائيلية لتحرق غزّة وناسها, غزّة تقاتل وحيدةً إذاً, كسوريا والعراق وليس من مخلّص. انطلقت الحرب الدموية الجديدة ضد غزّة بعد أن طلب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو من جيشه الاستعداد للتجريف الميداني في المنطقة.

بدأ القصف الإسرائيلي على أحياء القطاع, وعلى منازل المدنيين, ضارباً عرض الحائط بكافة المعايير الإنسانية, فالعدوان الإسرائيلي حليف أمم "السلام" و"الإنسانية" التي اعتبرت أن ما يحصل بغزّة "مرتبط بسلوكيات حركة حماس", لم ولن يرحم أطفال ومدنيي غزّة, لأن مشاريعه ومشاريع حلفائه السياسية في المنطقة والخارج ستكون دائماً وبالخطوط العريضة على أول اللائحة.

تُشطب غزّة اذاً عن الخريطة الفلسطينية كباقي مدن وقرى منطقة الـ"48" التي يسيطر عليها العدو الإسرائيلي, فالأخير يقصف القطاع وبشكلٍ متواصل منذ فجر الأمس، مستخدماً في اليوم الأول 447 صاروخاً, منها 373 غارة جويّة و65 قصفاً مدفعياً, ما أدى إلى استشهاد ما يقارب الـ 30 مدنياً وجرح أكثر من 270 آخرين, بينهم حوالي 26 طفلاً, كما أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية, بعد أن حذّر وكيل وزارة الصحة في غزّة يوسف أبو الريش من حدوث كارثة صحيّة في القطاع إذا استمر التصعيد الإسرائيلي عليه، لافتاً إلى أن المستشفيات تتعامل مع هذا التصعيد بما هو متوفر وبكميّات محدودة، لا تسلم من النقص.

يجدر الإشارة إلى أنّه كان قد أوعز رئيس الحكومة الإسرائيلية لجيش الإحتلال الإستعداد والقيام على الفور بتجنيد نحو 40 ألف جندي إسرائيلي من قوات الإحتياط، إضافةً إلى 1500 جندي إحتياط خرجوا يوم امس لتنفيذ عملية عسكرية أُطلق عليها بالعبرية إسم "تسوق ايتان" أي "الجرف الصلب" ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.

على الصعيد العربي, اكتفت الجامعة العربية بدعوة مجلس الأمن الدولي إلى "الإنعقاد الفوري", الذي لم يجدي نفعاً يوماً, لاتخاذ التدابير اللازمة لوقف التصعيد، فيما دانت القاهرة الاعتداءات الإسرائيلية، محذّرة من "خطورة استمرار الأوضاع الراهنة."

أما على صعيد التضامن, توافدت تعليقات "الشامتين الممانعين" على صفحات مواقع التواصل الإجتماعي, فبرأيهم "الغزاويين بيستاهلوا" بسبب مواقفهم التضامنية مع الثورة السورية ضد الطاغية بشار الأسد وحليفه اللبناني أمين عام حزب الله حسن نصرالله, رغم مبايعة جمهور ما يسمّى بـ"محور الممانعة"  للأخيريْن بحجة دفاعهما عن القضية الفلسطينية ودعمهما لها على عكس باقي حكام الدول العربية, إلّا أنهم وفي مثل هكذا حدث دمويّ لم يتضامنوا "افتراضياً" حتى مع أبناء "الإنتفاضة الفلسطينية الجديدة" كما سمّاها البعض.