لم نعهد في أي من البلاد المتطورة والراقية أن تقف حكوماتها او نوابها ضد مصالح الناس والفقراء والموظفين إلا في بلادنا حيث لبنان بلد العجائب والغرائب في السياحة والإقتصاد وغيرها... فبعد مرور ثلاث سنوات على مطالبة هيئة التنسيق النقابية وكل القطاعات العامة بضرورة إقرار الحقوق للموظفين إنقسم النواب بين 14 و 8 على كيفية إعطائها ففريق 14 آذار تذرع بحجج كثيرة وادّعى أنه يحامي عن مصالح البلد إذ لا يجوز برأيه أن نعرض الإقتصاد اللبناني لضربة تؤدي الى خراب البلد، قبل أن تؤمن الواردات الصحيحة التي تحول دون ذلك وركّز هذا الفريق الذي يديره رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة على ضرورة فرض ضريبة TVAعلى كل السلع على أن لا تنال الضريبة من الشركات الكبرى والمصارف والمرافىء العامة فيما الفريق الآخر أي الثامن من آذار يصر على إعطاء هذه الحقوق بعيداً عن جيوب الفقراء...

تم الإتفاق فيما بعد بين الكتل النيابية ان مصادر التمويل للسلسلة باتت جاهزة وبانتظار ان يوافق الفريق الآخر ويذهب الى مجلس النواب لإقرارها لكن تفاجأ الجميع بأنقلاب السنيورة على الإتفاق وطارت الجلسة التشريعية مجدداً....

إذاً المسألة لم تعد موضوع واردات إنما الأمر تحول الى بازار سياسي بامتياز بل ابتزاز سياسي ودخلت سلسلة الرتب والرواتب مجدداً في نفق مظلم وكذلك مستقبل الطلاب الذين ينتظرون إنجلاء الأمور وإعطاء الحقوق حتى يباشر الأساتذة تصحيح المسابقات وإعلان النتائج.

إذاً الكرة الآن في ملعب السنيورة وحلفائه بدليل ان النائب بهية الحريري قد اعترضت على أسلوبه في مقاربة هذا الملف لا بل وجهت له كلاماً قاسياً في الجلسة التي جمعت السنيورة ووزير المال وبعض أعضاء اللجنة النيابية المختصة بموضوع السلسلة وقالت له: "طول عمرك هيك، الله يرحم اللي كان يوقفك عند حدّك"، فالسلسلة صارت من المواضيع السياسية الخلافية كما هي رئاسة الجمهورية والمفات الأخرى كالإستحقاق النيابي القادم... وربما انها لن تبصر النور حتى يتم الإتفاق على جميع الملفات الخلافية بانتظار التسوية الكبرى بين الدول الإقليمية حول سوريا والعراق ولبنان...

إذاً السلسلة وضعت في الثلاجة وكل ما نسمعه من لقاءات بشأنها هو تضييغ للوقت، فرئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان صرح منذ يومين ان الوضع في خصوص سلسلة الرتب والرواتت ما زال على حاله... والمحاولات مستمرة لاحداث خرق يحتاج صراحة لتجاوب من كتلة تيار المستقبل لكي نحل معضلة يرتاح كل الناس في حلها.

من هنا نقول أليس من المعيب ان يختلف الأفرقاء في لبنان على موضوع إجتماعي يجدر ان يلتف الجميع حوله؟ أو يعقل أيضاً ان موضوع إقرار سلسلة الرتب والرواتب بات يحتاج الى توافق إقليمي حوله كما الإنتخابات الرئاسية؟ أو ربما نحتاج الى هبة من دولة ما تعطف على المساكين والفقراء في لبنان...؟

كفى أيها السياسيون ... كفى... ومتى تعودون الى وطنكم وتنزلون من أبراجكم العاجية وتسمعون بحق صرخة المواطنين متى؟