من الواضح أن المجلس النيابي اللبناني, بحلّته الحالية, عاجز عن وضع قانون انتخاب جديد لإجراء انتخابات نيابية ديمقراطية, تمنح اللبنانيين حقّهم في تحديد مصيرهم, كما عجز عن انتخاب رئيس للجمهورية, فوُضع الأخير على رفّ الإنتظار, حتى إشعار آخر, أو معجزة "توافقية" ما.

كثرت الأخبار من تصريحاتٍ لبعض نوابِ لبنان وتحليلاتٍ وتوقعات لسياسيه عن احتمال التمديد للمجلس النيابي مرّة جديدة مع قرب انتهاء السنة و5 أشهر التي سبق ومددها لنفسه مع حلول موعد الإستحقاق النيابي الماضي. فنشرت جريدة "الجمهورية" اليوم الثلاثاء, خبراً مفاده أن مصادر سياسية متابعة لحركة رئيس مجلس النواب نبيه برّي أكّدت لها أنّ برّي يدرك صعوبة التوصّل إلى إجماعٍ في مسألة قانون انتخابات جديد، وهو لن يُغيّر من سياسته القائمة على اﻹجماع في هذا الموضوع، وبما أنّ اﻹجماع غير متوفّر أيضاً في قانون "الستين" فإنّ صعوبة إجراء اﻹنتخابات على أساسه توازي صعوبة التوصّل إلى قانون جديد، وبالتالي ـ قالت المصادرـ إنّ رئيس المجلس ﻻ يُخفي في مشاوراته مع الكتل النيابية حديثَه عن خيار التمديد لمجلس النواب مجدّداً، كخَيارٍ سيكون مُتاحاً لتفادي الفراغ في مجلس النواب، إذ إنّ التمديد مرّةً ثانية للمجلس يَبقى أهونَ الشرّين في واقع قد يكون مفتوحاً على تطوّرات دراماتيكية.

بات الخبر شبه مؤكداً رغم انكاره من قبل البعض الآخر من النواب, الرافضين للتمديد, وخاصةً بعد أن سُرّب خبر تكليف النائب نقولا فتّوش لتحضير مشروع قانون يمدّد ولاية المجلس النيابي لفترة زمنية تكون بعدها البلاد قادرة على إجراء انتخابات نيابية في ظروف قد تكون ملائمة.

وردّ وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق على هذا التسريب رافعاً مسؤولية ما قد يعتبره البعض خرقاً دستورياً عنه وعن وزارته، وربّما عن تيّاره السياسي, وأشار المشنوق في حديثٍ صحافي إلى أنّ وزارته وفريق العمل داخلها على أتمّ الاستعداد لتنظيم عملية انتخابية في كلّ المناطق اللّبنانيّة، وذلك على أساس قانون "الستين".

وفي هذا الخصوص كان لرئيس "حزب التوحيد العربي" الوزير السابق وئام وهاب حديثاً صحافياً, فاعتبر وهاب  أن "اللبنانيين أمام نظام مأزوم، والحلّ هو في انتخابات نيابية على قاعدة قانون "النسبية"، وأشار إلى أن احتمال التمديد للمجلس النيابي قائم حالياً، لاسيما في الجوّ العام للبلد، على الرغم من وجود إمكانية للقيام بالانتخابات النيابية على عكس ما يراه البعض.

من جهة أخرى, وفي هذا السياق كان لـ"لبنان الجديد" حديثاً مع عضو كتلة "التغيير والإصلاح" النائب نعمة الله أبي نصر الذي أكّد لنا أن ما يتوالى من أخبار عن احتمال تمديد ولاية جديدة للمجلس النيابي, غير صحّي, وهي طروحاتٍ وآراء خاصة لم تتطرح على طاولة المجلس بعد, وأكّد على تمسّك كتلته بوضع قانون انتخاب جديد وبرفضها للتمديد كما رفضته في المرّة السابقة.

وعلى صعيد الإنتخابات الرئاسية, قال أبي نصر أن نواب كتلة "التغيير والإصلاح" متمسكون بطروحات النائب ميشال عون, وأهمها اجراء انتخابات رئاسية من قبل الشعب اللبناني مباشرةً.

إن المجلس النيابي لا يكفّ عن خرق الدستور اللبناني وانتهاك قوانينه, ففي ظلّ الفراغ السياسي القادم, في السلطة التشريعية الى جانب الفراغ في السلطة التنفيذية, المتضرر الأول والأخير سيكون الشعب اللبناني, فالأخير سيُحرم من حريته في تحديد مصيره من خلال ممارسته للديمقراطية باختياره, عن طريق الإنتخابات النيابية, لمن يريد أن "يحكمه" إلى جانب حرمانه من الأمان, الإستقرار, المعيشة اللائقة, الكهرباء والمياه, البنى التحتية, وغيرها من حقوقه.