القدس لك

-1-

أشهد أنك وحدك

كنتَ على موعد الحتف

تموت وتحيا وتُقتلُ؛ تُبْعَثُ وحدك

وَتلبَسُ ثوب الحِدَاد وَتَلْعَقُ نُورَ الكَفَنْ

لِتحْرُسَ هذا الوَطنْ.

-2-

لكَمْ أنتَ فَرْدٌ

وهَذي الجَحَافِلُ النَّيَازِكُ الْخَنَاجِرُ الْمَوَائِدُ الْجَمَارِكُ الْحنَاجِرُ...

كُلُّ الجُمُوعِ

فَمَا كسَّرَتْ رَجْعَ شِعرِك

ولا استدْرجَتْكَ إلى وَشْوَشاتِ الأرائِكِ

أوْ دَفْنِ سِرِّكْ.

-3-

فَعِشْ أنْتَ فرْدا حُساما

وخُذْ بِاليَمِينِ كِتَابَكَ

واكتُبْ حَياتَكْ

فَلَنْ نَستطيع بِمُفْرَدِنَا أنْ نَصُدّك

وَنَحْنُ نُرَاهِنُ ضِدّك

وَنترُكك اليَوْم في الجُبّ وحدَك.

-4-

أشهدُ أنّكَ وحدكَ أنْطَقْتَنِي

بِالَّذي لكَ مِنْ مَلَكوتْ

وَقَدْ كُنْتُ هَدّدْتُهُمْ بِالسُّكُوتْ

فَبُحْتُ بِخُضْرَةِ هذي الدّماءِ،

وَبُحْتُ بِخوفِي وَرَاءَ الشّجرْ

وَقُلْتُ لِـمَا فَوْقَ العُروشِ

وَتَحْتَ العُروشْ

بِأنّكَ وَحْدَكَ

تَكْحَلُ عَيْنَكَ بالإثْمِدِ

وَتَحْمِلُنا نَحنُ فَوْقَ النُّعوشْ

وَما زالَ في المَوْتِ مَوتٌ لِنخْشَى الحُتُوفْ

فَعِشْ أنت فردا

وَلا تَلْتَفِتْ نَحو هذا الحَجَرْ

وَلاَ تُبْقِ مَا نَتَسَمَّى بِهِ مِنْ حُرُوفْ

وَحَيِّ الوُلاَةَ

وَانْثُرْ علَيْهِمْ زُهُورَ العَدَمْ

فَقَدْ عُرِفوا مِنْ قَديمْ

بِفَتْحِ القُرَى

وَبَذْلِ القِرى

وَحَرْقِ الْحَطَبْ

وَمَا خَلَّفُوا مِنْ رَمَادِ الحِقَبْ.

-5-

فَدَعْنَا

وعِشْ أنْتَ سَيْفاً وَلا كَالسّيوفْ

لكَ اللهُ وَحْدك

لكَ القُدسُ وَحْدَك

فَصَلِّ هُناكَ بِتِلْكَ الصّلاة

وَدَعْ لِلْوُلاَةِ سُرُوجَ الخُطَبْ

-6-

بُغَاثٌ

وَهُم مَنْ تَلَفَّعَ صُفْرَ الوُجُوهِ بِلَيْلٍ

فَلَمّا دَنا الصُّبحُ كانَ السَّوادُ هُبَلْ

وكان المُكاءُ وَكَانَ الصّدى

-7-

فكم من حُتوفِك تَنسُجُ خَيْطَ المَدى؟

وكَمْ مِنْ دِمَائِكَ تُهْرِقُ حَتّى تَذُوقَ الرّدى؟

,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,

المختار حسني