يقول المثل الإيراني المعروف إن العدو يسبب الخير إذا أراد الله. والدليل على ذلك ما حدث في سوريا وأخيراً في العراق من صعود جماعة متطرفة وحشية تاكل الأخضر واليابس وإذ تعيد هذه الجماعة إن في تصرفاته في المناطق التي سيطرت عليها في سوريا وإن خلال الهجوم على المدن العراقية بالذاكرات، الغزو المغولي الوحشي الذي دمّر ما أمكن له من البلدان الإسلامية ومعالم الحضارة الإسلامية، ولكنها تخدم مصالح تلك الأنظمة التي تدعي الجهاد ضدها، وهي عبارة عن النظام السوري والحكومة العراقية والنظام الإيراني.
لا يشك اثنان على أن الرابح الوحيد من صعود هذه الجماعة في سوريا هو بشار الأسد الذي يعتبره الكثيرون مقارنة قديساً عند مقارنة جرائمه بجرائم داعش وجبهة النصرة.
وبعد أن خدمت هذ الجماعة نظام الأسد بمواجهتها العسكرية للجيش الحر وإضعافه، زحفت إلى العراق وحققت ما عجزت كتلة المالكي عن إنجازه وسببت ليس في توحيد صفوف الشيعة ووقوفهم بجانب المالكي فحسب بل دنّست مطالب المعارضة الداخلية التي تشمل العديد من الأحزاب والشخصيات الشيعية أيضاّ.
وفي نفس الوقت أثارت هذه الجماعة مشاعر الخوف عند المجتمع الدولي وغيرت الكثير من الأولويات حيث أن الدول التي كانت تدعم المعارضة السورية وتطالب بإسقاط الأسد وتلوم إيران بدعمها للأسد، ها هم الآن يستغيثون إيران ويطالونها بلعب دور فاعل في العراق، بينما لا فرق بين مكافجة هذه الجماعة في العراق وسوريا حيث أنها وحدة متكاملة في سوريا والعراق والأردن ولبنان.
وهكذا سببت هذه الجماعة للتقارب الإيراني الأميركي أكثر من أي وقت مضى. فالولايات المتحدة التي كانت تبدي امتعاضها من التدخل الإيراني بشأن العراق تطلب إيران بمساندة العراق، ويسارع وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ إلى فتح السفارة البريطانية في طهران متفهما ضرورة التنسيق بين لندن وطهران للحفاظ على المصالح البريطانية في العراق.
وفي هذا السياق يبدو أن تصريحات علي أكبر ولايتي وزير خارجية الإيراني السابق والمستشار السياسي الدبلوماسي للمرشد الأعلى،يعطي المزيد من المعلومات لمدى التقارب أو التغازل الإيراني الأميركي.
خلال حوار أجرته معه قناة سي سي تي وي الصينية يقول ولايتي إن من المحتمل أن يكون هناك وفي بعض المواضيع، تفاعل إيراني أميركي في اتجاه واحد وليس بالضرورة هو التعاون، حيث أن إيران وأميركا، تدعمان المالكي كما الإستقلال ووحدة الآراضي العراقية وكلتاهما تطالب بعدم تجزئة العراق إلى أجزاء أصغر، وكلتاهما تطالب بخلو العراق من التطرف والذي يشكل خطراً كبيراً للعراق وسوريا وجميع البلدان في المنطقة.
وأَضاف ولايتي أنه لا أحد يقبل بنمو ظاهرة النطرف في المنطقة ولهذا السبب إيران تعارض التطرف، كما الولايات المتحدة وإذا كان الأمر كذلك فهما تتجهان في اتجاه واحد ولكن ليس معناه، التعاون بينهما.
ويقول ولايتي إن إيران مستعدة لمساندة المالكي دون أي قيود، بحال تطلب حكومته القانونية التي تمثل العراق، ذلك، مضيفا بأننا نستطيع أن نكرر تجربتنا في سوريا هذه المرة في العراق وكما قمنا بتدريب القوات السورية،في مكافحة الإرهاب، سنقوم بتدريب الجيش العراقي. فإننا لدينا خبرة في هذا المجال، حيث أننا فور انتصار الثورة الإسلامية في بلدنا واجهنا الهجمات الإرهابية.
وصرح ولايتي بأن هناك مئات الآلاف من الإيرانيين مستعدون لاجتياز الحدود ومكافحة هؤلاء (داعش) بحال تطلب الحكومة العراقية ذلك.
ويرى مستشار المرشد الأعلى خامنئي، إن مبادرة الولايات المتحدة بإرسال 200 مقاتل أميركي إلى العراق غير مجد حيث أنهم سيتولون مهمة الدفاع عن السفارة الأميركية في العراق وهذا الإقدام لا يمثل دعم الحكومة العراقية وإذا يريد الأميركان دعم الحكومة العراقية يجب عليهم أولاً إدانة الإرهاب وثانياً إدانة الجهات الداعمة للإرهابيين وجميع الدول التي تدعم هؤلاء الإرهابيين مباشرة أو غير مباشرة أو سياسية أو ترسل لهم السلاح.
وحذر ولايتي الغرب وخاصة الولايات المتحدة من مغبة إطلاق يد الإرهابيين للقيام بأنشطتهم في العراق وسوريا وأفغانستان وونيجيريا وكينيا وسائر مناطق العالم، بينما الجميع يعرف الدول التي تدعم الإرهابيين.
وفيما إذا يكون المالكي قادراً على استعادة الأمن إلى العراق وثقة إيران به، يرى ولايتي بأن المالكي هو أفضل السياسيين العراقيين للحكومة وليس هناك أي شخصية سياسية في العراق يدعمه الأغلبية الشيعية التي تشكل بين 60 حتى 65 في المائة من السكان.
وهكذا يبدو أن هجوم داعش إلى العراق وفر فرصاّ كثيرة وكبيرة لإيران وحلفائها في المنطقة، فالأن يرى الأسد نفسه مرتاحاً مما يحدث ليقول للعالم بأنني أواجه هذه الجماعة منذ سنين، والمالكي يتمكن من استجماع القوى الشيعية وإيران تستطيع من استغلاله في المناوضات النووية كما في التقارب مع الأميركان وبل إحداث الشرخ بينهم وبين حلفائهم التقليديين من العرب.