موعد الانتخابات النيابية يقترب، ومهلة انتخاب رئيس للجمهورية انتهت منذ زمن، ولا أحد يكترث أو يتحرك.

وبين لحظة وأخرى يرنّ هاتفك الخليوي بالخبر العاجل الآتي: "أيها اللبنانيون أنتم من دون رئيس للجمهورية، وقريباً ستكونون أمام مجلس سيمدد لنفسه مجدّداً..." هذا للتذكير فقط ولكي لا ننسى، ما دام ليس هناك أي جديد على هذا الصعيد، فيما التطورات المستجدة المتلاحقة بوتيرة متسارعة في المنطقة، لا تترك للبنانيين لحظة لالتقاط أنفاسهم والاندفاع نحو تحقيق استحقاقاتهم.
وفي ظل انحسار الاهتمام الدولي بلبنان واستحقاقاته الداهمة، يعيش اللبنانيون حال استسلام بقولهم: إن الانتخاب الرئاسي ينتظر إشارة خارجية للتحرك، والتمديد لمجلس النواب قد يصبح أمراً واقعاً، واللبنانيون ينتظرون نتائج المفاوضات الاميركية الايرانية حول ملف ايران النووي، لانها ستكون المفتاح السحري لحل أزمة الرئاسة اللبنانية، الى ما هنالك من عبارات استسلام لا تترك لهم المبادرة والقدرة على فعل شيء ما.
لكن المفاوضات ربما تكون دخلت متاهة جديدة في ظل الحدث العراقي الطارىء المتمثل في اجتياح تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" مساحات واسعة من الارض العراقية، وما قد يرافق ذلك من احتدام حرب مذهبية سنيّة - شيعية، سترخي بتداعياتها على منطقة الشرق الأوسط برمتها، وهو ما يشكل ورقة نزاع أو تفاوض جديدة، ولكن متعددة الطرف هذه المرة، تشمل الرياض وأنقرة وبقية دول الجوار العراقي!.
هذا اذا لم نذكّر – وللتذكير فقط – بأن بيت العلّة لأزمتنا كان ولا يزال في سوريا وأزمتها المتمادية...
كل هذه الوقائع والمشاهدات والمفاجآت لا تشكل ما يثير العجب والاستغراب، بقدر ما يثيره عدم اكتراث اللبنانيين بتحييد انفسهم وبلادهم عن تشابك أزمات المنطقة، وكأن ردة الفعل فيهم قد ماتت مَن زمان. فلا هم معنيون بانتخاب من يمثلهم أو مَن يعيد دور السلطة التشريعية في الرقابة و المحاسبة، أو تحريك العمل الحكومي في فترة الشغور الرئاسي، أو الدفع في اتجاه انتاج قانون انتخابي جديد... كل هذا للتذكير فقط!
وحدها مباريات المونديال تبدو شغل اللبنانيين الشاغل، وما عداها ليس بذي شأن، حتى الاستحقاق الرئاسي يكاد يصبح في عالم النسيان، نتيجة الارتهان لأجندات خارجية!
وللتذكير فقط، لعلّ الذكرى تنفع المؤمنين، فقد أجريت انتخابات رئاسية سورية تحت وابل القذائف والبراميل المتفجرة، وأخرى مصرية في ظل الانقسام السياسي والاضطراب الأمني، لكن ذلك ليس في لبنان العاجز عن اجراء انتخابات ولو صورية تنقذ صورته تجاه العالم. فهل ثمة من يكترث في لبنان بعد؟ هل من قدرة على المبادرة والتغيير؟