الكاتب: زينب زعيتر

المصدر: جريدة صدى البلد

اذا كانت معركة الانتخابات النيابية قد أُعيد فتحها مجددا في الاوساط والمجالس السياسية حيث برز اهتمام متزايد بالانتخابات النيابية مؤخرا، امام مجموعة من المعطيات والوقائع السياسية التي تقارب امكانية التمديد للمجلس الذي تنتهي ولايته في 20 تشرين الثاني المقبل، مع تأزم الاوضاع لدرجة قد تتقاطع فيها مصالح بعض الافرقاء ليصبح التمديد خيارا شبه موحد لجميع القوى بما فيها 8 و14 آذار، ففي المقابل اسئلة مشروعة كثيرة تظهر لدى الحديث عن الآلية الدستورية للتمديد للمجلس مرة جديدة.

فما هو مخرج التمديد دستوريا في حال حصوله، أي شروط يجب أن ترافق احتمالية وقوعه من ضمن الاسباب التقنية والسياسية، هل يمكن التمديد للمجلس في ظل غياب رئيس للبلاد اذا تعذر اجراء الانتخابات الرئاسية، وفي المقابل هل يمكن اقرار قانون انتخابي جديد او اجراء انتخابات نيابية على اساس القانون الحالي المعمول به في حال استمر الشغور الرئاسي؟.

مشاريع قوانين
في جعبة السياسيين أكثر من مشروع قانون انتخابي، ضمنها قانون الستين، وفي الافق بوادر تمديد برلماني حيث أكثر من عامل يقف حائلاً دون اعداد قانون جديد والاتفاق عليه بالرغم من دعوات بعض السياسيين لمجلس نواب جديد يخدم مصالحهم في الاستحقاق الرئاسي. واليوم فُتح باب النقاش بين الكتل النيابية حول الانتخابات النيابية وقانونها، في الشروط والملابسات تتقاطع الحسابات السياسية، ويبقى الدستور وجهة نظر، تُشد مواده بالحبال الى ان تتقطع امام القرار الاخير، فتسهل الآلية وتتوضح كل العوائق التقنية واللوجستية على الرغم من وجود جدل فقهي دستوري أو عرفي في ما يختص بالترجمة العملانية لبعض المواد.
وسيستمر المجلس النيابي بعقد جلسات لانتخاب رئيس للجمهورية، دعوات الرئيس نبيه بري ستبقى قائمة وجلسات اخرى من أجل مشروع سلسلة الرتب والرواتب، بانتظار "فرج" لا معطيات تلوح بأنّه قريب، فلا مؤشرات جديدة حتى الساعة ولعبة المماطلة المحلية والدولية لا تزال تتحكم بالسيناريو الممل لعملية انتخاب تنسف الشغور قبيل الموعد المقبل لنهاية ولاية المجلس النيابي، حيث تعثر اجراء الاستحقاق سيخلط اوراق الانتخاب النيابي حتماً، ومن لم يستطع الاتفاق على اسم رئيس جديد للجمهورية لن يكون بامكانه التوصل الى الاتفاق على قانون جديد. وفي حال نجح مجلس النواب في اقرار قانون تعذر عليه لأشهر طويلة، فانّ الحكومة لن تستطيع في مهلة زمنية قصيرة أن تجري الانتخابات في المهلة المحددة، لذلك فانّ الحل بتقديم مجلس النواب اقتراح التمديد لنفسه مرة جديدة قد يكون احتمالاً وارداً بقوة في الاشهر القليلة المقبلة.

حينها ستطرح مجموعة من الاسئلة الدستورية المتعلقة بآلية تجديد التمديد، فكيف سيكون مخرج التمديد في حال وقوعه وبخاصة في ظل استمرار الشغور الرئاسي، هذا من جهة، وفي المقابل فهل يمكن اجراء الانتخابات في حال حصل الاتفاق بدون رئيس للجمهورية وبخاصة ان الدستور لا يشترط أن يكون هناك رئيس للجمهورية كي تجري الانتخابات النيابية؟.

التمديد لنفسه
في المبدأ فانّ مسألة التمديد للمجلس النيابي لا علاقة لها بالسطات الاخرى الاّ بمسألة نشر القانون، اي انّ المجلس يتخذ قانوناً بالتمديد لنفسه أو يكون ذلك عبر مجلس الوزراء، على أن يُرفع لاحقاً الى رئيس الجمهورية من أجل ان يصدر عنه، أمّا في حال الشغور الرئاسي فمجلس الوزراء منوط حكماً وبالوكالة بصلاحيات رئاسة الجمهورية ويمكنه أن يتخذ بموافقة ثلثي عدد الوزراء قراراً بجعل القانون مفعولاً به. وهنا يظهر جدل قانوني جديد لم يتم بعد التوصل الى اتفاق بشأنه فيما اذا كان القانون يحتاج الى موافقة ثلثي الاعضاء او المجلس مجتمعاً، فعلى ماذا ينص الدستور اذاً في مثل هذه الحالات؟.

يشرح الدكتور في القانون الدولي والخبير الدستوري شفيق المصري في حديث لـ"البلد" الآلية الدستورية مشيراً الى انّ الامور العامة المحالة الى مجلس الوزراء الذي يتولى صلاحيلات رئاسة الجمهورية بالوكالة تحتاج الى موافقة ثلثي الاعضاء فيما بقية المسائل تحتاج الى اجماع الوزراء، "لم يتم البت داخل مجلس الوزراء بماهية الامور العامة والامور الاخرى، وفيما يختص بمسألة قانون التمديد، يتحدث البعض عن الثلثين وآراء اخرى تتمسك بالاجماع"، يتابع المصري الذي يعتبر انّ التمديد قد يكون بمستوى الامور الهامة التي تحتاج الى موافقة الثلثين فقط.

ظروف استثنائية
ويشرح المصري الآلية الدستورية بالتفصيل، مذكراً بداية بالمهلة الزمنية المحددة للتحضير للانتخابات، "ليس هناك من مادة في الدستور تمنع المجلس من التمديد لنفسه، وما من شيء يلزمه التمديد، وبالتالي فانّ مشروع القانون يجب أن يحظى بموافقة ثلثي اعضاء المجلس النيابي ليتم رفعه الى رئاسة الجمهورية، امّا الخطوة البديلة فهي أن يطلب مجلس الوزراء او احدى الوزارات السيادية التمديد، يصوت المجلس النيابي ثم يرفعه الى رئاسة الجمهورية لاصدار القانون". لا مواد دستورية تحدد عدد مرات التمديد فالمجلس الحالي ممدد له لمدة 17 شهراً تنتهي في 20 من تشرين الثاني المقبل، حصل ذلك في جلسة حضرها 97 نائباً صوتوا للتمديد في مقابل مقاطعة نواب "التيار الوطني الحر"، فأي شروط يحتمها الدستور والتي يجب أن ترافق قرار التمديد، "يتم التحدث عن ظروف طارئة استثنائية أو حالة حرب اهلية تحول دون اجراء الانتخابات، ولكن الدستور لم يحدد تلك الظروف وانما الاطر العامة اما الوقائع فتحدد بموجب القانون".

يتابع المصري "الوضع الاستثنائي هو وضع موقت كأن يتولى مجلس الوزراء صلاحيات رئاسة الجمهورية، بانتظار انتخاب رئيس للجمهورية والا سيكون هناك خلل ميثاقي في الاطار الدستوري"، فهل يمكن اجراء انتخابات نيابية في حال توصل الافرقاء الى اتفاق بدون رئيس للبلاد؟، "يمكن بالمبدأ اجراء انتخابات نيابية او تحديد موعد للانتخابات النيابية وفقا لقانون الانتخاب المطبق حاليا الا في حال جرى تعديله بجلسات نيابية، وعليه يمكن اجراء الانتخابات دون وجود رئيس للجمهورية ولكن ذلك يستتبع ضرورة انتخاب رئيس لان الاكثرية عينها التي ستتفق على انتاج قانون او تعديل قانون هي نفسها التي يجب ان تتفق على رئيس للبلاد".

دورة الربيع
جدل دستوري آخر يُضاف الى الآلية الدستورية الواجب اتباعها في ما يختص بتجديد المجلس التمديد لنفسه، فالتجديد يستدعي القانون والقانون يصدر عن السلطة التشريعية، وهنا يظهر الجدل فاذا خرجت الدورة الاستثنائية في المجلس النيابي بمرسوم يشمل العمل التشريعي لان دورة الربيع قد انتهت في نهاية شهر ايار المنصرم، اي اذا اكتفى المرسوم بفتح دورات من أجل انتخابات الرئاسة فقط لذلك لا يحق للمجلس اساساً التشريع في اي امر آخر، امّا في حال كانت جلسة دورة عامة فيمكن عقد جلسات تشريعية. وهنا يتعلق الموضوع ايضاً وحسب المصري بمسألة استكمال وجود السلطات الدستورية، حيث من غير المقبول أن يعقب الفراغَ فراغ وتعطيل في مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية.