بعد كر وفر في معارك سياسية بين الحلفاء وبينهم وبين الخصوم ، أبصرت الحكومة النور بولادة قيصرية . قياسا بوطنية الحكومة ومدى تأثيرها في الواقع اللبناني فهي تعد انتصار لمنطق الدولة كيف ؟

أظهرت تشكيلة الحكومة مدى الوعي اﻹستراتيجي لرئيس تيار المستقبل سعد الحريري المبادر اﻷول لﻹنطلاق بهذه الحكومة ، ومدى درايته حقا بمتطلبات الدولة اللبنانية للحفاظ على كيانها ومؤسساتها ، إختار تيار المستقبل هذه المرة أن يحصل على الوزارات التي ترتبط باﻷمن ففاوض عليها ونحح في توزير صقرين ون صقوره اﻷول نهاد المشنوق في وزارة الداخلية الرجل السياسي المحنك القادر على التواصل مع الخصوم وخاصة حركة أمل برئيسها نبيه بري و أشرف ريفي في وزارة العدل الذي تاريخه في قوى اﻷمن الداخلي يتحدث عنه ، واستطاع أيضا ايصال حليفه بطرس حرب الى وزارة اﻹتصالات رجل الدولة العاقل والمفكر والقانوني ، وبذلك يكون تيار المستقبل هذه المرة يحاول الحفاظ على اﻷمن داخل الدولة وخاصة بمعالجة الشق المتعلق بالحدود اللبنانية السورية وما شكلته من خطر على اﻷمن اللبناني و ذلك من خلال وزارة الداخلية. ومحاسبة المخلين باﻷمن والمجرمين ومحاولة وضع الجميع تحت سقف القانون من خلال وزارة العدل ، وتسليم داتا اﻹتصالات لكل تحقيق يحتاجها من خلال وزارة اﻹتصالات ، وان ضممنا أهداف الوزارات الثلاث يمكن لتيار المستقبل أن يحمي زمن العدالة ويحاول تحقيق قرارات المحكمة الدولية . .. ويضاف الى ذلك ان تسلم سمير مقبل وزارة الدفاع لن يكون معارضا بل مساعدا لعمل الوزارات الثلاث .

أما بما يتعلق بوزارة الطاقة و عن ما يسمى بتنازل المستقبل عنها لقوى الثامن من أذار يجب علينا توضيح نقطة هامة إذ أن اعطاء الطاقة لوزير أرمني من حزب الطاشناق هو عامل خير وليس العكس فيعرف عن الطائفة الأرمنية مدى تمسكها بفكرة الدولة وبقائها وعلى مر التاريخ كان اﻷرمن دائما مساندين للدولة فمن الصعب أن يقوم هذا الوزير بخطوات تعارض مصلحة الدولة أو أن يربط مصلحة الوزارة بأمور شخصية أو بمشاريع خارجية .

أن تكون وزارة الخارجية بيد جبران باسيل فهذا لن يؤثر سلبا على مصلحة الدولة رغم عداء شق واسع من اللبنانيين لشخص باسيل ﻷن الموضوع الخارجي المطروح خلال الشهرين المقبلين لن يكون سوى تلك المتعلق باﻷزمة السورية والتيار الوطني الحر يرفض مشاركة حزب الله في مجريات القتال في سوريا وهذا ما يخوله تسلم وزارة الخارجية وممارسة سياسة النأي بالنفس بشكل فعلي وهذا ما كان يريده الشعب اللبناني المتمسك ببقاء الدولة . تعتبر هذه حكومة جيدة في هذه المرحلة القصيرة والدقيقة واﻷهم أن تحافظ هذه الحكومة على اﻷمن و تساعد على مرور اﻹستحقاقات الدستورية بالنطاق الديموقراطي .