بعد عشرة أشهر وعشرة أيام وفي فترة هي الاطول في تاريخ تشكيل الحكومات اللبنانية أبصرت النور اليوم حكومة الرئيس تمام سلام الذي أصبح بدءا من اليوم رئيسا لمجلس الوزراء ,جاءت التشكيلة الحكومية بعد مخاض عسير ونتيجة للإصرار الدولي على تشكيل الحكومة وتجاوز العقد وقد لعب السفير الأمريكي أدوارا عدة في سبيل تذليل العقبات التي كانت تحول دون التشكيل وأعلن مرات عدة ضرورة اتفاق الأفرقاء اللبنانيين على تشكيل الحكومة وقد تدخل مع أكثر من طرف لتذليل العقبات هنا أو هناك .
وقد جاءت التشكيلة الحكومية على صورة هذا البلد وعلى قياس الأحزاب والزعامات والرئاسات وعلى صورة كل التشكيلات الحكومية السابقة التي تستند على سياسة المحاور والأحزاب والزعماء ,لكن المخاض الذي سلكته هذه الحكومة لم يكن عاديا فقد شهد صراعات سياسية عدة بين الافرقاء السياسيين من فريقي 8 و14 اذار وكذلك شهدت التشكيلة الحكومية هذه ,صراعات  بين الحلفاء أنفسهم وقد وصلت الأمور في بعض المشاورات إلى تهديد الاتفاقات والتحالفات .
وفي قراءة سريعة لما حصل فإنه وبالتأكيد هناك رابحون و خاسرون من هذه التشكيلة الحكومية ومن الفريقين الاساسيين في التشكيل 8 و14 اذار , واعتبرت مصادر متابعة أن الرابح الاكبر هو رئيس التيار الوطني الحر الذي استطاع الحضور على وزارة الخارجية التي تعتبر وزارة سيادية مع الاحتفاظ بحصصه الوزارية كما هي وان احدا لم يستطع إبعاده أو إقصاءه رغم التوافق الدولي والمحلي الذي حصل .
كما يعتبر حزب الكتائب من الفائزين ايضا بهذه التشكيلة نظرا للمواقف الايجابية التي أطلقها منذ بداية التشكيل ووقوفه على مسافة واحدة من الجميع وقد نجح إلى حد كبير في لعب هذا الدور بانتظار الاستحقاق الاكبر الذي يتمثل برئاسة الجمهورية .
وترى مصادر متابعة أن الرئيس تمام سلام هو الفائز بكل الحالات ويكفي من خلال هذه التشكيلة الحكومية الجديدة دخوله نادي رؤساء الحكومات رغم عدم حصوله إلا على وزير واحد .
واما حزب الله فرغم تنازله عن مبدأ الثلثث الضامن الذي كان يششترطه لتكيل الحكومة إلا انه أستطاع أن يثبت رأيه ورغبته في التشكيلة الحكومية ككل واستطاع ايضا أن يقصي أشرف ريفي عن وزارة الداخلية وتم الخضوع السريع لهذه الرغبة وهو ايضا استطاع الدخول الى الحكومة في ظل معارضة اقليمية ومحلية واسعة كانت تشترط خروجه من سوريا .
ورأت المصادر المتابعة أن رئيس الجمهورية هو اول الخاسرين فلم تتح له فرصة حكومة الامر الواقع وهو ايضا ولم يتح له وقت هذه الحكومة للترويج لولاية جديدة لحكمه .
ومن الخاسرين حسب المصادر رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي بقي وحيدا خارج السرب بعد تخلي الحلفاء عنه .
ويعتبر تيار المستقبل من الخاسرين نظرا لانصياعه أمام الشروط التي وضعها حزب الله وقوى الثامن من اذار وهو قدم تنازلات عديدة للتيار الوطني الحر .
وفي نهاية المطاف نجحت الرغبة الدولية في سوق اللبنانيين جميعا الى الاتفاق على تشكيل الحكومة مع العلم ان هناك عقبات كثيرة تنتظر التشكيلة الحكومية أولها البيان الوزاري الذي يتوقع أن تشهد المداولات فيه نقاشات حادة قد تطيح بنهايتها بهذه التشكيلة الحكومية  .