حذّر خبراء لبنانيون من كوارث طبيعية ستضرب منطقة الشرق الأوسط نتيجة التغير المناخي، الذي بدأت معالمه بالظهور في معظم دول العالم والمنطقة من ضمنها، وردوا ذلك للتلوث الناجم عن الإستهلاك العشوائي للموارد الطبيعية وتقلص المساحات الخضراء.

 

ودعا نديم فرج الله، أستاذ علم البيئة في الجامعة الأميركية في بيروت، دول منطقة الشرق الأوسط لاتخاذ الإحتياطات اللازمة لتدارك المخاطر التي قد تنجم عن التغير المناخي وإلا كنا على أبواب كوارث طبيعية واجتماعية"، مشيراً إلى أن "التغير المناخي الحاصل يعود إلى عدة أسباب، منها التلوث الناجم عن الإستهلاك العشوائي وغير المنظم للموارد الطبيعية، انبعاث غازات سامة، كما غياب الغابات والمساحات الخضراء ما يؤدي للانحباس حراري".

 

وقال: "الإنحباس الحراري يؤدي إلى ارتفاع في درجات الحرارة، وهنا نستهلك المزيد من الوقود لتفادي الحر من خلال عمليات التبريد، وندخل بالتالي في دورة لا تنتهي".

وتشمل الكوارث التي ستنتج عن التغير المناخي جميع القطاعات دون استثناء.

 

صحة الإنسان

وأشار فرج الله إلى أن "الزراعة ستتأثر بشكل مباشر باعتبار أنّها بحاجة للمياه، فعندما ستنخفض المتساقطات لن يعد هناك كميات كافية لذا ستلجأ كثير من البلدان لتحلية المياه، كما ستتكاثر الآفات الزراعية وغيرها من الأمور".

 

وسيترك التغير المناخي أثاراً جانبية على صحة الإنسان، فالحرارة المرتفعة تزيد من أمراض الربو والحساسية، كما تؤثر سلباً على مرضى القلب والضغط، هذا عدا عن ارتفاع نسبة انتشار الأوبئة بسبب تكاثر الحشرات، بحسب الأكاديمي اللبناني، لافتاً فرج الله إلى أن "انخفاض نسبة المياه وارتفاع درجات الحرارة سيؤثر أيضاً على القطاع السياحي والصناعي وبطبيعة الحال على الإقتصاد".

 

وأضاف: "هذا عدا عن إننا سنشهد عواصف قاسية بصورة مستمرة قد تؤدي لتدمير البنى التحتية وسيرتفع منسوب البحار في جميع المناطق الساحلية". وأعطى مثالاً عن التغير المناخي الذي شهده لبنان: "ففي خمسينات القرن الماضي كانت منطقة ضهر البيدر في جبال لبنان تشهد تساقط للثلوج بشكل كثيف لدرجة أنه كان بالإمكان ممارسة التزلج فيها، أما اليوم فمحطات التزلج باتت على علو اكبر بكثير".

 

نسبة الأمطار

ولفت فرج الله إلى أن "نسبة الأمطار التي هطلت في لبنان هذا العام لم تتخط الـ240 ملم أي حوالي ثلث نسبة المتساقطات لعام الماضي والتي بلغت 750 ملم، فيما المعدل العام هو حوالي 400 ملم".

 

وأظهرت تقارير عدة أصدرتها الـ IPCC (هيئة حكومية دولية معنية بتغير المناخ)، أن "التغير المناخي الحالي ليس طبيعياً، لافتة إلى أنه "من تداعيات أعمال الإنسان على الأرض".

 

وقال فرج الله: "أظهرت هذه التقارير أيضاً أن معدل كمية تساقط الأمطار ستنخفض بنسبة 20% في بلدان العالم العربي كلبنان، سوريا، الأردن، فلسطين، ليبيا، تونس وغيرها فيما سترتفع في بلدان أخرى كالسعودية واليمن، وذلك بسبب تأثرها بالتغيرات المناخية التي تحدث في المحيط الهندي".

 

وتوقعت التقارير بأن يرتفع منسوب جريان المياه في نهر النيل بأفريقيا بسبب ارتفاع نسبة تساقط الأمطار في البلدان الواقعة على خط الاستواء، "ما يعني أن مصر ربما ستنعم بكمية مياه أكثر من غيرها".

 

وأوضح فرج الله أن "ما تشهده المنطقة من تقلبات في الطقس كهطول الأمطار الكثيفة في السعودية وعُمان بمقابل الشح في منسوب الأمطار في لبنان والدول المجاورة، يُعتبر "طبيعياً وضمن التغيرات المعتادة"، لافتاً إلى أن "المشكلة تقع إذا باتت هذه التقلبات منتظمة".

 

تغيرات مناخية

ويشدد الخبراء على وجوب التفرقة ما بين تقلبات الطقس والتغيرات المناخية، مشيرين إلى أن "الأولى تعتبر طبيعية وعادية وقد تحصل نتيجة تحرك الكتل الهوائية، أنما إذا انتظمت تصبح تغيرات مناخية وهنا تكمن المشكلة"، مضيفين: "ولا يمكن اعتبار ظاهرة التغير المناخي طارئة، فبحسب الخبير البيئي ويلسون رزق، فان معالمها بدأت بالظهور منذ سنوات عدة، بسبب عوامل التلوث على أنواعها التي باتت "تكتسح كل دول العالم دون استثناء".

 

وأوضح رزق لـ"الأناضول" أن "تلوث الجو ناجم عن انبعاث الغازات السامة مثل ثاني اوكسيد الكربون بعد احتراق المواد المنتجة للطاقة وغيرها، ما يؤدي للانحباس الحراري".

 

وتابع "الإنحباس الحراري يؤدي إلى زيادة حرارة الجو وهذه الزيادة تؤثر كثيراً على المناخ كما تؤدي إلى ذوبان الجليد في القطبين، ما ينتج عنه بعد فترة ارتفاع في مستوى البحار وهذا أيضا يؤثر على المناخ ككل خاصة في المناطق الساحلية القريبة من البحر والتي قد تؤدي إلى كوارث طبيعية بعد فترة".

 

ومن المسببات الأخرى للتغير المناخي، ذكر رزق "انحلال طبقة الأوزون بسبب تلوث الهواء، فتصبح أشعة الشمس قوية جدا وترتطم بشكل مباشر بالعناصر العضوية وتتلفها ومن بينها الإنسان والحيوان والنبات".

 

ولفت إلى أن "مظاهر التقلبات المناخية تشمل منطقة الشرق الأوسط بكاملها من لبنان وسوريا إلى الأردن ودبي والجزيرة العربية وحتى شمال إفريقيا وحوض المتوسط بشكل عام، لأن جميعها ذات "نظام مناخي موحد".

 

(الأناضول)