استدعى سفر رئيسي الجمهورية والحكومة ميشال عون وسعد الحريري إلى عمان الثلاثاء المقبل لتمثيل لبنان في القمة العربية الدورية، إلى تعديل أجندة الأسبوع، لا سيما في بندي الموازنة وقانون الانتخاب اللذين تقدما على سلسلة الرتب والرواتب، والتي تراجعت حركة المطالبة اليومية بها، في ضوء وعود تلقاها نقابيون، سواء في الجسم التعليمي أو الجسم الاداري كان من نتيجتها تعليق اساتذة التعليم الثانوي اضرابهم المفتوح لمدة اسبوعين على الأقل.
ودل سير الاجتماعات والجلسات على أن الحراك المطلبي ببعديه النقابي والمدني والحزبي والنيابي، قد فرض بوقائعه نفسه «عنصر ضبط» في مناقشات الموازنة، والبحث عن ايرادات السلسلة، وتقديم قانون الانتخاب للحؤول دون الحركة في الشارع مرّة ثانية، بعدما ايقن كبار المسؤولين ان آليات المعالجة قبل الحراك من الممكن أن تبقى نفسها بعده.
وعليه، لم يتمكن مجلس الوزراء في جلسته الرقم 13، في مسلسل جلساته المخصصة للموازنة، من إنجاز الموازنة في قراءتها الأخيرة، وتقرر العودة إلى جلسة 14 تعقد عند الرابعة من بعد ظهر الاثنين في القصر الحكومي، خلافاً لما ساد في اليومين الماضيين، من أن الجلسة الأخيرة ستعقد في قصر بعبدا برئاسة الرئيس عون الذي عادت مصادره وكررت ان لا حاجة لترؤسه أي جلسة من جلسات الموازنة، طالما أن وزراء «التيار الوطني الحر» يقومون بهذه المهمة.
وفيما قالت مصادر وزارية لـ«اللواء» أن جلسة الاثنين ستكون الأخيرة، لم تشأ مصادر اخرى الجزم، استبعاداً أو تأكيداً، لكنها قالت ان المناقشات خارج مجلس الوزراء تعتبر أن ارقام الموازنة وموازنات الوزارات يمكن اعادة النظر فيها وإدخال تعديلات عليها من زاوية الاستغناء عن كل ما يمكن الاستغناء عنه، لا سيما المكاتب المستحدثة في وسط بيروت ومنها مكتب وزارة العمل، في مبنى اللعازارية، حيث أصرّ وزير العمل محمّد عبداللطيف كبارة على الدوام في مكاتب الوزارة الأصلية في المشرفية، وبالتالي يمكن توفير حوالى 200 الف دولار في السنة كايجار لمكتب اللعازارية.
ومع أن الموازنة لم يتم التطرق إليها في الجلسة نظراً لضيق الوقت، فان وزير الإعلام ملحم رياشي كشف أن هناك مراجعة للموازنة بكل تفاصيلها، وأن الوزراء اعدوا ملاحظات في اطار هذه المراجعة، مشيراً إلى ان الواردات الواردة في الموازنة قابلة لإعادة النظر، ولم يكن هناك اي شيء محسوم.
وانطلاقاً من هذه الوجهة، وافق الرئيس الحريري على طلب وزير الطاقة سيزار أبي خليل مناقشة خطة الكهرباء، في سياق السعي الجاري لتخفيض الارقام الكبيرة للموازنة، ومن زاوية أن الهدر في الكهرباء يفوق المليار دولار وان من شأن تعزيز الإنتاج ان يخفض من ساعات التقنين، وبالتالي من فاتورة المكلف الذي يدفع للكهرباء ولاشتراك المولدات.
ووزعت خطة الكهرباء على الوزراء ليضعوا ملاحظات عليها أو اقتراحاتهم، تمهيداً لاقرارها، الأمر الذي يعني تعديل هيكلية الموازنة وتخفيض ارقامها أيضاً.
وقال مصدر وزاري لـ«اللواء» أن ترشيق الموازنة وإعادة النظر في ارقامها وارقام عدد من الوزارات من شأنه ان يفتح الباب لادغام السلسلة في الموازنة، مع العلم ان مناقشات الوزراء على طاولة مجلس الوزراء لا تزال تقارب الموازنة بعيداً عن السلسلة.
لذا، استبعد هذا المصدر إقرار الموازنة في جلسة الاثنين، لا سيما وأن الجلسة مقسومة من حيث الوقت إلى شق لخطة الكهرباء، والآخر لأرقام الموازنة.
ولفت المصدر إلى أن تأخر مناقشة خطة الكهرباء التي تستأهل جلسة كاملة للحكومة وربما أكثر نظراً لحيويتها وتأثيرها الايجابي على المالية العامة، من شأنه أن يؤخر مرّة جديدة إنجاز الموازنة، معتبراً انه من غير الممكن عقد جلسة الثلاثاء صباحاً، كما اقترح بعض الوزراء، نظراً لضيق الوقت.
وازاء ذلك، قد يكون من المتعذر إنجاز الموازنة خلال الأسبوع المتبقي من آذار، مما يعني حكماً ترحيلها إلى الأسبوع الاول من نيسان، حيث من الممكن عقد جلسة لمجلس الوزراء قبل سفر الرئيس الحريري إلى بروكسل لترؤس وفد لبنان إلى مؤتمر الدول المانحة الممولة للنازحين السوريين.
وفي السياق، رأى رئيس المجلس نبيه بري أن هناك عملاً مستمراً في ما خص سلسلة الرتب والرواتب، لكنه شدّد على أن المجلس النيابي ليس مسؤولاً عن الضرائب لتمويلها، بل الحكومة هي المسؤولة، والمجلس يُقرّ السلسلة.
وفي تقدير مصادر نيابية أن هذا الموقف يستدعي من الحكومة استرداد السلسلة من المجلس مجدداً، علماً أن هذا الموضوع ليس مطروحاً على جدول الأعمال، بحسب ما يُؤكّد الوزراء.
قانون الانتخاب
وكما جرت العادة، فان الرئيس الحريري تطرق مع الوزيرين علي حسن خليل وجبران باسيل الذي يزور الجنوب غداً، إلى تحريك البحث في قانون الانتخاب قبل الجلسة، ثم استكمل الحديث مع الوزير باسيل وحده بعد نهاية الجلسة.
وحيال الاستعجال للتوصل إلى صيغة مقبولة من الأطراف كشف مصدر في «التيار الوطني الحر» أن الوزير باسيل جدد المطالبة بملاحظات الكتل السياسية على اقتراحه الأخير قبل سفره إلى واشنطن، ليبني على الشيء مقتضاه، والا فإن خيار النسبية هو الورقة الأخيرة التي يتعين إدخال ما يلزم من تعديلات عليها، إذا ما أصبحت هي المعتمدة في صياغة قانون الانتخاب.
وحسب المصدر نفسه في «التيار الوطني الحر» فإن التعديلات يجب ان تأخذ بعين الاعتبار حجم الدائرة الانتخابية، حيث تكون في نقطة وسط بين المحافظة والقضاء، مع الأخذ بعين الاعتبار قدرة الطوائف عى الأقل في إيصال النواب الذين يمثلونها إلى سدة المجلس العتيد.
وقال الوزير باسيل، خلال عشاء الرابطة المارونية مساء أمس ان قانون الانتخاب يجب ان يجمع بين الطائفية والعلمنة، معتبراً ان هذا يكون عبر قانون يحقق التمثيل الفعلي لكل المكونات دون تزوير.
في هذا الإطار، جرى التركيز في الاتصالات على الصوت التفضيلي في القضاء.
وخلافاً للنفي الرسمي للمهلة المعطاة لقانون الانتخاب، فإن دوائر بعبدا تتحدث عن أيام قليلة في الشهر المقبل لإنجاز القانون، كأولوية لا تقبل تحمل ضغط الوقت، ولو كانت على حساب تأخير السلسلة أو حتى السلسلة والموازنة معاً.
وليلاً نقل عن الرئيس نبيه برّي امام زواره ان الاتصالات مستمرة، وإن تباطأت بعض الشيء بسبب سفر الرئيس الحريري والوزير باسيل، متوقعاً دينامية جديدة على هذا الصعيد، وتمديداً للمجلس بين 4 و6 أشهر وصفه بأنه تقني.
في المقابل، لا تخفي مصادر نيابية قريبة من 8 آذار اعتقادها ان المعطيات لا تُشير إلى ولادة قريبة لقانون الانتخاب، اما السبب فتعزيها هذه المصادر إلى ما يلي:
1- عودة فريق التيار الوطني الحر في اللجنة الرباعية إلى اقتراح باسيل الأخير، واعتباره ان النسبية حاضرة فيه من خلال المشروع الارثوذكسي، وانه لا شيء يمنع من أخذ ملاحظات الأطراف بعين الاعتبار، وبالتالي السير بهذا الاقتراح الذي يتفهمه الحزب الاشتراكي وتؤيده «القوات اللبنانية».
وتذكر هذه المصادر بأن الوزير باسيل أبلغ ممثلي الكتل في اللجنة الرباعية ان لا شيء يمنع من تدوير النقاط المختلف عليها في اقتراحه.
2- يتمسك الثنائي الشيعي برفض اقتراح باسيل حتى لو ادخلت تعديلات عليه، لأن الشياطين تكمن في تفاصيله، وأن لا معايير موحدة في هذا الاقتراح، فضلاً عن ان رائحة الارثوذكسي فيه غير مقبولة لدى الطوائف الإسلامية ومنظمات المجتمع المدني.
3- وتشكك المصادر بجدية قبول تيّار «المستقبل» بمبدأ النسبية الكاملة، في ظل اعتراضات متكررة لنواب في كتلة «المستقبل» على هذا المشروع.
4- مجاهرة «اللقاء الديمقراطي» و«القوات» برفض النسبية الكاملة، فضلاً عن ان «التيار الوطني الحر» لا يحبذ فعلاً النسبية الكاملة ويعتبرها خطراً على المسيحيين.
5- عدم سير مجلس النواب بإقرار قانون انتخاب يعترض عليه جهاراً نهاراً النائب وليد جنبلاط الذي يلوح بمناسبة وبلا مناسبة بمقاطعة الانتخابات، وذلك انطلاقاً من ان المجلس ليس في وارد خرق قاعدة الإجماع المعتمدة في التشريعات الوطنية، لا سيما قانون الانتخاب.
وعليه، تقلل هذه المصادر من مهلة الأيام التي تتحدث عنها أوساط الرابية، وتدعو إلى انتظار أسابيع وليس اياماً.
ونسب إلى أوساط معراب اطمئنانها إلى ان تيّار «المستقبل» ليس في وارد القبول بالنسبية الكاملة أو الجزئية، إذا لم تقبل بها «القوات» و«التيار الحر» والاشتراكي.
عين الحلوة
أمنياً، تمكنت الاتصالات الفلسطينية – اللبنانية من احتواء الوضع المتوتر في عين الحلوة، على ان يتم سحب المسلحين إلى الأماكن التي جاؤوا منها قبل اشتباكات ليل أمس الأوّل، وساهم في هذه الاتصالات كل من عضو اللجنة المركزية في حركة «فتح» عزام الأحمد ونائب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» موسى أبو مرزوق الموجود في بيروت، وذلك لتوفير اطار سياسي لحماية الأمن في المخيم من خلال تفاهمات سياسية أو مصالحات فلسطينية – فلسطينية.
وفي إطار أمني آخر، حضرت الإجراءات والتدابير التي تقوم بها وحدات الجيش لملاحقة الخارجين على القانون والمطلوبين في مختلف المناطق، في استهلالية الرئيس الحريري في جلسة مجلس الوزراء أمس، حيث هنأ القوى الأمنية على العملية التي قامت بها وادت إلى القبض على الخلايا الإرهابية بما فيها القبض على قتلة الزيادين (زياد الغندور وزياد قبلان) في العام 2007، وهو كان أجرى اتصالاً هاتفياً بقائد الجيش العماد جوزف عون لهذه الغاية، وهنأه على التدابير التي ينفذها الجيش ومديرية المخابرات في البقاع والضاحية الجنوبية.