في العالم جنون، وفي لبنان عقل...
 

والجنون يؤول الى ممارسة واجب الإنتخاب...

والعقل يؤول الى ممارسة واجب الفراغ...

جنون الربيع العربي لم يحُلْ دون إجراء الإنتخابات: في سوريا وتونس والعراق وليبيا ومصر.

وجنون سيف التكفير كان الصوت التفضيلي لانتخاب هذا «الكاوبوي» الأميركي الذي إسمهُ دونالد ترامب، ليتربَّع رئيساً على قمة جبابرة العالم في البيت الأبيض وهو المتّهم بخلفية ذهنية لا تخلو من الجنون.

وقد أعلنت مجموعة من الأطباء النفسيين خلال مؤتمر جامعة «ييل» منذ يومين «أن دونالد ترامب يعاني من مرض عقلي خطير».

وليس من المستبعد أن تخطئ إستطلاعات الرأي حيال الفوز الرئاسي في باريس كما أخطأت في واشنطن، لأن الجنون لا يخضع لمقاييس الآلات الحاسبة،

ولأن هذه الموجة من الإختلال العقلي التي راحت تكتسح العالم لا بدَّ معها من أن يتولى شؤون الدول والشعوب حكامٌ من المجانين، على قاعدة معالجة الداء بالداء.

والجنون في تحديداته العلمية: إمّا أن يكون مطلقاً فيؤدي الى زوال وظائف العقل، وإما أن يكون نزعة عقلية تتخطّى تراتبية المألوف الى ما هو إبداعٌ وخَلْقٌ: كمثل جنون الفلسفة وجنون العظَمة وجنون العشق والفن والشعر، وبهذا يقول الشاعر:

وكلُّ الناسِ مجنونٌ ولكنْ على قدْرِ الهوى إختلفَ الجنونُ

وهذا يعني أن بعض الإنفلات الجنوني يحمل مفعولاً عكسياً للجنون المطلق، بما يشبه تناقض إزدواجية المفاعيل، ففي السمّ المطلق موتٌ، وفي بعض السمّ دواء، والشيطان في الوحي الديني رجيمٌ، وفي الوحي الشعري مُلهِم.

أما على مستوى الحكم فهناك نوعان من الجنون:

- الجنون السلبي، وهو جنون هولاكو في بغداد، وتيمورلنك في الشام، ونيرون في روما، وهتلر في إلمانيا، وبهذا الجنون يقول مثل الماني: «تدفع أمَّةٌ بكاملها ثمن عمل مجنون يقوم به رجل واحد».

- وهناك الجنون الإيجابي وهو جنون: كونفوشيوس في الصين، وجورج واشنطن في أميركا، وغورباتشوف في روسيا، ووليم الفاتح في إنكلترا، وغاندي في الهند، وجنون الثورة في فرنسا.

لو لم يكن دونالد ترامب مجنوناً لما أرسل الطائرات والمدّرعات والجيوش الى سوريا والعراق، لإنقاذ دم المسلمين من سيوف الإسلاميين...

ولو لم يكن الأمير بشير الثاني مجنوناً، لما استعان «بأَخوت شانيه» لجرّ المياه من نبع الصفا الى قصر بيت الدين...

ولولا الجنون الماروني - الماروني، لما كان هناك زعماء أقوياء جداً في الطائفة المارونية...

في زمن ممارسة حق الإقتراع ببصمة إبهامٍ مطبوعٍ بالدم.

وفي زمن اغتيال ظلال الله على الأرض.

فإنّ الآدميين، إنْ لم يصبحوا مجانين فإنما يكونون قد خلقوا بالولادة بلا عقل.

ونحن في لبنان الوطن، الذي صدَّر العقل الى العالم: مع كل ما حصَلَ عندنا وعلينا وفينا ومعنا وحولنا، أصبحنا شعباً مجنوناً إلّا حكامنا والمسؤولين وقد فـاق عندهم العقل وفاض..

اللهمَّ سألتك: أن تجعلهم مجانين.