السيسي يؤكد تأييد مصر لموقف الحكومة اللبنانية التي تساهم في 'تجنب كافة أشكال التوتر والتطرف المذهبي والديني'.
 

لم تخل زيارة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري إلى القاهرة من دلالات سياسية رغم أنها تأتي في إطار اجتماعات دورية للجنة العليا المشتركة بين البلدين.

وهذه أول زيارة عربية للحريري منذ توليه منصب رئاسة الحكومة في ديسمبر من العام الماضي، في إطار تسوية شاملة أفضت إلى انتخاب ميشال عون رئيسا للجمهورية.

وأثارت زيارة الحريري لمصر كأول محطة عربية له، شكوك البعض إزاء العلاقات اللبنانية السعودية خاصة وأنه كان هناك اعتقاد سائد بأن الرياض ستكون تلك المحطة ليرد الحريري من القاهرة، “للمشككين في علاقتي مع المملكة أقول لهم إنهم سيرونني قريبا في السعودية والعلاقة معها ممتازة”.

وتؤكد أوساط سياسية مصرية أن زيارة سعد الحريري للقاهرة ولقائه بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الأربعاء، فرصة مهمة للخروج برؤية موحدة تجاه القضايا المشتعلة في المنطقة قبيل انعقاد القمة العربية بالأردن في الـ29 من مارس الجاري.

وعلى ضوء الاستعدادات الحثيثة للجانب الأردني والتحركات الماراطونية، يتوقع محللون أن تكون هذه القمة استثنائية من حيث رسم الإطار العام لحل القضايا الشائكة في المنطقة وعلى رأسها الأزمة السورية، ومواجهة النفوذ الإيراني.

ومعلوم أن مصر تتبنى الحل السياسي كأساس لإنهاء الصراع السوري مع المحافظة على مؤسسات الدولة وعلى رأسها الجيش، وهذا أمر طبيعي بحكم طبيعة النظام هناك.

وقد برزت معطيات في الفترة الأخيرة عن سعي مصري لإعادة تفعيل عضوية سوريا المجمدة في الجامعة، بيد أن هذه المساعي على ما يبدو لم تثمر، حيث صرح أمينها العام بأن مقعد سوريا سيعطى للحكومة الانتقالية التي سيتم التوافق بشأنها في جنيف.

ورغم تصريحات أبوالغيط، يتوقع مراقبون أن يأخذ الحديث عن هذه المسألة حيزا مهما في النقاشات بين القادة العرب.

وفي ما يتعلق بلبنان ورؤيته للأزمة السورية هناك انقسام واضح بين مكوناته المؤثثة للسلطة، حيث يدعم شق نظام بشار الأسد، في مقابل يؤيد شق آخر المعارضة السورية، ولكن مع تنامي التهديدات باتت هناك قناعة في لبنان المجاور لسوريا بضرورة التوصل إلى حسم سياسي للملف سريعا.

ودعا الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي عقب لقائه برئيس الحكومة اللبناني سعد الحريري إلى “ضرورة معالجة جذور الأزمات القائمة في المنطقة بشكل يضمن الحفاظ على وحدة أراضي دولها وسلامتها الإقليمية واستعادة استقرارها بما يصون مصالح ومقدرات شعوبها”.

من جانبه أكد الحريري أنه سيذهب والرئيس ميشال عون بموقف موحّد إلى القمة العربية، التي يتوقع أن تكون الأطماع الإيرانية في المنطقة أحد أهم بنودها.

ويصارع لبنان اليوم من أجل الفكاك من قبضة طهران التي يؤمنها حزب الله اللبناني، ويجد رئيس الحكومة اللبنانية كما هو الشأن بالنسبة للرئيس ميشال عون صعوبة حقيقية في التعامل مع هذه المسألة الشائكة.

وقال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إن بلاده تؤيد بشكل كامل مواقف الحكومة اللبنانية التي تساهم في “تجنب كافة أشكال التوتر والتطرف المذهبي والديني”، وترفض أي مساع للتدخل في شؤون هذا البلد.

ويأمل الحريري في أن تدعم الدول العربية جهوده في العودة التدريجية إلى محيطه العربي، مذكرا تلك الدول بأن اتخاذ موقف سلبي من لبنان سيعزز النفوذ الإيراني هناك لا العكس.

زيارة الحريري إلى مصر تأتي أيضا في ظل تصعيد كلامي إسرائيلي يستهدف لبنان، وأيضا يستهدف القضية الفلسطينية، ومن المرجح أن يكون الموضوعان حاضرين بقوة في لقاء السيسي ورئيس الحكومة اللبناني.

وبما أن هدف الزيارة الأساس ترؤس وفد لبنان في اللجنة العليا المشتركة بين البلدين، تؤكد مصادر مصرية أنه تم التوافق على تعزيز حجم الاستثمارات بينهما.

وشدد جمال بيومي مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق لـ“العرب”، على أهمية البعد الاقتصادي في الزيارة، وفرص الاستثمار في مصر، على أساس أن الدولتين شريكتان في منطقة تجارة حرة عربية تشمل 17 دولة.

وأشارت مصادر غير رسمية إلى أنه جرى التطرق إلى عملية انضمام لبنان إلى “تحالف الغاز المصري- اليوناني- القبرصي” في شرق المتوسط، الأمر الذي ينطوي تحقيقه على أبعاد سياسية واقتصادية، من زاوية بعض الترتيبات التي لها علاقة بخارطة الغاز الإقليمية.

ومعروف أن بيروت طرحت في شهر فبراير الماضي، مناقصة دولية للتنقيب عن النفط والغاز في مياه لبنان الإقليمية.

وينتظر أن تستقبل في الفترة المقبلة عروضات من مستثمرين، الأمر الذي يثير حفيظة الجانب الإسرائيلي.

 

 

سعيد قدري