كرر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو تحميل الرئيس الفلسطيني محمود عباس و «حماس» مسؤولية الهجوم على الكنيس في القدس أمس وقتل أربعة إسرائيليين، فيما رد عليه رئيس جهاز الأمن العام (شاباك) يورام كوهين برأي مغاير تماماً، عندما قال لأعضاء لجنة الخارجية والأمن البرلمانية إن الرئيس عباس ليس ضالعاً في تأجيج مشاعر الفلسطينيين في القدس، «لا علناً ولا خفيةً»، محذراً من تحويل الصراع إلى ديني. (للمزيد) ودان الرئيس الأميركي باراك أوباما «الهجوم المروع» الذي أسفر عن مقتل أربعة أشخاص هم ثلاثة مواطنين أميركيين ورابع بريطاني، ودعا إسرائيل والفلسطينيين الى التهدئة، وقال: «في هذه اللحظات الحساسة في القدس، أصبح من المهم جداً بالنسبة إلى القادة الإسرائيليين والفلسطينيين والمواطنين العاديين العمل معاً للتعاون لخفض التوترات ورفض العنف والسعي إلى إيجاد سبيل نحو السلام». ودانت وزارة الخارجية الروسية «الجريمة غير الإنسانية»، ودعت «الفلسطينيين والإسرائيليين إلى اتخاذ تدابير عاجلة لكبح المتطرفين الذين تهدد أعمالهم بتفجير الوضع كلياً»، فيما دانت فرنسا وتركيا الهجوم، وحضت الأمم المتحدة إسرائيل على عدم تصعيد الموقف. ونددت الرئاسة الفلسطينية بالهجوم الذي تبنته «كتائب الشهيد أبو علي مصطفى» الذراع العسكرية لـ «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، فيما باركت القوى والفصائل الفلسطينية الهجوم واعتبرته «رداً طبيعياً على جرائم الاحتلال» الإسرائيلي. ووفق رواية الشرطة الإسرائيلية، فإن شابين فلسطينيين دخلا صباح أمس الى الكنيس في حي «هار نوف» لليهود المتشددين في القدس الغربية وكانا يحملان ساطوراً ومسدس، وهاجما المصلين، فقتلا أربعة إسرائيليين وأصابا ثمانية آخرين، قبل أن يصل عناصر الشرطة الى الموقع ويطلقوا النار على الفلسطينيين اللذين قتلا على الفور. ومنفذا العملية هما عدي وغسان أبو جمل، وهما ابنا عم، من حي جبل المكبر في القدس الشرقية المحتلة. وفي موقف لافت، قال رئيس «شاباك» إن قيادة السلطة الفلسطينية لا تدعو إلى العنف، «وأبو مازن يؤكد أنه لا ينبغي إشعال انتفاضة ثالثة. لكن قد يكون هناك بين الفلسطينيين من يُفسر تصريحات أبو مازن على أنها دعوة للتصعيد». ورأى مراقبون أن تصريح كوهين قد «يهدئ» وزراء اليمين الذين أطلقوا تصريحات تتوعد الرئيس الفلسطيني، بينهم زعيم «البيت اليهودي» الوزير نفتالي بينيت وأقرب الوزراء من رئيس الحكومة يوفال شتاينتس، الذي قال إن «الأيادي التي أمسكت بالفؤوس ونفذت العملية في الكنيس هي أيادي مخربين، لكن الصوت صوت أبو مازن». وصدرت أصوات ما زالت على الهامش تنادي بفرض حصار على الرئيس الفلسطيني في «المقاطعة» في رام الله. وحذر رئيس «الشاباك» من «تحويل «المسجد الأقصى إلى لب صراع ديني»، ودعا نوابَ اليمين إلى عدم طرح اقتراحات لتغيير «الوضع القائم» في المسجد الأقصى. وأضاف أن «لا خلفية أمنية» لمنفذَي هجوم أمس، فهما لم يتدربا من قبل ولم يقوما بالعملية بتعليمات من أي تنظيم. وانضم الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريبلين إلى التحذير من الأبعاد الخطيرة لإقحام العامل الديني في الحادثة، وقال إن «الصراع ليس دينياً بين يهود ومسلمين، إنما هناك خلاف شديد بين إسرائيل والفلسطينيين»، ودعا «جميع الأطراف» إلى وقف التحريض، محذراً من «الظاهرة الخطيرة التي تهدد المواطنين الإسرائيليين». كما دعا قادة الأحزاب المختلفة إلى نبذ فكرة تبكير الانتخابات. من جهة أخرى، أقر القائد العام للشرطة بأن إسرائيل لا تملك «معادلة سحرية لمواجهة عمليات فردية غير منتظمة». في غضون ذلك حذر مراقبون من أن يربط نتانياهو رد الفعل الإسرائيلي على العملية بانتخابات مبكرة محتملة تدفعه أجواؤها في العادة إلى العودة إلى قواعد اليمين المتشدد خالعاً عنه زي السياسي المسؤول. وأشار هؤلاء إلى أن نتانياهو خسر في الأشهر الأخيرة «ذخره الرئيسي» الذي تباهي به خلال خمس سنوات، وهو استتباب الأمن الشخصي للإسرائيليين، مستذكرين أن عشرة إسرائيليين قتلوا في الفترة الأخيرة في خمسة حوادث. ورأى معلقون «سماتٍ دينيةً» في هجوم أمس، بدليل اختيار المنفذَيْن مكان عبادة، مستذكرين سمات مماثلة في اعتداءات مستوطنين على مساجد في الضفة الغربية «لكن من دون قتل مصلين». وحذر أحدهم من أن استمرار أحداث كهذه على خلفية دينية قد تدهوِر الأوضاع نحو انتفاضة ثالثة تعم أراضي الضفة الغربية كلها، وتشعر بها تل أبيب أيضاً وليس القدس وحدها.