بعيداً عن بروباغندا «الإعلام الحربي» الذي ينتهجه النافخون في نيران الأزمات والضاربون على طبول الحرب ترويعاً لمواطنين آمنين من هنا وتهليلاً لمعركة دموية طاحنة من هناك، كان الجيش اللبناني وسيبقى وحده السد الوطني المنيع والدرع العسكري الواقي في مواجهة المد الإرهابي العابر للجرود والحدود، لا شريك له ولا شرعية لسواه في هذه المهمة ذوداً عن أراضي اللبنانيين وقراهم وأرواحهم. وبهذا المعنى المبدّد لكل تشويش على أداء المؤسسة العسكرية ودورها الحافظ للبلاد والعباد مواطنين كانوا أو نازحين ومقيمين، جاءت جولة قائد الجيش العماد جوزيف عون على المراكز العسكرية المرابطة في المنطقة الجردية الحدودية ليطمئن الأهالي، ولا سيما منهم أبناء القرى المحاذية لشرارة النار السورية في الطفيل وعرسال، إلى أنهم في حمى الدولة ومؤسساتها الشرعية مهما تعاظمت التحديات. 

وبالتزامن مع ما كشفته مصادر عسكرية رفيعة لـ«المستقبل» أمس من أنّ قائد الجيش أعطى خلال الساعات الأخيرة توجيهاته للقوى العسكرية العملانية المنتشرة في منطقة عرسال «بتوفير أقصى درجات الحماية للأهالي انطلاقاً من حرص المؤسسة العسكرية على أمن مواطنيها

وسلامتهم في كل الظروف»، برزت الزيارة التفقدية التي قام بها العماد عون للقوى العسكرية المُنتشرة في منطقة الطفيل ومحيطها في جرود بعلبك حيث جال في مراكزها واجتمع بالضباط والعسكريين وزودهم بالتوجيهات اللازمة، خصوصاً أنها المرة الأولى، وفق ما لفتت المصادر، التي تسجَّل فيها زيارة من هذا النوع لأحد أقرب المراكز المتاخمة لبلدة الطفيل الحدودية مع سوريا (على بُعد نحو كيلومترين من البلدة)، وهو ما اعتبرته بمثابة «رسالة» حرص قائد الجيش على توجيهها لأهالي البلدة وتؤكد أنّ الجيش يكفل حمايتهم ويتكفل بهذه المهمة.

وخلال الجولة، شدد عون على اتخاذ كافة التدابير الميدانية لحماية البلدات والقرى الحدودية، وتأمين سلامة أهلها من أي خرق إرهابي، مؤكداً قدرة الجيش وإصراره على مواجهة مختلف المصاعب التي ستعترضه في إطار جهوده الآيلة إلى دحر التنظيمات الإرهابية، بالاستناد إلى الكفاءة القتالية التي أثبتها في أكثر من محطة وتجربة، وإلى الالتفاف السياسي والشعبي حوله. وأردف مضيفاً: «الجيش الذي استطاع أن يحمي لبنان في أصعب الظروف التي مرّ بها، سيحميه حاضراً ومستقبلاً مهما كلّفه ذلك من أثمان وتضحيات، ولن يصغي إلى ضجيج بعض الأصوات المُغرضة التي تعلو بين الحين والآخر، للتشويش على أداء واجبه المقدّس في الدفاع عن الوطن والحفاظ على أمنه واستقراره».

توقيف «العنصريين الخمسة»

في الغضون، وغداة ما أعلنه وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق لـ«المستقبل» عن طلبه من الأجهزة القضائية التحرك حيال الشريط المصوّر الذي يُظهر عدداً من الشبان العنصريين أثناء تعرضهم بالضرب والشتم والإهانة لأحد النازحين السوريين، تمكنت شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي أمس من توقيف الشبان الخمسة الضالعين في تعنيف النازح السوري، وذلك بناءً على إشارة المدعي العام التمييزي القاضي سمير حمود، على أن يتسلّم اليوم ملف التحقيق معهم تمهيداً لإحالتهم الى مدعي جبل لبنان كلود كرم.

وفي المعلومات المتوافرة حول الموقوفين الخمسة، أنهم من سكان منطقة الدكوانة وأحدهم «عسكري مطرود» وكانوا قد ارتكبوا جرمهم اللاإنساني بحق النازح المدعو «عقلة» أثناء مروره في أحد أحياء منطقة رأس الدكوانة بدوافع شخصية استعراضية تدعي الحرص على المؤسسة العسكرية.

«السلسلة»

أما في جديد المستجدات التشريعية، فقد نجح التعاضد الحكومي والنيابي أمس في طيّ صفحة سلسلة الرتب والرواتب بمختلف إصلاحاتها وزياداتها وإيراداتها، وهو ما شكّل إنجازاً وطنياً يقوم على ركيزتين أساسيتين: منح كل ذي حق حقه من موظفي القطاع العام والمحافظة على ملاءة الدولة عبر تأمين الإيرادات اللازمة للزيادات المقرّة منعاً لإرهاق وإغراق الخزينة.

وفي هذا الإطار، كتبت الزميلة هلا صغبيني، بعد خمس سنوات من الأخذ والرد والتحركات المطلبية، طوى مجلس النواب أمس ملف سلسلة الرتب والرواتب الذي ولد من رحم توافق سياسي والتقاء مكونات حكومة «استعادة الثقة» على وجوب إعطاء الحق لأصحابه ورفع الحد الأدنى للرواتب والأجور وإعطاء زيادة غلاء معيشة للموظفين والمتعاقدين والأجراء في الإدارات العامة والجامعة اللبنانية والبلديات والمؤسسات العامة غير الخاضعة لقانون العمل وتحويل رواتب الملاك الإداري العام وأفراد الهيئة التعليمية في وزارة التربية والتعليم العالي والأسلاك العسكرية، وسط إصرار حكومي – نيابي مشترك على أن يكون لكل زيادة إيراد يغطيها.

ففي ختام اليوم الثاني من الجلسة التشريعية، أقر المجلس «السلسلة» بعدما درس جزءها الثاني المتعلق بموارد تمويلها وتغطية تكاليفها المقدرة بنحو 1772 مليار ليرة، وذلك غداة التوافق على إعطاء زيادة للمتقاعدين بشرط تجزئتها على 3 سنوات. وبينما تُعرب مصادر مالية عن أملها في أن يكون لـ«السلسلة» انعكاس إيجابي على الوضع الاقتصادي يترجم على المدى المنظور نشاطاً في الحركتين الاقتصادية والتجارية، أعربت قوى نقابية بدورها عن ترحيبها بإقرار «السلسلة» وقالت إن هذا الإجراء ترك ارتياحاً كبيرا وصدى طيباً لدى أصحاب الحقوق بعد معاناة طويلة. وإذ اعتبرت أن إقرار «السلسلة» إنجاز مهم للجميع، نوهت بالتعاون البناء بين الكتل النيابية لإنجاز «السلسلة»، ما ضمن إقرارها من جهة وتخفيف الضرائب على ذوي الدخل المحدود من جهة أخرى، مطالبة بتركيز الجهود في المرحلة المقبلة على إصلاح الإدارة وتفعيلها. (تفاصيل ص 9)

اذاً، صادق مجلس النواب أمس على جملة ضرائب وغرامات لتمويل «السلسلة» بعدما كان صادق على بعض منها في جلسته في آذار الماضي وكان أبرزها حينها رفع الضريبة على القيمة المضافة بواقع 1 في المئة من عشرة في المئة الى 11 في المئة.

أبرز الضرائب التي أقرت هي:

- رفع معدل الضريبة على الفوائد المصرفية من 5 في المئة حالياً الى 7 في المئة، ويتوقع أن تبلغ ايراداتها نحو 300 مليار ليرة.

- إلغاء حق الحسم بالنسبة للمصارف (ويتوقع أن تبلغ إيراداتها نحو 350 مليار ليرة).

- رفع معدل الضريبة على شركات الأموال من 15 في المئة الى 17 في المئة (نحو 140 مليار ليرة إيرادات متوقعة).

- فرض رسم 5000 ليرة على المسافرين غير اللبنانيين لدى دخولهم الأراضي اللبنانية براً.

- إلغاء الزيادة على الدرجة السياحية التي كان منصوص عليها في المادة 11 والمتعلقة بالرسوم على المغادرين جواً، والتي كانت زيدت الى 75 ألف ليرة وبقيت على مستواها البالغ 60 ألف ليرة. وبالتالي، صدّقت المادة 11 معدّلة كالآتي: إقرار رسوم على المسافرين عبر الجو 60 ألف ليرة للدرجة السياحية، 110 آلاف لدرجة رجال الأعمال، 150 ألف للدرجة الأولى و400 ألف للمسافر على متن طائرات خاصة.

- فرض رسوم على المستوعبات المستوردة كما وردت في المادة 12 من دون تعديل، أي أن يُفرض على المستوعبات المستوردة من الخارج رسم مقطوع وفقاً لما يلي: مستوعب قياس 20 قدماً 80 ألف ليرة، وقياس 40 قدماً 120 ألف ليرة. علماً أن الإيرادات المتوقعة من هذا الرسم هي في حدود 30 مليار ليرة.

- التصديق على المادة 13 التي تفرض غرامات على الأملاك العمومية البحرية والمتعلقة بـ«استيفاء مبالغ على الإشغال غير القانوني للأملاك العمومية البحرية والنهرية والبرية العائدة للمؤسسات العامة والبلديات من دون إعطاء صاحب العلاقة أي حق مكتسب».

- إخضاع جوائز اليانصيب لرسم نسبي قدره 20 في المئة من قيمة الجوائز (ايرادات مقدرة بنحو 10 مليارات ليرة).

- بالنسبة الى نسبة التخمين على الشركات والمؤسسات الخاصة والتي حددت في المادة 15 بنسبة 15 في المئة فخفضت الى 10 في المئة وذلك من أجل مساعدة الشركات على التخمين. وهنا، قال الرئيس سعد الحريري في رده على المطالبين بزيادة هذه النسبة «نريد توظيف الناس، ونحن عندما نخفض فذلك من أجل التحفيز، ما نريده من أجل تأمين فرص عمل ولتفعيل الاقتصاد إما نجعلها 5 في المئة وهذا أفضل وإذا كنا سنبقيها 10 في المئة ولكن إذا زدنا ليس هناك مصلحة، ولننتظر سنة حتى نرى كم شركة لجأت الى التخمين».

- فرض رسم قدره 2 في المئة من أصل رسم الفراغ العقاري عند تنظيم عقد بيع عقاري ممسوح، ويضاف إليه الرسم البلدي ويُعتبر المبلغ المسدد على العقد كدفعة من أصل قيمة رسم الفراغ العقاري، على أن يبادر الشاري إلى التسجيل على الصحيفة العينية خلال مهلة ستة أشهر على الأكثر من تاريخ انقضاء مهلة ترقين القيد الاحتياطي، وإلا توجب عليه رسم التسجيل كاملاً.