وضعنا المفكر الاسلامي الايراني, الدكتور على شريعتي, أمام مفاهيم جديدة لحدث تاريخي لا تزال مضاعفاته تعتمل في البنية الاسلامية, وكأنَ ماحصل في بدايات العهد الأموي يتجدد في حياة المسلمين و بطرق غرائبية أسهمت في بناء حائط طائفي وآخر مذهبي كرَس الانقسام السياسي وأفضى الى منازعات هشَمت من هوية الوحدة الاسلامية وكرَست هويَات مذهبية مختزلة للدين والحقيقة بقوَة السيف .أشار شريعتي الى الاحيائية الشيعية للثورة الحسينية على أنَها وافدة على المذهب ودخيلة عليه, من السواد الى اللطم, وضرب الرؤوس والظهور, والتمثيل الذي اتسعت له مشاهد منقولة من أوروبا الشرقية, و من خلال المسؤول الفارسي الصفوي الذي شاهد في زيارة له كيفية تشيع جنازة المسيح-ع- فهاله أذى المشيعيين فنقل أدواته الى ايران فاستحسنتها القيادتان السياسية والدينية, وتمَ اسقاطها على الحدث الكربلائي, وأضافت خصوصيَات فارسية عليه, ومن ثمَ تمَ التعاطي مع الاسقاط السياسي على أنَه مُقدَس ديني .نحن في لبنان وقبل حرب عام 1975كنا نداول عاشوراء بطريقة موروثة تقرأ فيها السيرة ,وينشدُ فيها الشعر الحسيني, وتوزَع فيها الحلوة, وما تعاون عليه النَاس من أطعمة ومشارب, والى جانب المداولة الشعبية للعاشورائية, كانت النُخب تحيَ الذكرى والمناسبة في الجمعيَات الثقافية بنفس الطريقة مع اضافة أساسية للخطب المؤسسة لجيل اسلامي, لا طائفي, ولامذهبي, كما كان يفعل روَاد الحركة الاسلامية (الصدر-شمس الدين – فضل الله ) لم نسمع آنذاك من يكنَه دولة ,أو جهة اسلامية بالزيدية ,ولم يشخَص أحد من روَاد الدين والسياسة في لبنان جماعة أو تيَار, أو شخص, أو أيَ كيان اسلامي, ومن موقع الاختلاف معه في الفهم الاسلامي, بأنَهم من اليزيدية التي اقترفت أكبرجريمة في التاريخ الاسلامي بحقَ امام يسكن حبه قلب كل مسلم . لقد ارتفعت القيادات الاسلامية الشيعية في احيائياتها الكربلائية, وفي مواقفها وخطبها العاشورائية, الى مستويات متقدَمة من مسؤولية الحسين (ع), ودوره الريادي, والتاريخي ,في اصلاح الأمَة, لا في تدميرها . لذا نزعت الطائفة الشيعية آنذاك منزعاً اسلامياً, ولم تكن الطائفة سوى مذهب في الفهم الاسلامي يعتمد المحاورة بالتي هي أحسن, ولا يدَعي خطأنية المذاهب الاسلامية, وصوابية العصبية الطائفية . ربما أفلح المرشدون الآوائل في التعاطي مع المأساة الحسينية ,ومع الثورة الاصلاحية للامَة, بطريقة منسجمة مع المعطى التاريخي من جهة, ومع الواقع من جهة ثانية, فاحتلوا صدارة التأسيس لمشروع اسلامي يحمي المذاهب, ويوفَر لها الملاذ الآمن, باعتبارها ثروة فكرية أسهمت وتسهم في أغناء المعرفة الاسلامية, وفي شدَ آواصر الوحدة, حتى لا تذهب ريح المسلمين هباءًا, أو كما هي اليوم في اتجاه بعضهم البعض . بالتأكيد ثمَة دور كبير للمعطى السياسي والطائفي الانقسامي والمنتعش من القضايا الخلافية, لذا يعمل دائماً بوحي المصلحة الذاتية لتكبير رأسماله في السوق المحلي,و من هنا أسست جماعات اللحى من أهل التطرف والتكفير دعوات فتنة بين المسلمين هددت وتهدد الجماعة الاسلامية أينما وجدت, وفي أيَ رقعة جغرافية, وما يجري في اليمن والعراق وسورية, وما يخبأه الموقد الطائفي اللبناني من جمر مذهبي, وما يجري في البحرين, واللائحة طويلة جداً ,بعواقب الأمور, وبهدم كعبة لا اله الا الله محمد رسول الله .