بلغ ملف الزوار اللبنانيين المخطوفين في أعزاز «خاتمته السعيدة»، وأطلق سراحهم مساء أمس وتم نقلهم من مكان احتجازهم في الأراضي السورية الى تركيا، في إطار صفقة قد تتوسع لاحقاً لتشمل أسرى ومعتقلين من أطراف الحرب في سوريا، وتشارك فيها قطر. 

وأعرب المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم عن بالغ ارتياحه لانتهاء هذه المأساة التي اثقلت اللبنانيين لأكثر من سنة ونصف السنة، وقال: لا شك بأن هذا الامر يدخل السرور الى قلب كل لبناني، وما ينبغي أن نقوله في هذا المجال هو مبروك للبنان. 

وفيما نقل عن اللواء ابراهيم أن المخطوفين أصبحوا في يد السلطات التركية، وسيكونون في لبنان خلال 24 او 48 ساعة. نفى ابراهيم ما تردد عن أنه التقى بهم أمس، وقال: لقد وصل المخطوفون اللبنانيون الى تركيا، وأستطيع القول إنهم اصبحوا في أيدٍ أمينة وفي مكان آمن، والمسألة تحتاج الى ساعات قليلة. 

وفيما أكدت مصادر مواكبة للإجراءات اللوجستي أن المخطوفين سينقلون الى بيروت اليوم، ينتظر اللواء ابراهيم في اسطنبول ليتسلمهم، وقال إنه سيبحث إجراءات نقلهم الى لبنان مع وزير الداخلية مروان شربل، ولذلك لم يشأ تحديد موعد محدد للعودة، علماً أن رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي تبلغ من وزير الخارجية القطري خالد العطية انه سيرافق اللبنانيين المحررين الى لبنان قبل ان ينتقل الى قطر. 

وقال إبراهيم: ثمة ترتيبات لوجستية يجري إعدادها وسنتحرك عندما يتم إنجازها، وما نقوله الآن إن الأمور بالنسبة الى الشق المتعلق بالمخطوفين اللبنانيين قد انتهى وأقفل. 

ولفت ابراهيم، رداً على سؤال، الى ان قضية التركييْن المخطوفين ليست مرتبطة بقضية المخطوفين اللبنانيين وقال: أعتقد أنه ما دامت قضية المخطوفين اللبنانيين قد حُلت، فيفترض ان تنتهي قضية الطياريْن التركييْن ويُفرج عنهما. 

بدوره أكد وزير الداخلية مروان شربل ان قضية المخطوفين اللبنانين قد انتهت وتم نقلهم مساء الى تركيا، «وهذه بشرى للبنانيين ولذوي المخطوفين، وتبقى آلية تسليمنا إياهم من قبل السلطات التركية، وهذا ما سيتم التباحث حوله اليوم السبت مع الجانب التركي». 

وفيما تحدث الوزير شربل عن إمكان نقل الطياريْن التركييْن الى تركيا في الساعات المقبلة، وكذلك مجموعة من المعتقلات المفرج عنهن، ضمن هذه الصفقة، من قبل النظام السوري، ذكرت معلومات ان الجهود كانت منصبة في ساعات الليل على حلحلة عقدة كيفية نقل السجينات السوريات المفرج عنهن، الى تركيا، حيث طالب خاطفو الزوار اللبنانيين بأن يتولى الجانب اللبناني نقلهن الى هناك، وقالت مصادر وزارية إن هذا الموضوع لن يشكل عقدة، خاصة أن القطوع الصعب قد مر وانتهى. 

وبعد الإعلان عن إطلاق المخطوفين شهدت الضاحية الجنوبية اجواء فرح وتجمعات للمواطنين وذوي المخطوفين لمواكبة آخر التطورات في هذه القضية.

من جهة ثانية لفتت صحيفة الاخبار الى الاسباب التي ساهمت في الاسراع في اطلاق سراحهم فقالت الصحيفة :
أسباب عديدة ساهمت في التوصل إلى الحل، بعد عملية الاعتقال الطويلة. في الميدان السوري، سيطر تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) على مدينة أعزاز، ولاحق مقاتلي «لواء عاصفة الشمال» الذي يحتجز اللبنانيين. بات الأخيرون في خطر. رعاة «عاصفة الشمال» في تركيا وقطر لم يتمكنوا من تحصيل ثمن سياسي من حزب الله وإيران لقاء تحرير المخطوفين. وفي ظل هجوم «داعش» وإمكان تصفيتها للبنانيين في حال وقعوا بين أيدي مقاتليها، صار الزوار التسعة عبئاً على القطريين والأتراك. الدوحة تنسحب من سوريا، ولا مصلحة لها في إبقاء هذا الجرح النازف الذي يوسع الهوة بينها وبين حزب الله وإيران. وفي ظل تقدّم السعودية في الميدان السوري على حساب القوى المسلحة التابعة للدوحة وأنقرة، أتت عملية خطف الطيارين التركيين في لبنان لتزيد من ثقل حمل المخطوفين اللبنانيين على كاهل السلطة التركية.
على هذه الخلفية، وُضِعَت اللمسات الأخيرة التي أدت إلى حل قضية المخطوفين اللبنانيين في أعزاز. خاطف اللبنانيين، عمار الداديخي المعروف بأبو إبراهيم، قُتِل. تنظيمه المبني من مهربين وقطاع طرق يحتضر تحت ضربات «داعش». راعيتاه تركيا وقطر تتراجعان في الميدان السوري. ما الذي حققه خاطفو اللبنانيين؟ لا شيء سوى أن ملف المخطوفين كان مفتاحاً استخدمته قطر عندما أرادت فتح باب التواصل مجدداً مع حزب الله في لبنان، ومع إيران على الضفة الأخرى من الخليج. في المحصلة، كانت قطر المسؤولة الاولى عن الخاطفين، تمويلاً ورعاية وتسليحاً. وبعد 17 شهراً على ارتكابها خطيئة الخطف، قررت الدوحة «التكفير عن ذنبها»، فأطلقت اللبنانيين.
وفي المقابل، سيُقفل الإفراج عن المخطوفين التسعة ملف المخطوفَين التركيين في لبنان. فبحسب مصادر خاطفيهما، فإنهم سيطلقون سراحهما فور صدور بيان رسمي تركي يُعلن أن المخطوفين اللبنانيين باتوا على الأراضي التركية. وقال رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان: «توصلنا الى تطورات إيجابية بشأن الإفراج عن الطيارين التركيين».
وكان وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال سليم جريصاتي قد اعلن أمس أن «المعادلة في المنطقة تغيّرت، والوساطات جدية على صعيد السعي لإطلاق سراح مخطوفي أعزاز»..