تجدّدت أزمة البنزين وعاد مشهد الطوابير الممتد لمئات الامتار امام المحطات الى الواجهة، ويبدو انّ الامور تتجّه الى مزيد من التأزم في الايام المقبلة، ما يدفع بالمواطنين الى الوقوف لساعات امام المحطات، حتى لو كان ينقص سيارتهم 10 آلاف ليرة فقط لملء الخزان.

 

مرّ اسبوع على اعلان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، انّه سيقوم بتأمين الاعتمادات اللازمة المتعلقة بالمحروقات، محتسباً سعر الدولار على الليرة اللبنانية تبعاً لأسعار السوق، وحتى الآن لم يتمّ الاتفاق على سعر السوق، ومع إحجام مصرف لبنان عن فتح اعتماد لشحنة البنزين أمس، في مقابل السماح بفتحها لشحنتي المازوت وشحنة الغاز، مؤشر الى انّ السوق يتجّه الى مزيد من الاختناق.


 

في هذا السياق، يؤكّد رئيس لجنة الطاقة النيابية النائب نزيه نجم، انّ هناك خلافاً على سعر الصرف الذي سيُعتمد لتسعير المحروقات مع رفع الدعم. «فحاكم مصرف لبنان رياض سلامة يصرّ ان تكون التسعيرة وفقاً للمنصة التي هي حالياً بـ 18 الف ليرة، اذا تراجع سعر المنصّة تتراجع معه، واذا ارتفع ترتفع معه. من جهتنا تمنّينا على الحاكم ان يكون رفع الدعم تدريجياً، لأنّه من المتوقع ان تُقرّ البطاقة التمويلية خلال 10 أيام، على ان يتحرّر السعر بعدها. لانّه من غير المنطقي رفع الدعم كلياً من دون توفّر أي حلول في المقابل. لذا استمهلناه أسبوعاً او 10 أيام قبل السير برفع الدعم، الّا انّ الاجتماع انتهى على هذا التمني».

 

ورداً على سؤال، أوضح نجم انّ «مصرف لبنان أعطى موافقة امس لإدخال شحنتي مازوت تحويان على حوالى 47 مليون طن وشحنة 1000 طن من الغاز على سعر 3900 ليرة، لأنّه سبق وأعطى موافقة مسبقة على استيرادها، وليس انّه عدل رأيه بخصوص سعر الصرف الذي سيُعتمد لاستيراد المحروقات. أما عدم موافقته على شحنة البنزين فربما لأنّها لم تحصل على موافقة مسبقة قبل استيرادها». وأشار نجم الى انّ الشحنات التي وافق مصرف لبنان على إدخالها امس هي بالمبدأ آخر شحنات تُسعّر وفق 3900 ليرة أي قبل رفع الدعم.

 

وذكر انّ من المتوقع ان يتخذ مجلس النواب في الجلسة التي دعا اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري يوم الجمعة، قراراً بموضوع وقف الدعم، وذلك بعد رسالة رئيس الجمهورية في هذا الخصوص.

 


أما في ما خصّ موضوع الكهرباء، فقد ابلغ وزير الطاقة ريمون غجر خلال اللقاء انّه يعدّ خطة من شأنها ان تؤمّن الكهرباء ما بين 12 الى 16 ساعة، وهو يدرس حالياً كلفتها، وعلى هذا الأساس ينوي رفع التعرفة. وقد طلبنا منه خلال اللقاء ان يُطلع اللجنة عليها، وعن الكميات التي تحتاجها من المازوت او من الفيول وكلفة كل منهما، وسبل تأمين التمويل للخطة، على ان تقرّها اللجنة اذا كانت مدروسة وحقيقية وقابلة للحياة، لتُحال بعدها الى مجلس النواب ريثما يتم إقرارها.

 

وتحدث نجم عن مشكلة تعاني منها وزارة الطاقة ومؤسسة كهرباء تتمثل خصوصاً، انّه مهما ارتفعت الجباية ومهما وصل حجم موجوداتها بالليرة لا يمكن شراء الفيول للمؤسسة سوى بالسلفة التي يقرّها مجلس النواب ويوافق عليها المصرف المركزي، لأنّ مدخول المؤسسة بالليرة وحسابها بمصرف لبنان، وبالتالي كلما احتاج الى نقد اجنبي لا سبيل له لذلك الّا عبر المركزي، والمركزي لا يمكنه ان يبيعه الدولار الّا وفق تسعيرة الـ1500 ليرة للدولار، لأنّ هذا هو السعر الرسمي الذي لا يزال يُعتمد في المؤسسات العامة. وراهناً تملك المؤسسة 130 مليار ليرة، بما يوازي حوالى 90 مليون دولار، الّا انّ المركزي يرفض ذلك. ولا حلول لهذه المعضلة قبل تأليف حكومة.

 

اما بخصوص النفط العراقي، فقد تسلّم وزير الطاقة امس الأول كتاب الموافقة من السلطات العراقية، لذا اقدمت الوزارة امس على طرح المناقصة، ومن المتوقع ان يتمّ تسلّم الفيول بعد استبداله بالنفط العراقي اعتباراً من 3 أيلول المقبل، ما من شأنه ان يزيد من التغذية حوالى 4 الى 5 ساعات. لكن اذا لم تحصل المؤسسة على الأموال لشراء الفيول والاستمرار بالإنتاج، فتصبح المؤسسة بصفر تغذية، ويكون كل الاتكال على ما سيتأتى من النفط العراقي حصراً.


 

أزمة المحروقات

على الأرض، لا تزال الأرتال امام محطات المحروقات على حالها، رغم إقدام الشركات المستوردة للنفط على توزيع البنزين الى المحطات واعلانها انّ المخزون يكفي لثلاثة أيام. فكيف سيكون الحال في الأيام المقبلة خصوصاً مع إحجام المصرف المركزي عن فتح اعتماد لشحنة البنزين التي تحوي على 40 مليون ليتر؟

 

في السياق، يؤكّد عضو نقابة أصحاب المحطات جورج البراكس، انّ الوضع في ما يخص البنزين يتجّه الى مزيد من التأزيم، ريثما يتمّ التوصل الى اتفاق بين مصرف لبنان والحكومة على السعر المنوي اعتماده لشراء المحروقات. فالمركزي يصرّ على اعتماد سعر الـ 18000 للدولار، فيما ترفضه الحكومة. وعليه لا اتفاق حتى الساعة انما تعنت من الجهتين. وقال لـ»الجمهورية»: «سبق وطالبنا بالإفراج عن مخزون الشركات المستوردة للنفط لتوفير البنزين ريثما يتم الاتفاق بين المصرف المركزي والدولة على سعر صرف، لكن على ما يبدو انّ المخزون سينتهي ولا اتفاق بعد».

 

ورداً على سؤال أكّد البراكس انّ مجموع ما تملكه المحطات ومن وقود الى جانب مخزون الشركات المستوردة للنفط، يجب ان يكفي حاجة السوق من البنزين ما بين الأسبوع الى 10 أيام، لكن كيف للسوق ان يرتاح طالما بعض المواطنين يقفون ساعتين الى 3 في اليوم، ليتبين انّ سيارتهم بحاجة الى 10 او 15 الفاً قبل التفويل. وهناك من يقصد المحطة 3 مرات في اليوم للتعبئة. ونتساءل اين يُصرف هذا البنزين؟ يعمد هؤلاء الى إفراغ سياراتهم من البنزين وبيعه بالسوق السوداء لمواطنين يتجنبون الوقوف بالطوابير فيبيعونهم الصفيحة بـ200 الف ليرة.