قرّر مصرف لبنان بدء العمل بقانونه الخاص للكابيتال كونترول قبل إقرار القانون المنتظر في مجلس النواب، وذلك من خلال المبادرة التي وعد بها المودعين لإعادة ودائعهم (25 ألف دولار نقداً وما يوازيها بالليرة).

 

لا يمكن توصيف المبادرة التي أطلقها مصرف لبنان سوى انها وسيلة من وسائل ضبط رأس المال (كابيتال كونترول) عبر وضع سقف للسحوبات النقدية بالدولار لحوالى 800 الف مودع، والسماح لهم بسحب 400 دولار شهرياً وصولاً الى سقف الـ25 الف دولار خلال مدّة 5 سنوات يتم بعد ذلك الاستغناء عنهم وإقفال حساباتهم المصرفية، علماً انّ 70 في المئة من الحسابات سيتم إقفالها في العام الاول كون قيمتها الفردية لا تتعدى 5 الى 10 آلاف دولار.

 

ورغم انّ مجلس ادارة جمعية المصارف بعد انعقاده بشكل استثنائي امس الاول طالبَ حاكم مصرف لبنان بالتريّث في اصدار اي تعميم يُلزم المصارف بالسحوبات النقدية بالعملات الاجنبية آملاً ان يكون جزءاً من مقترح قانون الكابيتال كونترول، ورغم انّ اعضاء مجلس الادارة أكدوا بالاجماع لحاكم مصرف لبنان ان المصارف غير قادرة على توفير اية مبالغ نقدية بالعملة الاجنبية مهما تدنّت قيمتها، لأنّ سيولة المصارف بالعملة الاجنبية لدى المراسلين ما زالت سلبية بما فوق المليار دولار، مطالبين مصرف لبنان بخفض معدل الاحتياطي الالزامي المتوجّب على ودائع المصارف لدى مصرف لبنان، إلا انّ المجلس المركزي لمصرف لبنان عقد امس برئاسة حاكم مصرف لبنان رياض سلامه بحضور نواب الحاكم وسيم منصوري وبشير يقظان وسليم شاهين والكسندر موراديان ومدير عام وزارة الاقتصاد محمد ابو حيدر، واتخذ بالإجماع «قرار يُلزم المصارف بتسديد 400 دولار Fresh dollars اضافةً الى ما يوازيها بالليرة اللبنانية على سعر صرف الـ12 الف ليرة للحسابات التي كانت قائمة بتاريخ تشرين الاول من سنة 2019 وكما أصبحت هذه الحسابات في آذار 2021، على ان يصدر التعميم الذي يحدّد تفاصيل هذا القرار.

 

وعلمت «الجمهورية» انّ هذا القرار سيشمل كل الحسابات بالعملة الأجنبية المصرفية من جارية او مجمّدة او توطين رواتب... وفقاً للرصيد المتبقّي في 31 آذار الماضي. وبما أنّ المصارف كانت ملزمة تكوين سيولة نقدية في الخارج، فإنّ مصرف لبنان يُلزمها اليوم تسديد تلك الاموال للمودعين، على ان تتم إحالة المصارف التي لم تتمكن من تكوين تلك السيولة والتي ستتعثر اليوم في تطبيق قرار المركزي، الى الهيئة المصرفية العليا، اي بمعنى آخر سيتم اعلان إفلاس تلك المصارف او السعي لدمجها مع مصرف آخر لأنّ مصرف لبنان غير قادر على تحمّل كلفة تملّكها.

وفي المعلومات ايضاً، انّ بعض المصارف الكبرى لن تتمكن من تأمين السحوبات النقدية المطلوبة، وانّ إجمالي عدد المصارف التي ستتعثر في تطبيق قرار المركزي لن يكون قليلاً!

 

ونتيجة لهذا السيناريو، يكون البنك المركزي قد وضع المصارف امام اختبار إمّا الافلاس او تأمين السيولة النقدية المطلوبة لتطبيق قراره، ما استدعى عقد اجتماع استثنائي لمجلس ادارة جميعة المصارف فور اعلان مصرف لبنان عن قراره، للبحث في إمكانية الطلب من مصرف لبنان ان يأخذ على عاتقه عملية تمويل هذه المبادرة في العامين الاولين، وليس في العام الثاني فقط كما ينصّ عليه قرار البنك المركزي، مع الاشارة الى انّ كلفة التمويل السنوية تتراوح بين 1 و1.2 مليار دولار على المصارف تأمينها في العام الاول من السيولة التي كوّنتها في الخارج وفي العام الثاني من الاموال التي سيعيدها مصرف لبنان الى المصارف نتيجة تخفيض التوظيفات الالزامية بالعملات الاجنبية من 15% الى 14% والمقدّرة بحوالى 1,5 مليار دولار.

 

وفي تفاصيل قرار مصرف لبنان، اشار المجلس المركزي «الى انّ المبالغ التي ستسدّدها المصارف في اول سنة ستدفع من حساباتها لدى المصارف المراسلة في الخارج، والتي تتراوح بين مليار ومليار ومئتي مليون دولار اميركي. كما ستتمكن المصارف من سحب نفس المبالغ من مصرف لبنان مقابل توظيفاتها الالزامية. انّ تسديد الـ 400 دولار شهرياً يتزامن مع تسديد نفس المبلغ بالليرة اللبنانية على اساس سعر منصة Sayrafa، وسينتج نتيجة هذا التسديد بالليرة اللبنانية ارتفاع للكتلة النقدية يتراوح بين 26 و27 تريليون ليرة لبنانية في سنة.

 

تجدر الاشارة الى انه وخلال اول سنة من تطبيق هذا التعميم تسدد كامل ارصدة حسابات 800 ألف عميل، أي ما يقارب 70% من عدد حسابات المودعين.

 

ويمكن للمصارف استعمال الـ 3% باستثناء حسابات الـ Fresh dollars للمودعين لهذه الغاية. كما قرر المجلس المركزي تخفيض التوظيفات الالزامية بالعملات الاجنبية من 15% الى 14%.

يعمل بهذا القرار ابتداءً من 1/7/2021 كما انّ هذا القرار سيكون مدخلاً لمعالجة المصارف غير الملتزمة به».