شدّد الأمين العام لـ"حزب الله" السيد ​حسن نصرالله​، على أنّ "أنّنا لسنا في موقع اليأس، وهناك خلال هذه الأيّام، جهود جادّة وجماعيّة لتذليل العقبات الحكوميّة، لأنّ الجميع عليه أن يعلم أنّ البلد استنزف وقته وحاله وروحه"، موضحًا أنّ "الكل يجمع أنّ المدخل الّذي يساعد ويضع الأمور على طريق الحل، هو تشكيل الحكومة، وآن الأوان للذهاب لمعالجة حقيقيّة للمشاكل".

 

 


وأشار، خلال حفل تأبيني أقامه "​تجمع العلماء المسلمين​" للشيخ الراحل أحمد الزين، إلى أنّ "الكثيرين ممَّن حملوا راية ​فلسطين​، بدّلهم مال البترول والتحوّلات السياسيّة وطمع المناصب، بالإضافة إلى اليأس أو الإحباط الشخصي"، مؤكّدًا أنّ "ثبات الزين في مواقفه كان أساسه أنّ تلك المواقف تنطلق من رؤية ومبادئ وأصول سار عليها وثبت فيها. الزين منذ البداية بنى أساسًا هو ​القدس​ وفلسطين والمقدّسات و​الشعب الفلسطيني​ المظلوم والمضّطهد والمشرّد في أرضه وفي مخميّات الشتات، وبالتالي الإنطلاقة كانت من قضيّة واضحة جدًّا".

 

 

وبيّن السيد نصرالله، أنّه "عندما يكون المبدأ ينطلق من قضيّة واضحة، يسير الإنسان على يقين"، مركّزًا على أنّ "في مواجهة المشروع ال​إسرائيل​ي والمشروع الأميركي، وفي الطموح أن تكون البلاد الإسلاميّة والعربيّة مستقلّة وحرّة، لا يمكن أن يكون هناك التباس وشهبات، والبعض اليوم يحاول أن يرمي شبهات في ​القضية الفلسطينية​ خدمةً للسلاطين". وذكر أنّ "الزين كان مع فلسطين و​المقاومة​ منذ البداية حتّى النهاية، ولذلك وجد نفسه إلى جوار الإمام المغيّب السيد ​موسى الصدر​، وهكذا استمرّ في موقفه من المقاومة الإسلاميّة في ​لبنان​".

 

 

ولفت إلى أنّه "عندما انتصرت ​الثورة الإسلامية​ في ​إيران​ وقام الشعب بإسقاط الشاه، الّذي كان أداة ​الولايات المتحدة الأميركية​ في المنطقة، والحليف الإستراتيجي لإسرائيل وعدوًّا للشعب الفلسطيني، وقف مع الثورة ومع إيران". ورأى أنّ "الموقف الأصعب كان في ​سوريا​، لأنّه تحمّل بسببه الكثير من الأذى. ما حصل هناك كان كبيرًا وخطيرًا وفيه أبواب كبيرة للفتنة والتضليل وتضييع البوصلة"، مشيرًا إلى أنّ "الّذي ينطلق من الأساس الّذي وضعه الزين، يصل إلى الموقف نفسه".

 

 

وأوضح أنّ "يومًا بعد آخر، تتكشّف الحقائق حول ما جرى في سوريا"، مفيدًا بأنّ "موقفه من أحداث ​البحرين​ والحرب في ​اليمن​، ينطلق من الأساس نفسه"، مبيّنًا أنّ "الزين كان رمزًا كبيرًا من رموز الوحدة الوطنية، وأمضى حياته في سبيل هذا المشروع، وهذه أمانة يجب أن نتعاون على حفظها".

 

 

من ناحية أخرى، تطرّق السيد نصرالله إلى التطوّرات على الساحة اليمنيّة، مركّزًا على أنّ "هناك حربًا إعلاميّةً وسياسيًّة حقيقيّةً على المقاومين في اليمن، من خلال القول إنّ ​السعودية​ تريد وقف الحرب، لكن "​أنصار الله​" يرفضون ذلك، وتذهب المظلوميّة أكبر عندما يقولون إنّ "أنصار الله" يرفضون وقف الحرب لأنّهم يربطون مصير اليمن بالملف ​النووي الإيراني​". وفسّر أنّ "المعروض على الأخوة في اليمن ليس وقف الحرب، إنّما وقف إطلاق النار واستمرار بقيّة أشكال الحرب أيّ الحصار"، مشدّدًا على أنّ "هذا خداع كبير لا ينطلي على قيادة "أنصار الله" أو حتّى على أطفال اليمن".

 

 

وذكر أنّ "الأميركيّين والسعوديّين يضيعون الوقت، واليمنيّين كبار في الإيمان والمقاومة والصمود والجهاد، ولا يمكن أن يخدعوا لأنّهم كبار في السياسية والحكمة"، شارحًا أنّ "الخطوة الأولى هي وقف إطلاق النار والحصار، بحسب "أنصار الله"، لأنّ غير ذلك يعني الرغبة في تحقيق ما عجزوا عن تحقيقه بالحرب العسكرية"، داعيًا السعودية إلى "عدم إضاعة الوقت، لأنّ هذه اللعبة لن تنطلي على "أنصار الله" إذا كانت جادّة بوقف الحرب، ثمّ فتح الباب أمام المفاوضات السياسيّة بين اليمنيّين".

 

 

وفي الملف الفلسطيني، رأى السيد نصرالله أنّه "بسبب صمود الشعب الفلسطيني، رحل الرئيس الأميركي السابق ​دونالد ترامب​، واليوم لا أحد يتحدّث عن مصطلح "​صفقة القرن​"، لافتًا إلى أنّ "الإدارة الحاليّة لا يمكن أن تستمرّ بالمشروع كما هي، ويمكن القول، بسحب القادة الفلسطينيّين، إنّ هذه الصفقة في موت سريري". وأشار إلى أنّ "الضلع الثاني في هذه الصفقة، أي رئيس الوزراء الإسرائيلي ​بنيامين نتانياهو​، في وضع صعب، قد يسقط وفي الحدّ الأدنى هناك أزمة قيادة في إسرائيل، بحسب ما أكّدت الإنتخابات البرلمانيّة".

 

 

على صعيد متّصل، أوضح أنّ "الإسرائيلي في هذه الأيّام، كلّ يوم لديه صوت مرتفع ويتحدّث عن القلق من تطوّر قدرات محور المقاومة ونموّها"، مؤكّدًا أنّ "المحور يعمل على تنمية قدراته ومراكمتها، وهو اليوم ليس في حالة ركود، بل عبر أسوأ مرحلة في تاريخها في السنوات العشر الأخيرة"، مشدّدًا على أنّ "هذا المحور يقابل هذه التهديدات بالمزيد من العمل الجاد لتراكم القدرات والقوّة الّتي ستحسم المستقبل".

 

 

من جهة ثانية، ركّز على أنّ "أولويّات ​الإدارة الأميركية​ الجديدة اليوم هي ​الصين​ و​روسيا​، الصين كقوّة اقتصاديّة قد تصبح الأولى في العالم، وروسيا الّتي ينظرون إليها من الزاوية العسكريّة والأمنيّة"، لافتًا إلى أنّ "هناك جهدًا أميركيًّا لمنع تكوّن جبهة تكون فيها إيران إلى جانب الصين وروسيا، لذلك هناك سعي لمعالجة الملف النووي مع التأكيد على الدبلوماسية مع إيران". وبيّن أنّ "ما لم تعطيه لترامب في ظلّ أقصى العقوبات والتهديد اليومي بالحرب، لن تعطيه اليوم".

 

 

وتوجّه إلى أصدقاء الولايات المتحدة في المنطقة، مؤكّدًا أنّ "أولويّات واشنطن الجديدة ليست في المنطقة، وبالتالي إذا كانوا ينتظرون الأميركيّين فإنّ الإنتظار سيكون طويلًا"، وذكر أنّ "أميركا لم تعد أميركا الّتي تعرفونها بل تسير نحو الأفول"، داعيًا الجميع إلى "عدم إنتظار أميركا والعالم والتطوّرات الدوليّة، والإنطلاق بحوارات إقليميّة لمعالجة مشاكلنا وأزماتنا"، موضحًا أنّ "كلّ من ينتمي إلى محور المقاومة جاهز للوصول إلى معالجات وحلول وتسويات، تجعلنا نعبر من المراحل الصعبة".