هل يمكن أن يكون للقاح فيروس كورونا المستجد المسبب لمرض كوفيد-19 آثار جانبية خطيرة لدرجة التسبب في الوفاة؟ وما حقيقة الوفيات التي حدثت في النرويج وألمانيا؟

نشر موقع "الجزيرة" تقريراً عن أحدث المعطيات حول ما يقال إنها مضاعفات للقاح كورونا، مع العودة إلى مصادر مثل مجلة بي إم جي (BMJ) وبلومبيرغ (Bloomberg) ولوموند (Le Monde) ورويترز (Reuters).

نبدأ من الأكاذيب:

 

1- وفاة أول سيدة فرنسية تلقت لقاح كوفيد-19.. أكذوبة

قال الكاتب وليام أودورو، في تقرير في صحيفة لوموند الفرنسية، إنه في 27 كانون الأول الماضي تلقت أول سيدة فرنسية مسنة تُدعى موريسيت جرعة من لقاح فايزر-بيونتك (Pfizer-BioNTech) في مدينة سيفران. وفي عطلة نهاية الأسبوع الممتدة من 16 إلى 17 كانون الثاني الجاري نشرت العديد من الحسابات المضادة للقاحات شائعة بأن هذه العجوز (78 عاما) توفيت منذ ذلك الحين. على ضوء ذلك، يشير عمدة المدينة ستيفان بلانشيت إلى أن هذه الأخبار كاذبة ومحزنة، علما بأنه تم نشر هذه المعلومات الكاذبة في البداية من خلال حساب على تويتر (Twitter)، اعترف أنها مخادعة، قبل حذفها.

 

2- وفاة الممرضة تيفاني دوفر التي تلقت لقاح كوفيد-19.. أكذوبة

الممرضة تيفاني دوفر غابت عن الوعي على الهواء مباشرة يوم 17 كانون الأول الماضي بعد تلقيها جرعة من اللقاح. منذ ذلك الحين، دأب أشد المعارضين للقاح على نشر شائعات عن موتها، أو المطالبة بإثبات عكس ذلك. وفي وقت مبكر من 18 كانون الأول الماضي، ظهرت الممرضة على التلفزيون المحلي.

 

مع ذلك، استمرت الشائعات، حيث أكد مستشفى تشي ميموريال في تينيسي مرارا أنها بخير، وذلك في تغريدة نشرت يوم 19 كانون الأول الماضي، ثم على مقطع فيديو نشر يوم 21 كانون الأول السابق، أو في بيان لوكالة رويترز للأنباء يوم 28 ديسمبر/كانون الأول الماضي. وفي 29 كانون الأول السابق، نشرت قناة تابعة لمنطقة تشاتانوغا تقريرا جديدا، ظهرت فيه الشابة بصحة جيدة، على الرغم من خوفها من الشائعات المتعلقة بوفاتها. ويوضح المستشفى أنه يتلقى طلبات من جميع أنحاء العالم، ويقول إنها لم تعد ترغب في إجراء المقابلات.

 

3- اللقاح مسؤول عن وفاة ممرضة برتغالية.. أكذوبة

بعد يومين من تلقيها جرعة من لقاح فايزر-بيونتك، توفيت الممرضة البرتغالية سونيا أزيفيدو. ولكن في الحقيقة أظهر تشريح الطب الشرعي "عدم وجود علاقة بين الوفاة واللقاح"، بحسبما أفادت به صحيفة "كوريو دا مانها" نقلا عن وزارة العدل البرتغالية. بالإضافة إلى ذلك، لم يتم الإعلان عن سبب وفاتها لأسباب قضائية.

 

الآن ننتقل إلى الحقائق التي تحتاج لتوضيح:

1- 33 وفاة بين المسنين في النرويج

تم الإبلاغ عن 33 وفاة في منتصف شهر كانون الثاني الجاري من بين حوالي 42 ألف شخص أعطوا لقاح فايزر-بيونتك في النرويج، حيث أعطت السلطات الأولوية لتحصين سكان دور رعاية المسنين، وفقا لتقرير في بلومبيرغ. وكان جميع الذين ماتوا في فئة 75 عاما فما فوق (لم يتم ذكر الأعمار الدقيقة لأسباب تتعلق بالخصوصية).

 


الحقيقة المهمة هنا أن الذين توفوا كانوا مرضى مصابين بأمراض عويصة ومن المتوقع أن يعيشوا أسابيع أو شهورا فقط، بحسب بلومبيرغ.

 

وقالت بلومبيرغ إنه يتم تقييم جميع الوفيات التي تحدث في غضون أيام قليلة من التطعيم بعناية. وتقول السلطات الصحية في النرويج إنه لا يوجد دليل على وجود صلة مباشرة بين الحالات الـ33 واللقاح الذي تلقوه. ووفقا لوكالة الأدوية النرويجية، يموت ما معدله 400 شخص كل أسبوع في دور رعاية المسنين ومرافق الرعاية طويلة الأجل.

 

من جهته قال كبير أطباء الوكالة سيغورد هورتيمو إنه لا يستطيع استبعاد أن ردود الفعل السلبية الشائعة للقاح، مثل الحمى والغثيان، قد تكون مهددة للحياة في المرضى الذين يعانون من مشاكل صحية خطيرة. ومع ذلك فإن الطبيب لم يقل إن هناك علاقة سببية.

 

2- وفيات بعد اللقاح في ألمانيا

في ألمانيا، حيث تلقى أكثر من 800 ألف شخص جرعتين من اللقاح، حقق معهد بول إرليخ فيما لا يقل عن 7 وفيات بين كبار السن بعد التطعيم بفترة وجيزة. غير أن المعهد قال في تقريره إن الوفيات كانت على الأرجح بسبب الأمراض الكامنة لدى المرضى بما في ذلك السرطانات ومشاكل الكلى وألزهايمر، وليس بسبب التلقيح.

 

ونختم هنا بسؤالين مهمين:

1- ما الأعراض التي ظهرت في هذه الحالات المميتة؟

ارتبطت الوفيات في النرويج بالحمى والغثيان والإسهال، وهي آثار شائعة نسبيا وقصيرة المدة يمكن أن يعاني منها بعض الأشخاص بعد أي لقاح تقريبا.

 

وقال أبرار تشوغتاي -وهو  محاضر في كلية الصحة العامة وطب المجتمع في جامعة نيو ساوث ويلز- لمركز الإعلام العلمي الأسترالي إنه من غير المتوقع أن تكون ردود الفعل ذات أهمية في الغالبية العظمى من الناس. تم إعطاء

ملايين الجرعات من لقاح فايزر-بيونتك في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وبعض البلدان الأخرى، ولم يتم الإبلاغ عن أي وفيات بسبب اللقاح.

 

2- ما المعروف عن مخاطر اللقاح لدى كبار السن وأصحاب الصحة الضعيفة؟

 

نعود للإجابة على هذا السؤل إلى تقرير في مجلة بي إم جي (BMJ) الطبية، التي أجرت حوارا مع المدير الطبي للوكالة النرويجية شتاينار مادسن حول الوفيات التي حدثت في النرويج.

 

وقال مادسن إنه من المحتمل أن ردود الفعل السلبية الشائعة للقاحات التي لا تشكل خطورة على الأشخاص الأصغر سنا، قد تؤدي إلى تفاقم المرض الأساسي لدى كبار السن.

 

وقال مادسن، تعليقا على الوفيات، "قد تكون مصادفة، لكننا لسنا متأكدين.. لا توجد علاقة مؤكدة بين هذه الوفيات واللقاح".

 

وقال تقرير "بي إم جي" إن الوكالة حققت في 13 وفاة حتى الآن، وخلصت إلى أن التفاعلات العكسية الشائعة للقاحات الحمض النووي المرسال "إم آر إن إيه" (mRNA) -مثل لقاح فايزر-بيونتك ومودرنا (moderna)- كالحمى

والغثيان والإسهال، ربما ساهمت في نتائج قاتلة (fatal outcomes) لدى بعض المرضى الضعفاء. قال مادسن "هناك احتمال أن هذه التفاعلات العكسية الشائعة -التي ليست خطيرة على المرضى الأصغر سنا وبصحة جيدة وليست

غير مألوفة مع اللقاحات- قد تؤدي إلى تفاقم المرض الأساسي لدى كبار السن".

وأكد "لسنا قلقين من هذا الأمر، لأن هذه حوادث نادرة جدا وحدثت في مرضى ضعفاء للغاية يعانون من مرض خطير للغاية".

 

وأضاف "نحن الآن نطلب من الأطباء الاستمرار في التطعيم، ولكن مع إجراء تقييم إضافي للمرضى الذين قد تتفاقم حالاتهم الأساسية بسبب ذلك. يتضمن هذا التقييم مناقشة مخاطر وفوائد التطعيم مع المريض وعائلاتهم لتحديد ما إذا

كان التطعيم هو أفضل مسار أم لا".

 

الكلمة الفصل

لقاحات كورونا تتماشى مع توصيات السلامة والأمان الطبية. ككل العلاجات يجب تقييم كل حالة قبل إعطاء اللقاح، بما في ذلك وجود حساسية أو أي أمراض مزمنة. الأشخاص المسنون يشكلون أولوية للتلقيح لأنهم أكثر تأثرا بكوفيد-19 وأكثر عرضة للموت بكورونا، ويجب تلقيهم التطعيم لكورونا وفق الإرشادات الطبية في بلدانهم. وهذا ينطبق أيضا على جميع الفئات الأخرى.