على مدار العامين الماضيين تعرضت العملة الصينية للضرر بسبب الجغرافيا السياسية المتقلبة، في حين تراجعت مقاييس التقييم التقليدية مثل فائض الحساب الجاري وفروق أسعار الفائدة.

وفي الوقت الذي أصبح فيه خروج ترامب من البيت الأبيض وشيكا، وفي ظل نمو اقتصاد الصين مرة أخرى أضحت توقعات اليوان متفائلة، وبات البنك المركزي يستعد لعالم أقل تقلبا.


في تقرير نشره موقع بلومبيرغ (Bloomberg) الأميركي، قالت الكاتبة شولي رين إن هناك شيئين غريبين حدثا في بنك الشعب الصيني في أقل من شهر.

أولا: لم يعد ضروريا بالنسبة للبنوك حجز أي سيولة نقدية عند إجراء العملاء عمليات بيع اليوان، الأمر الذي يجعل المراهنة على العملة إجراء أرخص، مما يساهم في إضعاف اليوان.

ثانيا: أزال بنك الشعب الصيني ما يسمى العامل المعاكس لاتجاه الدورة الاقتصادية، وهو أحد العناصر المستخدمة لتحديد سعر الصرف اليومي للعملات، وقد تم إنشاء هذه الأدوات المهمة في عامي 2015 و2017 لوقف تراجع اليوان.

 

وأضافت الكاتبة أن الربع الأخير كان الأفضل لليوان منذ أكثر من عقد، ففي الوقت الراهن تحتاج بكين إلى منع العملة من أن تصبح قوية أكثر من اللازم، ولا سيما مع ارتفاع احتمالات فوز جو بايدن.

وبغض النظر عن الموقف الذي يتخذه المرشح الديمقراطي تجاه الصين فإن من المؤكد أن سياساته ستكون أكثر قابلية للتنبؤ من سياسات الرئيس دونالد ترامب، وهو ما سيصب في مصلحة اليوان.

وسيكون كبح التقلب المفرط في العملة أمرا بالغ الأهمية في حال أرادت بكين الحفاظ على تدفق مستمر للأموال الأجنبية، وكان المستثمرون في الخارج -الذين أغرتهم العائدات- يشترون الإصدارات السيادية الصينية بوتيرة قياسية.

وبحسب تقرير بلومبيرغ، فإنه إذا أصبح اليوان بمثابة ألعوبة بالنسبة للمتداولين المضاربين فسيتعين على المستثمرين على المدى الطويل القلق بشأن التحوط من العملة، خاصة عندما يعتقد السوق أن فوز الديمقراطيين سيؤدي إلى ارتفاع عوائد سندات الخزينة، وبالإضافة إلى ذلك قد يضيق فارق سعر الفائدة بين الصين والولايات المتحدة والذي يبلغ حاليا 2.4%.
إغراء اليوان
تحتاج بكين إلى تدفقات المحافظ الأجنبية في الوقت الحالي، كما أن الحكومة في طريقها لإصدار 3.8 تريليونات يوان (ما يعادل 568 مليار دولار) من السندات هذا العام، بزيادة تصل إلى 130% تقريبا مقارنة بعام 2019.

وفي الوقت نفسه، اشترت البنوك التجارية 56% فقط من صافي السندات السيادية مقابل 65% عام 2019.

 


وبداية من حزيران الماضي حد البنك المركزي من السيولة بين البنوك لثني مديري الأصول عن الاستفادة من القروض الرخيصة والاستثمار في المنتجات المالية المحفوفة بالمخاطر، وفي الوقت الراهن أضحت البنوك تعاني من نقص في المال، ولهذا السبب أصبح المستثمرون الأجانب الحل لسد الفجوة المالية لهذا العام.

وتتمثل إحدى المخاوف المشروعة فيما إذا كان بنك الشعب الصيني قد تخلى عن الأدوات الرئيسية في وقت مبكر للغاية، ولكن حتى دون العامل المعاكس للدورة الاقتصادية سيظل تثبيت اليوان قائما على الإقفال السابق.

وبالنظر إلى الأسواق الناشئة لا يمكن للمرء أن يؤكد بما فيه الكفاية مدى أهمية العملة المستقرة بالنسبة للمستثمرين الأجانب.

ويقول تقرير بلومبيرغ إن الصين تعد سعيدة لحقيقة أن فوز بايدن من شأنه أن يزيل بعض الضرر الذي ألحقه ترامب بعملتها، وفي المقابل، لا تريد بكين أن يسير اليوان في نسق سريع.