تحدّثت شبكة "سي إن إن" الأميركية في تقريرٍ نشرته، أمس الإثنين، عن السيناريوهات المحتملة في حال عدم تطوير لقاح لفيروس "كورونا" المستجدّ (COVID-19).

وأشار التقرير إلى أنّه "مع تجمّد جميع أشكال الحياة في العديد من البلدان وفقد ملايين الناس لمصادر أرزاقهم، تثير الشخصيات العامة بعض الآمال التي تشير إلى نهاية جائحة فيروس "كورونا" عن طريق تطوير لقاح ضد الفيروس. ولكن، هناك احتمال آخر، وهو أسوأ الاحتمالات: عدم تطوير لقاح على الإطلاق".


وأضاف التقرير أنّه "بدلاً من القضاء على فيروس "كورونا"، قد تتعلم المجتمعات التعايش معه. ستفتح المدن بشكل تدريجي، وسيستعيد الناس بعض الحريات، وسيصبح الاختبار والتتبع جزءاً من حياتنا. قد يتم تطوير علاجات، ولكن قد يستمر تفشي المرض كل عام، وسيحصد أرواح البشر سنوياً".

وأوضحت الشبكة أنّه "نادراً ما يتم تبني مثل هذا المسار من قبل السياسيين، ولكن العديد من الخبراء يأخذون هذا الاحتمال على محمل الجد، لأنه حدث من قبل، بل وعدة مرات".

 

ويقول الدكتور ديفيد نابارو أستاذ الصحة العالمية في "إمبريال كوليدج لندن": "هناك بعض الفيروسات التي ما زلنا لا نملك لقاحات ضدها، لا يمكننا أن نفترض بشكل مطلق أن اللقاح سيظهر بين عشية وضحاها، وإذا حصل وظهر فلا يمكننا أن نضمن اجتيازه لجميع اختبارات الفعالية والأمان".

وأضاف نابارو: "من الضروري للغاية أن تتعلم المجتمعات الدفاع عن نفسها ضد فيروس "كورونا" كتهديد مستمر، وأن تكون قادرة على ممارسة الحياة الاجتماعية والنشاط الاقتصادي والفيروس يحيط بها".

ولا يزال معظم الخبراء واثقين من أنه سيتم تطوير لقاح لفيروس "كورونا" في نهاية المطاف، خاصة أنه على عكس فيروس نقص المناعة البشرية والملاريا، لا يتغير الفيروس بسرعة.

ويقترح الكثير من الخبراء، بما في ذلك مدير "المعهد الوطني الأميركي" للحساسية والأمراض المعدية، الدكتور أنتوني فوسي، أنه يمكن أن يتم تطوير لقاح في غضون عام إلى عام ونصف. ولكن حتى لو تم تطوير لقاح في أطر زمنية قصيرة، فسيكون إنجازاً لم يتحقق من قبل.

وقال الدكتور بيتر هوتز من كلية "بايلور" للطب في هيوستون: "تطوير لقاح بوقت قصير سيكون إنجازاً بطولياً، لنكن واقعيين، نحن بحاجة إلى خطة أ وخطة ب".

وفي عام 1984، أعلنت وزيرة الصحة والخدمات الإنسانية الأميركية، مارغريت هيكلر، في مؤتمر صحافي، أنّ العلماء استطاعوا بنجاح تحديد الفيروس، الذي أصبح يعرف فيما بعد بفيروس نقص المناعة البشري، وتوقعت أن لقاحاً سيكون جاهزاً للاختبار خلال عامين.

وبعد ما يقرب من 4 عقود و32 مليون حالة وفاة، لا يزال العالم ينتظر لقاح فيروس نقص المناعة البشري.

وكانت الصعوبات التي واجهت العلماء في تطوير لقاح لفيروس نقص المناعة البشري هي طبيعة الفيروس، حيث إنه قادر على أن يتغير مع كل إصابة جديدة.

ويقول بول أوفيت أخصائي الأمراض المعدية إنّ "فيروس نقص المناعة البشري يستمر في التحور داخل جسم المصاب، وأثناء ذلك يشل نظام المناعة لديه، لذا فهو يشكل صعوبات فريدة للغاية، ولا يمتلك فيروس كورونا مستوى المراوغة هذه، ما يعطي أملا في إمكانية العثور على لقاح".

ويقول نابارو، واصفاً العملية البطيئة والمؤلمة لتطوير لقاح: "ترتفع لديك الآمال، ثم تتبدد بلمح البصر، نحن نتعامل مع أنظمة بيولوجية، ونجاح الأمر يعتمد بشكل كبير على كيفية تفاعل الجسم".

ويضيف هوتز، إن عملية الاختبار - وليس التطوير - هي التي تعطل إنتاج اللقاحات، وغالبا ما تفشل، "الجزء الصعب هو إظهار نتائج يمكنك من خلالها إثبات أن اللقاح يعمل وأنه آمن".

إذا لم نتمكن من إنتاج اللقاح، فلن تبقى الحياة كما هي الآن، وستعود تدريجياً إلى طبيعتها. يقول نابارو: "من الضروري أن نكون مستعدين وواعين، ونتحمل المسؤولية الشخصية للعزل الذاتي إذا ما ظهرت على أي شخص أعراض فيروس كورونا أو اقترب من حالة محتملة".

ويضيف أنّه يجب تنفيذ برامج واسعة من الاختبارات والتتبعات؛ للسماح للحياة بالعمل جنبا إلى جنب مع فيروس "كورونا".

ومن المرجح أن تعود القيود خلال فصل الشتاء، ويشير هوتز إلى أن قمم فيروس "كورونا" يمكن أن تحدث كل شتاء حتى يتم إنتاج لقاح.

وقد تعود عمليات الحظر في أي لحظة، يقول نابارو: "من وقت لآخر ستكون هناك جائحة، سيتم تقييد الحركة، وقد ينطبق ذلك على أجزاء من الدولة أو الدولة بأكملها".

وكلما مرّ المزيد من الوقت، أصبح احتمال مناعة القطيع أكثر جاذبية، حيث يصل الفيروس إلى غالبية السكان، حوالي 70-90% ويقول أوفيت: "هذا قد يحد إلى حد ما من الانتشار".

ويقول أوفيت إنّ "فيروس الحصبة مثال مثالي، فقبل انتشار اللقاحات على نطاق واسع كان يصاب 2 إلى 3 ملايين شخص سنوياً بالحصبة، وهذا قد ينطبق على فيروس كورونا". بعبارة أخرى "ستكون أعداد الموتى والمعاناة من فيروس "كورونا" هائلة".

ويضيف: "أعتقد أنه سيكون هناك لقاح، لدينا الكثير من الأموال، وهناك الكثير من الاهتمام، وهدفنا واضح"، محذراً: "لا أعتقد أنه سيتم تطوير أي لقاح بسرعة، سأكون مندهشاً حقا لو تم إنتاج لقاح خلال 18 شهراً".