قرابة 60% مما نقوم به يوميا يعتبر من الأعمال الروتينية التي يمكن تصنيفها ضمن خانة العادات اليومية التي نقوم بها دون تحفيز أو تفكير، وعليه يمكننا الالتزام بالتغييرات الشاملة التي ندخلها على حياتنا إذا جعلناها في مقام هذه العادات.
 
وفي تقريرها الذي نشرته صحيفة "تلغراف" البريطانية، أوضحت الكاتبة ماريا لالي أن الدكتور رنغان شاترجي -وهو طبيب عام ممارس- أمضى ستة أشهر في البحث عن السلوك البشري والعادات اليومية، ووضع دليلا لما يسميه "تناول الوجبات الخفيفة الصحية".
 
وقد قسم دليله إلى ثلاثة أقسام هي: العقل والجسم والقلب، بحيث يختار القراء وجبة خفيفة صحية مدتها خمس دقائق من كل قسم للقيام بها يوميا.
يذكر الدكتور شاترجي "أننا نعتقد أنه بمقدورنا إجراء تغييرات كبيرة في حياتنا مع بداية العام الجديد، وفي مطلع كل يوم من شهر يناير/كانون الثاني نعتقد أننا سننجح بطريقة أو بأخرى، على الرغم من أننا لم نحقق نجاحا في العام المنقضي".
 
ويتابع أن هذا التفكير هو الذي يدفعنا إلى تبني خطة جديدة متعلقة بالحمية الغذائية مطلع العام الجديد واتباعها من أجل فقدان بعض الوزن، قبل أن نتخلى عنها مع مرور الأيام ونستسلم لضعف إرادتنا.
 
وقال إنه "كان دائما مهتما بكيفية مساعدة الناس على إجراء تغييرات في نمط الحياة، ولكن ليس ما يجعلهم يشعرون بتحسن لمدة أسبوع أو شهر، وإنما إجراء تغييرات سهلة ودائمة".
 
أن نفعل ذلك دون تفكير
المثال المناسب -بحسب الكاتبة- يتمثّل في تنظيف الأسنان، حيث نفعل ذلك مرتين يوميا دون تردد أو حاجة لتحفيز أنفسنا على ذلك. والسبب: أولا أن لدينا فكرة واضحة تتمثل في كون فرشاة الأسنان والمعجون موجودين عند الحوض حيث يمكننا رؤيتهما، وثانيا أن الفترة الزمنية التي يستغرقها الأمر قصيرة، وأخيرا أن هذا الأمر يعدّ جزءا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، فنحن نفعل ذلك دون تفكير لأنه "عادة".
 
وفي هذا الصدد، قال شاترجي "قد يتساءل الأشخاص إن كان بإمكانهم فعلا تغيير حياتهم في 15 دقيقة فقط يوميا، والحقيقة -كما يثبتها البحث- أنهم يمكنهم ذلك".
 
ويشير إلى أن تناول إحدى الوجبات الخفيفة يعد بمثابة روتين يوغا مدته خمس دقائق، وأضاف "أنصح الناس بربط عادتهم الجديدة بعاداتهم الأخرى القائمة، نظرا لأنه إذا كانت نسبة 56% مما نقوم به بمثابة عادة، فإن أفضل طريقة لإنشاء عادة جديدة هي ربطها بأخرى ثابتة".
اعلان
 
بالتزامن مع قهوة الصباح
بعبارة أخرى، بينما تحضّر قهوة الصباح، يمكنك القيام بسلسلة من تمارين اليوغا مدتها خمس دقائق، أو أي تمارين أخرى. كما يمكنك ترك حصيرة اليوغا الخاصة بك في المطبخ، لأن وجود الإشارات البصرية يساعدك على التمسّك بعاداتك.
 
وقال الدكتور إن "هذا الدليل هو الخطة لتحافظ بها على صحة جيدة في الوقت الراهن، فهو يضم أكثر من خمسين وجبة خفيفة صحية، وأنا أفعل ثلاثة منها كل يوم في الوقت نفسه".
 
من المهم جعل هذه العادات تدوم، وعموما يمكن القيام بها عند الاستيقاظ من النوم. في المقابل، يمكنك ربطها بنشاطات طوال اليوم، فمثلا أثناء انتظار غليان قهوة الصباح، أو مباشرة بعد العودة من المدرسة، أو بعد تنظيف أسنانك بفرشاة الأسنان.
 
 
 
العقل والجسم والقلب
اختار شاترجي العقل والجسم والقلب كأهم ثلاثة أقسام نظرا لأنه يشعر بأنها الطريق الرئيسي نحو الصحة الجيدة.
 
بالنسبة للجسم، نحن بحاجة إلى الحفاظ على أجسادنا سليمة ونشطة. وبالنسبة للعقل فالحديث حول الصحة العقلية والإجهاد كان يشهد زخما على مدار الأعوام القليلة الماضية، وهو أمر رائع.
 
وهناك القلب الذي يُعتقد أنه العمود المنسي للصحة، رغم دوره الأساسي بضخ الدم في جميع أنحاء الجسم، إلا أن له دورا خاصا في العلاقات الإنسانية.
اعلان
 
وأوضح شاترجي "نعلم أن الشعور بالوحدة والافتقار إلى التواصل الاجتماعي يضران بالصحة، لذلك يعد القسم الخاص بالقلب في الكتاب مليئا بالوجبات الخفيفة الصحية التي تشجع على التواصل الاجتماعي والتغذية".
 
ويضيف شاترجي أن رعاية الصلات الاجتماعية تساعد صحتك بطرق أخرى، فقد تبيّن أنه إذا لم نتعامل مع المشاكل الأساسية فإننا نتّبع عادات غذائية خاطئة، مثل العلاقات السيئة أو الإجهاد أو الشعور بالوحدة، إذ نحاول ملء هذا الفراغ في القلب من خلال تناول السكريات.
 
قد تكون هذه الأمور جيدة، ولكن بشرط أن تكون في سياقها الصحيح. فمثلا، تُعد مشاهدة الزوجين معا لبرنامج تلفزيوني أمرا جيدا وصحيا، لكنها لا تعد كذلك إذا كان أحدهما أثناء المشاهدة يحدق في الهاتف.
 
وتشكل الروابط الاجتماعية الجزء الأكثر أهمية من الصحة، رغم أنها الأكثر تجاهلا. ولكن عندما ندعم تلك الروابط، نجد رغباتنا الشديدة في تناول السكريات، وردود أفعالنا تجاه الإجهاد، تتحسن.
 
وخلصت الكاتبة إلى أن كتاب الدكتور شاترجي يتعلق بضرورة تقدير النفس في عالم مزدحم، وفي هذا الإطار قالت "أنا مهمة بالقدر الكافي لتكريس 15 دقيقة يوميا لرفاهيتي، وهذه الدقائق الخمسة عشر ستغير من حياتي".