أعلن قائد ميليشيات الباسيج التابعة للحرس الثوري الإيراني، غلام رضا سليماني، الأربعاء أن قواته ستنتشر في الأحياء في مختلف المدن لمراقبة الوضع عقب الاحتجاجات الأخيرة الشهر الماضي، والتي قمعت بعنف دموي غير مسبوق.
 
ووفقاً لوكالة "فارس" التابعة للحرس الثوري، فقد أكد سليماني أن الانتشار سيكون في الأحياء والمناطق وفي محاور مساجد كل منطقة، بالإضافة إلى إعادة تجهيز مقرات الباسيج". وأضاف: "تم إنشاء وحدات باسيج نسائية، وكذلك تم تدشين جامعة الباسيج".
 
كما تحدث عن خطة خمسية لتطوير عمل وحضور ميليشياته، التي كان لها دور بارز في عمليات القتل وقمع المتظاهرين السلميين الشهر الماضي.
 
"سفك دماء الشباب"
في لالمقابل، انتقد ثلاثة نواب إصلاحيين بشدة كبار المسؤولين في البلاد، بما في ذلك رئيس وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي، لقيامهم "بسفك دماء الشباب" ووصف الاحتجاجات بأنها "مؤامرات الأعداء".
 
وكان المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، وصف احتجاجات نوفمبر بأنها "هجوم أمني على النظام والثورة وليست احتجاجات شعبية"، وادعى أن قمع الاضطرابات الواسعة النطاق "أجبرت العدو على التراجع".
 
لكن النائب الإصلاحي غلام رضا حيدري، انتقد في مقابلة مع موقع "مستقل أونلاين" إصدار أوامر إطلاق النار على المتظاهرين مباشرة و"قتل الأبرياء".
 

وقال إنه "لو لم يكن هؤلاء المتظاهرون الذين قتلوا أبرياء، لما أمر المرشد الأعلى السلطات "بدفع الدية" لعائلاتهم.

"روحاني أحرق نفسه"
إلى ذلك، أضاف أن الرئيس حسن روحاني وبتنفيذه خطة زيادة سعر البنزين "أحرق نفسه ووجه ضربة قاصمة للقاعدة الاجتماعية للجمهورية الإسلامية".

من جهته، قال النائب، قاسم ميرزائي نكو، إنه "للأسف، كان سفك دماء شباب البلاد بسبب الحماقة"، متسائلا: "ما الذي سينتج عن إراقة دماء المتظاهرين؟".

أما النائب المثير للجدل محمود صادقي، فهاجم في كلمة نارية أمام البرلمان، الثلاثاء، السلطات بقسوة لأنها وصفت المتظاهرين بأنهم "عملاء لدول أجنبية" و"الدعاء بالنصر ضدهم كما لو كانوا أعداء". وطالب الرئيس روحاني بتقديم اعتذار علني للأمة، مضيفاً أن "بعض السلطات تدعي أن هذه الأحداث المريرة كانت فرصة لتحييد خطط الأعداء وقرعوا طبول النصر".

وكان أمين المجلس الأعلى للأمن القومي، علي شمخاني، قد زعم في 12 ديسمبر/ كانون الأول أن أكثر من 85% ممن قتلوا في محافظة طهران لم يشاركوا في أي احتجاجات، ولم تطلق عليهم الحكومة النار بل أشخاص مجهولون.

لكن النائب محمود صادقي تساءل: "هل يمكن التنصل بسهولة من سفك دماء الأبرياء من خلال الادعاء بأن 85% من القتلى لم يشاركوا في الاحتجاجات وقتلوا بأسلحة نارية غير حكومية؟".

وكان شمخاني قد قام بزيارات لعائلات بعض المحتجين الذين قتلوا في البلدات القريبة من طهران عندما انتهت الاحتجاجات، وقد تم تصوير هذه الزيارات وبثها على التلفزيون الحكومي ووصفها بأنها "غير رسمية وودية".

"المحتجون قتلوا أنفسهم!"
بينما ادعى مسؤولون إيرانيون آخرون، بمن فيهم نائب قائد الحرس الثوري الإيراني، علي فدوي، أن "المحتجين أطلقوا النار على بعضهم البعض"، في حين لا يُظهر أي من مقاطع الفيديو التي تبثها وسائل الإعلام الحكومية أو القنوات التلفزيونية الفضائية الأجنبية أي متظاهرين مسلحين.

أما العميد سالار أبنوش، القيادي في الباسيج، فقد شبّه المواجهة بين المحتجين وقوات الأمن المسلحة بـ "حرب عالمية شاملة" قائلاً إن "إنهاء الاحتجاجات الواسعة كانت معجزة".

وترفض السلطات الإيرانية حتى الآن الإعلان عن أعداد القتلى، وثقت منظمة العفو الدولية العدد بـ 304 قتلى على الأقل، وقالت في بيان الاثنين إن هناك آلاف المعتقلين يتعرضون "للاختفاء القسري والتعذيب وسوء المعاملة".

هذا في حين تقول مصادر المعارضة إن عدد القتلى يفوق 1500 شخص وتقدر عدد المعتقلين بحوالي 12 ألفاً، فضلاً عن استمرار موجة الاعتقالات في ظل حالة الغليان المستمرة في الشارع الإيراني، والتي تنذر بتجدد الاحتجاجات في أية لحظة.