أكد نائب رئيس مجلس الوزراء في حكومة تصريف الاعمال غسان حاصباني أن "المرحلة التي يمر بها لبنان استثنائية وتتطلب حكومة إنقاذية مؤلفة من اختصاصيين تتمتع باستقلالية سياسية وتقود البلاد نحو بر الأمان والأهم أن تستعيد ثقة المواطنين".

وأشار عبر قناة "nbn" إلى أن "على الحكومة المقبلة أن تأخذ قرارات صعبة وجريئة، لذا عليها أن تحظى بثقة الشعب اللبناني أولا، وهذا هو الأساس، وبعدها بثقة المجتمع الدولي الذي نعول على دعمه للبنان بالمرحلة الدقيقة القادمة".

وتابع: "بالاضافة الى الثقة من قبل الشعب، على هذه الحكومة أن تكون محصنة أولا من خارجها بجو سياسي مستقر لفترة طويلة كي تستطيع القيام بعملها وأن تتمتع بهامش واسع من المرونة. إنها مرحلة تتطلب وعيا كبيرا أكان من المواطنين الذين يقومون بالحراك أو من قبل المسؤولين بمختلف مواقعهم. نتمنى ألا يكون هناك صدامات أو استعمال مفرط للقوة ضد الناس، في المقابل نتمنى ألا يكون هناك شغب في غير محله، فالتحرك يجب ان يبقى سلميا ومنضبطا كي يصل الى نتائج إيجابية".

ودعا حاصباني إلى "الأخذ بالاعتبار الوضع المالي والاقتصادي الحرج جدا على مستويات صناعة القرار والحراك كافة، لأن لبنان دخل اليوم في مرحلة دقيقة جدا غير مسبوقة من الناحية الاجتماعية والاقتصادية والمالية قد تؤدي الى حال إنسانية صعبة"، مشددا على "ضرورة العمل لتفاديها بأي ثمن".

أضاف: "الناس قالت كلمتها والشارع الذي يريد التغيير هو الشارع الأكبر والعابر للحدود الطائفية والمناطقية لأن الصرخة موحدة في وجه الفقر والجوع والحالة الاقتصادية والاجتماعية التي وصلنا لها. لذلك يجب علينا تشكيل الحكومة لحل هذه المشاكل تحديدا".

وحذر من أن "البعض يريد أخذ المطالب إلى مكنة مسيسة، لكنه أكد أن على المستوى الشعبي هناك حركة كبرى عارمة للمطالبة بمعالجة الأوضاع المعيشية".
وقال: "لذا على الحكومة المقبلة أن تكون بعيدة عن السياسية لتلافي أي نقاشات سياسية حادة، وعلى المنظومة كلها أن تتلافى هذه النقاشات أيضا. على الحكومة المقبلة أن تركز على مشكلة اللبناني كمواطن يريد أن يعيش بكرامته في بلده. هذا الأساس المطلوب في الأشهر المقبلة لا التلهي بالمشاكل المرتبطة بالمحاور الاقليمية والدولية والقضايا السياسية التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه اليوم".

واعتبر أنه "بالصلاحيات الدستورية للحكومة ومع مجلس نواب فاعل بلجانه يمكن ان نصل إلى حلول سريعة ومقبولة اذ ليس كل الأمور لها علاقة بقوانين جديدة بل بخطوات عملية".

وتابع: "المطلوب القيام بالمحاسبة بشكل عام وبإصلاحات بنيوية في قطاعات كالكهرباء والاتصالات. إذا طبقت القوانين الحالية بحذافيرها، فهذا مطلب أساسي للمجتمع الدولي لدعم لبنان ويعيد جزءا كبيرا من الثقة الاستثمارية التي قد تحرك عجلة الاقتصاد في لبنان. يجب أن يكون لدى الحكومة المقبلة القدرة التقنية لتتواصل مع المجتمع الدولي وتتفاوض مع الدول الداعمة للبنان ماديا، وأن تقوم بتحديث وإصلاح بنيوي للقطاعات الأساسية وتأخذ خطوات تقشفية وتقلص حجم القطاع العام".

وأشار إلى أن "هناك أيضا منظومة متكاملة لا تقتصر على الحكومة بل تشمل أيضا القطاع الخاص ومصرف لبنان والمصارف والقطاعات الاقتصادية والعمالية، ومطلوب أن تتعاون معا من أجل استعادة الثقة في الأشهر الستة المقبلة وإعادة الأمور إلى السكة الصحيحة.

من جهة أخرى، قال: "ما زال لدينا فسحة أمل وأمامنا أفق إيجابي، إذا قمنا بالخطوات الصحيحة ولم نكرر أخطاء الماضي في الحكومة المقبلة".


وأكد أن "عدم مشاركة القوات اللبنانية محسوم وهي متمسكة بتشكيل حكومة اختصاصيين وترفض حكومة تكنو-سياسية"، مذكرا بـ أن "القوات ومنذ الحكومة الأولى التي تشكلت في هذا العهد عام 2017، طالبت بمعالجة هذه الملفات سريعا، وكانت تسلط الضوء عليها وتناقشها وتطالب بحلها وهي في العام 2019 اعترضت على الموازنة لأنها لم تواكب بخطوات إصلاحية صحية".

أضاف: "قطعوا وعدا لنا أن تحقق الخطوات الاصلاحية قبل موازنة سنة 2020، ولكن النقاشات لم تكن في صلب الامور لذا ليلة 17 تشرين وقبل اندلاع شرارة الشارع قاطعنا الجلسة التي عقدت في السراي، واستقالتنا في 19 تشرين لهذه الاسباب ولأسباب عدة".

وردا على سؤال، أجاب: "نعم تأخرنا كلبنانيين كي نقوم بالخطوات التي كان يجب انجازها وعامل الوقت يلعب ضدنا. الخطوات المطلوبة اليوم اصبحت اصعب مما كان مطلوبا في السابق. لذا نحن بحاجة أكثر من أي يوم مضى إلى حكومة تتمتع بثقة عمياء من قبل الشعب اللبناني من أجل القيام بخطوات جدية من دون عرقلة".

ودعا حاصباني الأحزاب الى "عدم الخوف من التغيير ومن عدم مشاركتها في الحكومة المقبلة لأن ذلك أفضل للنهوض من الوضع الذي وضعنا فيه، بل عليها تأمين جو سياسي إيجابي للوزراء الاختصاصيين كي يقوموا بعملهم وإخراج لبنان من هذا المأزق".

وأكد أن "لا مانع من إعادة تكوين السلطة ومن انتخابات ديمقراطية ودستورية في الوقت المناسب.

وعما يقال عن أن مؤمرات عدة أوصلتنا الى ما نحن عليه، أجاب: "لم يجبرنا أحد على عدم معالجة ملف نفاياتنا، وعلى ترك قطاع الكهرباء يتكبد العجز الكبير وغير مكتمل الاصلاح منذ ما قبل العام 2010. لم يجبرنا أحد على تكبير حجم القطاع العام وعلى الصرف من دون وعي، وعلى إقرار سلسلة رتب ورواتب بشكل غير مدروس انطلقت من أرقام معينة وانتهت بأرقام أخرى، ما كبد الدول هذه الخسائر".

وقال: "لم يجبرنا أحد على عدم تطبيق القوانين التي وضعت منذ عام 2002 حتى اليوم لإصلاح قطاعات الكهرباء والاتصالات وغيرها. لم يجبرنا أحد على عدم معالجة المعابر الشرعية وغير الشرعية، وعلى عدم تحسين الجباية الجمركية".

وأشار حاصباني إلى أن "الدول تسعى لتحقيق مصالحها وعلينا كلبنانيين أن نقوم بمصالح وطننا أيضا، والانهيار الاقتصادي ليس سببه عدم ترسيم الحدود البحرية أو ملف النزوح مع التأكيد أن النازحين السوريين أثروا علينا سلبا على الصعيد الاقتصادي والمالي".

وتابع: "30 مليار دولار أي ثلث الدين العام أتى من ملف الكهرباء، وهذا يعني أننا نحن نرتكب أخطاء وليس السبب فقط هم أعداؤنا. لذا علينا أن نعمل مصلحة لبنان اولا. إذا أردنا أن نسيس كل الأمور ونضعها في الإطار العدواني فلن نصل إلى نتيجة إلا بعد أن ينهار البلد ونجبر على تسليم مصيرنا لأوصياء على لبنان. لكننا نرفض أي وصاية على لبنان إلا وصاية الدولة اللبنانية على كامل أراضيها وعلى ماليتها وقرارها".

وختم: "كنا كقوات لبنانية الصوت المعارض داخل الحكومة وكنا أيضا مساهمين ومسهلين للعديد من القرارات الاصلاحية وسنتصرف بنفس الطريقة خارج الحكومة وسندعم أي حكومة اختصاصيين ونتمنى من الآخرين العمل بنفس الأسلوب".