عند التحدث عن المأكولات التي يمكن أن تُلحق الضرر بجسم الإنسان، فإنّ آخر ما قد تفكّرون فيه هي المصادر النباتية وعلى رأسها الحبوب والبقوليات. لكن ماذا لو علمتم أنّ هذه المنتجات الطبيعية تحتوي على مادة «Lectin» التي قد تكون مؤذية جداً للصحّة؟ وهل هذا يعني بدوره أنه يجب الامتناع عن استهلاكها؟
 

شرحت إختصاصية التغذية، ناتالي جابرايان، لـ«الجمهورية»، أنّ «الـ«Lectin» عبارة عن بروتين متوافر في النباتات يحميها طبيعياً من الحشرات، ولكن عندما يتناوله الإنسان فإنّه قد يسبب له مشكلات صحّية معيّنة. فقد تبيّن أنّ استهلاك الحبوب والبقوليات غير المطهوّة بشكل جيّد قد يؤدي إلى التسمّم، ويسبب عسر الهضم والنفخة، ويعوق سَيلان الدم فيتخثر ويسبب تكتلات خلايا الدم الحمراء.

فضلاً عن أنّ الـ«Lectin» يعمل بطريقة مُعاكسة للمغذيات المهمّة للجسم، كالفيتامينات والمعادن، وبالتالي فإنّ تواجده في الحبوب، مثل الفاصولياء المليئة بالحديد والماغنيزيوم والفيتامينات B، يعوق قدرة الجسم على امتصاص هذه العناصر الغذائية.

وإستناداً إلى إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA)، فإنّ استهلاك، ولو 4 حبوب فقط من الفاصولياء غير المطبوخة جيداً، قد يسبّب التسمّم المُصاحب بأعراض مثل الغثيان والتقيؤ والإسهال».

وأكّدت أنّ «أفضل طريقة لتخفيف مادة الـ«Lectin» في النباتات تكمن من خلال طبخها بشكل جيّد لتفكيكها تماماً. فالمطلوب تحديداً نقعها ليومين على الأقل وتغيير المياه بانتظام، ثمّ طبخها في البريستو للضغط بشدّة عليها وضمان استوائها بالكامل».

فوائد وأضرار مُحتملة

ولفتت جابرايان إلى أنّ «لا إجابة دقيقة بعد عمّا إذا كان الـ«Lectin» مفيداً أو مضرّاً للإنسان، خصوصاً أنّ الامتناع كلّياً عنه يعني التخلّي عن مجموعة من أهمّ المأكولات الصحّية. وبالتالي فإنّ غياب التنويع الغذائي، بالتزامن مع اتباع حمية خالية من الـ«Lectin»، يعني التخلّي عن عناصر غذائية كثيرة وتعريض الصحّة للخطر».

وكشفت أنّ «غالبية الأبحاث العلمية المتوافرة حتى اليوم قد أُجريت على الحيوانات، وهي لا تزال قائمة للتأكّد من تأثيرها الفعليّ على الجسم. وما هو مؤكّد حتى اللحظة وجود تباين في وجهات نظر العلماء، بحيث يرى البعض أنّ حذف الـ«Lectin» من الغذاء له انعكاسات إيجابية، بينما يعتقد البعض الآخر أنّ ذلك سيولّد مشكلات عدة».


ولفتت الى الفوائد المحتملة للحمية الخالية من الـ«Lectin»، فقالت إنّها «تُلائم الأشخاص الذين يشكون من حساسية الطعام مثل متلازمة القولون العصبي والنفخة، لأنّ كثرة هذا البروتين تسبب الانتفاخ، والغازات، وآلام المعدة والمصران، والعجز عن هضمها وبالتالي إلحاق الضرر بالأيض والأمعاء.

فضلاً عن أنّها تساعد في تفادي المأكولات التي يُحتمل أن تكون سامّة مثل الفاصولياء غير المطبوخة جيداً، وتخفّض خطر تقرحات المعدة، وتساهم في الوقاية من أي ضرر في الجهاز الهضمي.

كذلك يعتقد بعض العلماء أنّ الـ«Lectin» يسبب الالتهاب المرتبط بأمراض المناعة الذاتية مثل داء السيلياك، والسكري، وإلتهاب المفاصل، أو الالتهاب بشكل عام الذي يسبب مشكلات جدّية كأمراض القلب والسرطان. وبالتالي فإنّ اتباع حمية خالية من هذا البروتين يؤدي تلقائياً إلى خفض الالتهاب في الجسم».

أمّا بالنسبة إلى سلبياتها، فقد أوضحت جابرايان، أنّ «الحمية الخالية من الـ»Lectin» مقيّدة جداً وبالتالي يصعب اتباعها على المدى الطويل، خصوصاً بالنسبة إلى النباتيين، بما أنّه يتم الامتناع عن الحبوب الكاملة والبقوليات ومجموعة من الخضار والفاكهة التي تندرج ضمن الأطعمة الصحّية، والتي ثبُت أنّها تساعد في خفض أمراض القلب، والسكري، والسرطان. ناهيك عن أنّ البقوليات، والحبوب، والفاكهة، والخضار مليئة بالألياف، وبالتالي فإنّ الامتناع عنها سيحفّز ظهور الإمساك. واللافت أيضاً أنّ هذه الحمية مُكلفة لأنّها تستوجب شراء أنواع معيّنة من الحليب، واللحوم، والمكملات».

المسموح والممنوع

وعرضت أبرز ما هو مسموح وممنوع في هذه الحمية. فأشارت أنّ «المأكولات التي يجب تفاديها تشمل البقوليات على أنواعها كالفاصولياء، والبازلاء، والحمّص، والعدس، جنباً إلى اليقطين، والفول السوداني، والباذنجان، والفلفل، والبطاطا، والبندورة، والذرة، ومنتجات الطحين. أمّا الأطعمة التي يمكن الحصول عليها فهي الورقيات الخضراء، والخضار الكرنبية مثل البروكلي، والهليون، والبصل، والفطر، والكرفس، والتفاح، والأرضي شوكي، والشمندر، والجزر، والكرز، والتوت، والليمون، والبامية، والفجل، والفريز، والبطاطا الحلوة. كذلك يمكن استهلاك بعض البروتينات الحيوانية مثل السمك، والدجاج، والبقر، والبيض، واستمداد الدهون من الأفوكا، والزيتون، والجوز، والفستق حلبي، وبذور الكتان والهمب».

وختاماً، أكّدت جابرايان أنّ «مصادر الـ»Lectin» لها إيجابياتها وسلبياتها، تماماً كما هو حال المنتجات الحيوانية. ولكن عند التمكّن من تفكيك الـ«Lectin» بشكل صحيح، فإنّ النباتات تصبح آمنة أكثر وبالتالي يمكن التلذذ بها والإفادة من قيمتها الغذائية العالية بأقلّ أضرار ممكنة».