طالب معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى بمعاقبة طهران عسكرياً واستعادة سياسة الردع، أو مواجهة هجمات غير متوقعة على غرار الهجمات التي نفذتها طهران، والتي استهدفت فيها ناقلات النفط ومنشآت أرامكو النفطية.

وأكد تقرير نشره موقع المعهد أن النظام الإيراني يخشى الحرب وهو في مرحلة ضعيفة جداً من تاريخه.

 

وتفصيلاً دعا 3 خبراء في المعهد، في ندوة سياسية مشتركة في معهد واشنطن، إلى معاقبة إيران على اعتداءاتها الخطيرة على منشآت النفط في السعودية، مؤكدين أن طهران ستواصل عملياتها الخطيرة مجدداً إذا لم تدفع الثمن المناسب.

وقالت سوزان مالوني نائبة مدير "برنامج السياسة الخارجية" في "معهد بروكينغز": حين انسحب الرئيس الأميركي من "خطة العمل الشاملة المشتركة" (الاتفاق النووي) في أيار 2018، أثار الكثير من المتابعين تنبؤات عن رد إيران المحتمل. لكن في العام الذي تلا ذلك القرار، ارتأى النظام الإيراني ضبط نفسه نسبياً، معبّراً عن رغبة في معرفة ما ستسفر عنه حملة الضغط الأميركية، وكيف سترد أوروبا عليها، وما إذا كانت الشركات ستلتزم بالعقوبات المفروضة من جانب واحد.

 

لكن سرعان ما اكتشفت طهران أن سياسة الضغط كانت فعّالة بشكل لا يصدَّق على الرغم من قلة الدعم من حلفاء الولايات المتحدة. فقد خلّفت وقعاً مباشراً على اقتصاد إيران، وهو ما شعر به المواطنون الإيرانيون العاديون بشكل أكثر حدة مما شعروا به مع العقوبات السابقة.

وحين استنتج النظام الإيراني أنه لن يتمكن من تحمّل الصمود غير المحدود لحملة الضغط الأقصى، شعر بالحاجة إلى تغيير حسابات الإدارة الأميركية وإعطاء إحساس بالإلحاح حول هذه القضية بالنسبة للمجتمع الدولي الأوسع. وللقيام بذلك، لجأت إيران إلى تكتيك ساعدها بشكل جيد في الماضي، ومفاده: "عندما تُضرب، عليك أن تضرب بقوة أكبر".

وتابعت "ومن المرجح أن تواصل مسيرتها التصعيدية، ومن خلال ذلك تغيير أساليبها الاعتيادية بانتظام، بحيث تستهدف ناقلة نفط هذا الأسبوع، ثم تنتهك في الأسبوع التالي "خطة العمل الشاملة المشتركة" (الاتفاق النووي) عبر تركيب أجهزة طرد مركزي ذات كفاءة عالية، وهكذا دواليك. وسوف تُعقد هذه التكتيكات المتغيرة مساعي الرد الأميركية".

 

وقالت إنه "من الواضح حالياً أن الولايات المتحدة خسرت أي تأثير رادع كان لها على إيران، وسيظل هذا هو الحال إلى أن تُقرر فرض تكاليف على طهران جراء أعمالها الأخيرة".

 

من جهته، قال نورمان رول، مسؤول في الاستخبارات الأميركية وكبير مستشاري "مشروع مكافحة التطرف": "كانت الردود الأميركية والإقليمية موزونة حتى الآن، ويسهل نوعاً ما التنبؤ بها. فالسعودية والإمارات والكويت والبحرين، شأنها شأن واشنطن، لا تملك أي مصلحة في خوض نزاع مع إيران في الوقت الحالي، حيث لا يُمكن لأي من هذه الدول التنبؤ بتبعات أي ضربة عقابية على إيران، بالتأكيد هناك من يشعر بخيبة أمل بسبب عدم توجيه ضربة أميركية لطهران. لكن الأطراف المعنية في المنطقة اعتمدت نهجاً حذراً ومدروساً، حتى إيران نفسها".

 

فعلى الرغم من الاستفزازات الإيرانية، لا يرغب النظام في خوض نزاع في وقت يواجه فيه ضعفاً هائلاً في الداخل، وانتقالاً وشيكاً في قيادته، ولذلك فإن الاحتمالات بأن تسبب الضربة على إيران حرباً شاملة غير مرجحة للغاية على الرغم من المخاوف المثيرة للقلق بحدوث عكس ذلك.

وأشار قائلاً: "وفي خضم جميع الانتقادات التي تتعرض لها إدارة ترمب، حافظت الإدارة الأميركية على ثبات كبير في سياستها، أي على وجه التحديد رفض رفع العقوبات عن طهران إلى حين تغيير سلوكها، بيد أن التحدي الأكبر الذي تواجهه في تطبيق هذه السياسة هو غياب النهج المدعوم من الحزبين الأميركيين تجاه إيران".

 

وتابع: "أما الخاسر الأكبر في الوضع الراهن فهو قوة الردع الأميركية. فلا يشك أحد في مسؤولية إيران عن قائمة طويلة من الانتهاكات الدولية، ومع ذلك رأى الجميع أن النظام الإيراني يواصل مخالفاته دون أن يدفع الثمن، ومن المؤكد أن الجهات الفاعلة المارقة في جميع أنحاء العالم تستوعب هذا الدرس".

 

من جانبه، توقع مدير المعهد مايكل سينغ أن تواصل طهران نهجها، وتابع: "في المرحلة المقبلة ستواصل إيران بلا شك نهجها المتمثل في شن نوع معين من الهجمات، وهي تنتظر الرد الأميركي الذي يهدف إلى معالجة ذلك التهديد المحدَّد، ثم تحاول مفاجأة واشنطن من خلال مهاجمة هدف مختلف تماماً وبطريقة مختلفة. ينبغي على الولايات المتحدة أن تدرك هذا النهج، وأن تتوقف عن مقاربتها التفاعلية المحضة لترغم طهران بدلاً من ذلك على التفاعل مع الأعمال الأميركية، وهذا يعني توسيع نطاق حملة الضغط الأقصى من مجال العقوبات الذي يعتبر محدوداً للغاية، ليطال مجالات أخرى، بما في ذلك الأعمال العسكرية السرية والضغوط الدبلوماسية. فخيارات الهجمات الإيرانية ووتيرتها تتطلب الردع، ويجب أن تكون واشنطن مستعدة لمجابهة أعمال النظام الحركية برد حركي".