القلق من الأوضاع الاقتصادية في البلاد دفع بأكثر من جهة اقتصادية الى إطلاق صرخة تحذيرية على طريقة «اللهم إنّي بلّغت»، إذ إنّ الحراك والخطوات المطلوبة محصورة بيد السلطة التنفيذية التي تتابع ولو ببطء كيفية تنفيذ مقررات لقاء بعبدا وكيفية تطبيق حال الطوارئ الإقتصادية.
 

أكثر من بيان تحذيري وأكثر من صرخة استغاثة أُطلقت أمس تشكو الاوضاع الاقتصادية المتدهورة للقطاع الخاص، وترفض أيّ زيادة في الأعباء الضريبية وتحذّر من الانهيار الذي يدق الأبواب.

عرضت الهيئات الاقتصادية في اجتماعٍ عقدته برئاسة الوزير محمد شقير في مقرّ غرفة بيروت وجبل لبنان، وبمشاركة أعضاء الهيئات، الأوضاع العامة في البلاد، وأصدرت بياناً أبدت فيه تخوّفَها من مسلسل التراجعات التي تصيب مفاصل الاقتصاد الوطني كافة.

ودعت الهيئات السلطة السياسية لأن تكون لديها الجرأة في الدخول على الملفات الأساسية ذات التأثير السلبي الكبير على الوضعين المالي والاقتصادي، واتّخاذ إجراءات جذرية لمعالجتها.

وأعلنت أنّ «القطاع الخاص الذي يمثل ثلاثة أرباع المجتمع اللبناني هو الآن ينهار مثل حجارة الدومينو، كما أنّ الاقتصاد الحقيقي والقطاعات الإنتاجية تحتضر، في حين لا توجد مبادرات جدّية في الأفق».

وشدّدت على أنّ العلاج الحقيقي يكمن في إعادة هيكلة القطاع العام وخفض نفقاته، وهذا الموضوع يجب أن يكون على رأس أولويات السلطة، فضلاً عن وقف التهريب، وإنهاء الاقتصاد غير الشرعي ومعالجة ملف الكهرباء ومكافحة الفساد.

وأكدت أنّ «حجم القطاع العام هو أصل البلاء، وأنّ إزالة الورم فيه هي أمر لا مفرّ منه».

واعتبرت الهيئات «إما أن يتمّ الإصلاح بشكل منظَّم وممنهَج أو ستخرج الأمور عن السيطرة ويحصل هذا الأمر بشكلٍ مؤذٍ».

في هذا السياق، أوضح نائب رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان محمد لمع أنّ الهيئات الاقتصادية ليست سلطةً تنفيذيةً لتتّخذ القرارات أو الإجراءات اللازمة، إنما عليها أن تحذّر وتنبّه إذ لا يجوز بعد اليوم التغاضي عن إعادة هيكلة القطاع العام او معالجة الكهرباء او وقف الهدر... للاسف أنّ الدولة لم تحقق شيئاً من هذه المطالب او حتى غيرها من المطالب الاساسية لبدء الإصلاح.

وقال: ليس في وسع الهيئات اتّخاذ خطوات تصعيدية لأنّ الاوضاع اليوم لا تتحمّل أيَّ إضراب او إقفال. والهيئات في حال ترقّب لموازنة 2020 وما ستتضمّنه من خطوات اصلاحية، ناهيك عن انّ المسؤولين انفسَهم يعترفون ويصرّحون بأنّ الأوضاع خطيرة.

أما عن مطلب الهيئات بإعادة هيكلة القطاع العام، فقال: لطالما حذّرت الهيئات من عواقب إقرار سلسلة الرتب والرواتب تجنّباً للاوضاع التي وصلنا اليها اليوم. اما المقصود من مطلب إعادة هيكلة القطاع العام فهو إعادة توزيع الموظفين بشكل عادل بين الوزارات والمؤسسات العامة، إذ لا يجوز ان يكون هناك فائض في وزارات ونقص في الموظفين في ادارات عامة ومَن لا عمل له فليذهب الى منزله. اضف الى ذلك أنّ الدولة هي مَن تحدّثت عن تجميد السلسلة على مدى ثلاث سنوات.

أما عن وضع السوق وكيفية تعاطي القطاع الخاص مع ازمة الدولار والنقص في السيولة التي تعاني منها الأسواق فقال: لا شك انّ الأزمة المالية التي نمرّ بها والنقص بالدولار أثّرا كثيراً على وضع القطاع الخاص، وللغاية، راجع رئيس الهيئات الاقتصادية حاكم مصرف لبنان مؤخراً، وقد نقل عن سلامة تخوّفه من استنزاف العملة الصعبة إذا ما أفرج عن احتياطاته على غرار ما حصل في الثمانينات. فلدى المركزي احتياطي بما مجموعه 38 مليار دولار وبإمكانه أن يضخّ في السوق 5 مليارات دولار لكنه يخشى أن تستنزف السوق كل هذا المبلغ. فالحاكم يخشى أن يتم سحب هذه الأموال من السوق فوراً، وأن تكون هناك لعبة أكبر من أن يتمكن المركزي من السيطرة عليها.

الجميل

من جهته، أطلق رئيس إتّحاد تجار جبل لبنان نسيب الجميل صرخة استغاثة لإنقاذ الاقتصاد الوطني بشكل عام والقطاع التجاري بشكل خاص.

ووصف الجميل أوضاع القطاع التجاري بالمزرية، «فالخسائر تتراكم والإقفالات تتوسع، في حين أنّ ردة فعل السلطة لا تزال أقل بكثير ممّا يجب».

وقال: «لا يكفي أن تعلن السلطة حال الطوارئ الاقتصادية، فهذا الاعلان لم يغيّر شيئاً في واقع الحال حتى الآن». وطالب بأن يترافق ذلك وإجراءات استثنائية وطارئة لإنقاذ البلد على أن تكون في مقدمتها أن تنفّذ الدولة سياسةً فوريّةً للتقشف.

وأعلن الجميل أنه سيدعو اتّحادَ تجار جبل لبنان للاجتماع لاتّخاذ القرارات المناسبة لمواجهة المرحلة.

تجمّع رجال الأعمال

كذلك إجتمع مجلس إدارة تجمع رجال وسيدات الأعمال اللبنانيين في العالم برئاسة فؤاد زمكحل وفي حضور أعضاء مجلس الإدارة، وبحث المجتمعون في الأوضاع الإقتصادية الصعبة التي تمرّ بها الشركات اللبنانية في لبنان والمنطقة وخصوصاً ندرة السيولة الموجودة في الشركات وديونها المتراكمة، وشحّ العملات الأجنبية. كما دار النقاش حول مشروع موازنة العام 2020.

وعرض زمكحل الإستراتيجات والأفكار المقترحة، معتبراً انّ العنوان الأساسي والأولويّة الرئيسة لموازنة 2020 يجب أن تكون إعادة بناء النمو، وتشجيع الاستثمار».

وقال: لم تتمكّن أيُّ دولة في العالم من سدّ عجزها من خلال زيادة الضرائب، ولكن على العكس مَن نجح بذلك هو تلك الدول التي قامت بإستخدام جميع ميزاتها لخلق النموّ وزيادة ناتجها المحلي الإجمالي.