سواء كنتم ترتدون الحذاء المخصّص للركض للمرة الأولى أو تتعلّمون أصول رفع الأثقال، فإنّ الانخراط في برنامج بدني روتيني جديد هو حتماً وقت مُثير. لكن إلى جانب تحسين المظهر الخارجي، هل تعلمون فعلاً ماذا يحدث داخل أجسامكم عند بدء ممارسة الرياضة؟
 

لا شكّ في أنّ التغيّرات الإيجابية للنشاط البدني على الصعيدين النفسي والجسدي هي حتماً مُحفِّزة، فاستناداً إلى مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، تبيّن أنّ الرياضة المنتظمة تساعد على خفض خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني، والبدانة، والتهاب المفاصل، بالإضافة إلى زيادة الطاقة وتحسين النوم.

لكن ماذا يحصل فعلاً في الجسم عقب حدوث هذه التغيّرات؟ قال اختصاصي الطب الرياضي، دوغلس كومو، من «Boston Medical Center» إنّ «الأمر يعتمد على نوع التمرين ومدّته وإذا تمّت ممارسة الرياضة مُسبقاً. ولكن عموماً، يمكن ملاحظة نمو في العضلات، وارتفاع الطاقة، وتقوية الجهاز المناعي».

أمّا بالنسبة إلى متى يجب تَوقّع ظهور مثل هذه المنافع، فأوضَح كومو أنّ «بعض الأشخاص سيواجهون ذلك مباشرة، مثل ارتفاع مستويات الطاقة. أمّا بالنسبة إلى البعض الآخر، فقد يستغرق ظهور نتائج اكتساب العضلات أو خسارة الدهون نحو شهر أو شهرين».

إذا كان الفضول يغمركم لمعرفة كيف ولماذا تحدث كل هذه التغيرات؟ اطّلعوا في ما يلي على أبرز ما يحدث في الجسم من الداخل والخارج عند بدء الانخراط في التمارين، وفق كومو:

القلب
تساعد الرياضة على رفع تدفّق الدم إلى القلب، ما يُرسل مزيداً من الأوكسجين إلى الأعضاء والعضلات. ناهيك عن أنها تحسّن ضغط الدم، وتخفّض معدل دقات القلب أثناء الاستراحة، وتقلّص مستويات الكولسترول. وكل هذه العوامل تؤدي إلى تقليل خطر الموت بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية، بحسب مقال نُشر عام 2018 في «Frontiers in Cardiovascular Medicine».

العضلات
في حال عدم ممارسة الرياضة مُسبقاً على الإطلاق أو العودة إليها بعد انقطاع طويل، من المحتمل أن تشعروا بالألم. إنّ تحريك عضلات لم تستخدموها من قَبل سيؤدي إلى بعض الانزعاج، وهنا لا بدّ من لفت الانتباه إلى أنّ الوجع يختلف عن الانزعاج. ففي حال معاناة عدم الراحة في العضلات، يمكن استخدام الثلج لتهدئة الالتهاب، جنباً إلى القيام بقليل من تمارين التمَدّد. أمّا عند الشعور بالوجع، فالمطلوب التوقف عن أي رياضة تمارسونها واستشارة الطبيب في حال العجز عن التخلّص منه. وإلى جانب الشعور بانزعاج قليل، يجب ملاحظة اكتساب العضلات عند ممارسة النشاط البدني بانتظام. إستناداً إلى «Cleveland Clinic»، تسبّب الرياضة ما يُعرف بالـ»Micro-Tears» في الألياف العضلية والأنسجة الضَامّة، وهذا أمر جيّد. فمع الاستراحة والغذاء الجيّد، هذه الدموع الصغيرة تجعل العضلات أكبر وأقوى.

الدماغ
إنّ الرياضة مفيدة للدماغ لأسباب عدة. فهي تعزّز تدفق الدم، خصوصاً إلى الدماغ، الأمر الذي يخفّض خطر الإصابة بالخرف، وفق دراسة نُشرت عام 2019 في «BMC Public Health».

الجهاز المناعي
على رغم أنّ الرياضة تملك تأثيراً إيجابياً في خطر التعرّض لأمراض القلب، إلّا أنّ انعكاسها على نزلات البرد هو أقل وضوحاً. لكنّ إحدى النظريات تقترح أنّ ارتفاع الدورة الدموية، وبالتالي الأجسام المضادة وخلايا الدم البيضاء، يساعد الجسم على رَصد العوامل التي تجتاحه ومحاربتها بشكل أسرع.

الهورمونات
قد تفكرون في أنّ ممارستكم الرياضة بوتيرة أكبر من قبل يعني أنه بإمكانكم الأكل أكثر، ولكنّ ذلك يعتمد تحديداً على مستوى نشاطكم وأهدافكم، مثل خسارة الوزن أو الحفاظ عليه. إذا اعتدتم الأكل كثيراً وعدم ممارسة الرياضة، فقد لا تشعرون بالجوع منتصف اليوم مِثل الفترة السابقة. ولكن في حال انتابَكم الجوع، تأكدوا من عدم الخلط بينه وبين إشارات العطش، ولا تبالغوا في الأكل فقط لأنكم تشعرون بأنكم تحرقون مئات السعرات الحرارية.

يساهم النشاط البدني في تحفيز الأيض بداية، لكنّ هذا الأخير يتعلّم التأقلم مع الوضع. على سبيل المثال، إذا كان الشخص يَتّبِع نمط حياة كسول ولكنه بدأ بالمشي يومياً، فإنه سيلاحظ ارتفاعاً في حرق الكالوري، ولكنه لن يتمكن، بعد ذلك، من التخلّص من نسبة الكالوري ذاتها. لذلك، عليه تغيير نشاطه بانتظام وعلى أساسه تعديل نظامه الغذائي. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ النساء تحديداً قد يشعرن بالشهيّة على الحلويات نتيجة الضغط الرياضي.

الطاقة
إذا كنتم تتوجّهون بانتظام إلى النادي وانخَرطتم في تمرين معيّن، فإنكم قد تشعرون بزيادة في الطاقة فوراً. لكن في حال عدم ممارسة الرياضة، فقد ينتابكم التعب بادئ الأمر، لكنّ طاقتكم ستندفع بقوّة بعد مرور بضعة أيام، وستشعرون بإنتاجية أكبر من الرياضة.