أعلنت كاتبة مصرية مرموقة أنها سوف تتوقف عن كتاباتها المستنيرة لأنها وجدت نفسها وحيدة بلا مناصرين، لا من الحكومة ولا من غيرها. فيا سيدتي، هل يكتب الإنسان الحقيقي للحكومة أو للمعارضة؟ يكتب الإنسان لنفسه أولاً وأخيراً. يُذر القمح في الحقول ولا يعرف، ولا يهمه أن يعرف، أين يتحول إلى أرغفة وخبز ورضا.

 


يبحث الكاتب عن الحقيقة، ولا يعرف أين يجدها. مرة في اليسار، مرة في اليمين، مرة في الوسط. ومهمة الكاتب أن يدل عليها في شجاعة وفروسية ونبل، كما تفعلين أنتِ وعدد من زميلاتك وزملائك. الصامتون يملأون الدنيا. ولا قيمة لمشاعرهم إذا لم يعبّر أمثالك عن آلامهم وأحلامهم وأمانيهم. الشجعان مثلك لا يقدمون استقالتهم لأحد. دعي كتّاب الحكومة والمعارضة يقدمون استقالتهم لهما.

 


أنتِ، كاتبة عند نفسك. وعند آلاف الذين يعرفونك ولا تعرفينهم. أذكّرك بقول شاعر الإسبانية، بابلو نيرودا: «يجب على المرء هنا في تشيلي أن يتحزب في سبيل الفقراء، في سبيل من هم بلا مدرسة وبلا حذاء». وخاطب عمال المناجم قائلاً: «إنك لست وحدك، ثمة شاعر يفكر في آلامك».

 


إنني، كواحد من أهل هذه الأرض وأفراد هذه المهنة، فخور بك. وأبحث دائماً عن توقيعك وتواقيع السرب المضيء من زميلاتك. ليس فقط في مصر، الرائدة في كل شيء جميل، بل في كل بلد عربي، تؤدي فيه المرأة دور حراسة الإنسان والقيم والروح السامية.

 


دعيني أشاركك فيما نقلته «عكاظ» عن خطبة إمام المسجد الحرام الشيخ صالح بن حميد، الذي نقل عن ابن القيم «ومن عقوبة المعاصي أنها تعمي بصيرة القلب، وتطمس نوره، وتسد طريق العلم، وتحجب مواد الهداية. وعمى القلب يسبقه أمراض القلب من الكِبر والنفاق، وأعمى القلب لا يعقل لأن العقل نور القلب».

 


إلى أين أنت مستقيلة؟ وأنت ممن ائتلفت قلوبهن؟ أعتذر أنني لم أذكرك باسمك المحترم. لأنها رسالة إلى جميع جامعي العقل والقلب. ولا نريد لهذه العائلة الطيبة أن تبدأ بالتراجع والانسحاب. القلم مسؤولية كبرى. ومن امتلك قدرته تعاظم دوره. وما أدراك كم من الشعراء وعمال المناجم يريحه أن تفكّري به.