استقبل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قبل ظهر اليوم في الديمان، مجلس نقابة محرري الصحافة برئاسة النقيب جوزف القصيفي الذي استهل اللقاء بكلمة جاء فيها: "تحملون مجد لبنان وإرثه، مقتفين خطى الذين قيل فيهم: "عصيهم من خشب، أما هم فمن ذهب"، وتلتزمون بشارة الإنجيل وإنجيل البشارة، وتسلكون سبيل الحق الذي تعرفون، وبه تحررون وتتحررون.

 

نزوركم اليوم على مرمى أسابيع من العد العكسي لمئوية دولة لبنان الكبير، وهي المولود الشرعي لحقائق التاريخ والجغرافيا، وقد ظلت جنينا يتكور في رحم الأيام، إلى أن قيض لها القابلة المقتدرة، الواثقة التي أبصرتها النور في الاول من ايلول 1920. هذه القابلة ليست سوى الياس الحويك سلفكم الطيب الذكر ، تحوطه هامات وقامات روحية وزمنية، من طوائف لبنان ومناطقه، في دلالة عميقة على الشراكة الوطنية في هذا الخيار المصيري، الذي بدأ معه تاريخ لبنان الحديث.

 

على خطى الحويك سار عريضه الذي باع صليبه لإطعام الجياع في الحرب العالمية الأولى، والمعوشي الذي كان مع الشراع لا مع الريح، وخريش المتبصر، الحكيم، الذي لا يخشى الجهر بآرائه، ولو اشتدت عليه الصعاب، وصفير الماسي الفم الذي قال ما قال، ومضى يده على المحراث، يقوده إيمان يزلزل الجبال من مواضعها، ولسان حاله:
مشيناها خطى كتبت علينا ومن كتبت عليه خطى مشاها.

 

أنتم الحلقة السابعة والسبعون في سلسلة أولئك العظام الذين نقلوا لبنان- الفكرة، من حيز القوة إلى حيز الفعل. هيهات لو عرفنا كيف نحافظ عليه.

 

ماذا تبقى من دولة لبنان الكبير في دولة لبنان-الطائف؟ هل سلم اللبنانيون أن وطنهم الذي تعاهدوا على الولاء له ، وطنا نهائيا، تحول الى دولة الطوائف؟


هل خلو لبنان من القوى الخارجية، ساعد على إنطلاق دولة المؤسسات، ولماذا عجز المسؤولون، عن تجاوز الهواجس المتبادلة، والخروج من ثقافة التوجس والحذر؟


لماذا فشلت كل المحاولات في جمع القادة الموارنة تحت سقف الثوابت الرئيسة لكنيستهم، ووقف حرب الإلغاء السياسية في ما بينهم؟


هل إقرار الموازنة سيحقق نقلة نوعية على طريق الإستقرار السياسي والإقتصادي؟


ما رأيكم بالطبقة السياسية في لبنان، وهل لا تزال أهلا للثقة وقيادة البلاد إلى الملاذات الآمنه".

 

وأضاف: "صاحب النيافة والغبطة، لكم منا الإحترام، ونعلم كم تعانون، وكم ثقيلة الأحمال الملقاة عليكم. أنتم متمرسون بثقافة الرجاء التي كرز بها بولس الرسول، لكن عذرا إن طرحنا سؤالا مضافا على ما سبق وطرحناه ولا ينفك المواطنون عن طرحه كل يوم:


هل أُوصدت أبواب الأمل، وهل يتعين علينا أن نخاف من المستقبل، وأن نجد أنفسنا في لبنان آخر لا يشبه دوره ورسالته؟".

 

الراعي
ورد البطريرك الراعي بكلمة جاء فيها: "أشكرك عزيزتا الأستاذ جوزف نقيب المحررين على وصفك للبطاركة كل بحسب شخصيته. أهلا بك وأعضاء مجلس النقابة الأحبة. بفرح كبير استقبلكم اليوم وبمعان عميقة كثيرا في الديمان الذي يحمل أبعاده التاريخية الكبيرة. ولا بد لي أن أشكر الأستاذ جوزف على كلمته الغنية التي تتضمن كل شيء. وأنطلق من كلمته لأقول أن هذا المكان (الديمان) يوحي لنا نحن الذين نستعد للمئوية الأولى لأعلان دولة لبنان. في هذا الوادي نستلهم المسيرة الطويلة التي بدأت مع البطريرك الياس الحويك عام 1920 إلى ذروة مسيرة طويلة، التي إنطلقت مع يوحنا مارون، ولكن من هذا الوادي، وادي قنوبين الذي عاش ودفن فيه 17 بطريركا على مدى 400 سنة. في هذا الوادي ناضل الشعب وعلى رأسهم البطريرك بذراعيه المدني والكنسي المطارنة الذين كانوا يعيشون معهن حاملا المسيرة الطويلة وناضل في سبيلها على الرغم من كل الصعوبات في زمن المماليك كما حصل في زمن العثمانيين".