لعلّ أبرز خُلاصة يُمكن الخروج بها بعدَ ثلاثة أيام من مُناقشة الموازنة في المجلس النيابي، ما قاله وزير المال علي حسن خليل، في معرض ردّه على مداخلات الزملاء النواب بأنهم «اعترضوا (وهذا حقهم) على ما وافقَ عليه ممثلوهم في مجلس الوزراء. علماً أنّ ما من كتلة داخل الحكومة اعترضت على الموازنة، بل كان لها ملاحظات على بعض البنود».

كأنها «موازنة لقيطة» عبارة مرّرها وزير المال، مُنتقداً أصحاب السعادة الذين أطلقوا السهام على الموازنة وبغضوها، وكأن الكائنات الفضائية هي التي فرضتها عليهم، لا القوى السياسية التي ينتمون إليها قد وضعتها مجتمعة. وبما «أننا تحت مجهر مؤسسات التصنيف والمؤسسات المعنية بمساعدتنا»، حذّر خليل الذين «يريدون تبرئة ذمتهم وأحزابهم أو تياراتهم السياسية من هذه الموازنة» بأن «الجميع في مركب واحد»، وبدلاً من نسفها «كان عليهم تقديم اقتراحات إصلاحية، ولا سيما أنني لم أتمسّك بأي بند على الإطلاق، بل دعوت إلى المشاركة في صياغتها من باب الشراكة الوطنية والتعاون بين المؤسسات».

على هذا النحو، جاءت «مطوّلة» الوزير خليل التي استمرت نحو ساعة، وقال فيها ما كان يجب على رئيس الحكومة أن يقوله خلال كلمته. لكن وزير المال توسّع حتى وصل به الحديث إلى الأملاك البحرية والمعابر غير الشرعية! فبعد أن استعرض بالأرقام والوضع المالي وتطوراته، قال إن «تعاطينا مع أرقام الموازنة لا ينفصل عمّا نعيشه من وضع مالي»، مُدافعاً عن «سيدر» الذي «لا يرهن أحداً، بل هو مجموعة من المقرضين الذين عبّروا عن استعدادهم لإقراض لبنان بفوائد منخفضة، لتمويل مشاريع ستمر جميعها على المجلس النيابي، فإما أن يرفضها أو يقبل بها». وللذين تحدثوا عن غياب الرؤية الاقتصادية، قال إن «الموازنة لا يُمكن تحميلها أزمات البلد وغياب سياساته الاقتصادية».

بدوره قرأ الرئيس سعد الحريري كلمة مكتوبة مختصرة، لكنها تحمل المضمون نفسه. إذ اعتبر أن كل الانتقادات التي سمعناها عن الموازنة والهدر تحدّثت بالعموم، معتبراً أنه «إذا كانت الحكومة فاسدة، فإن كل الكتل النيابية الموجودة في المجلس فاسدة». وطبعاً لم يغفل الدفاع عن «سيدر» الذي هو «عبارة عن مشاريع تريد الدولة اللبنانية القيام بها في كافة القطاعات، لكنها بدلاً من أن تأتي بفوائد تصل إلى 14 و15 بالمئة ذهبنا إلى (سيدر) بفوائد 1 بالمئة»، كما عن المصارف، إذ «لا استقرار نقدي من دون قطاع مصرفي قوي وسليم»، مشدداً على «دور مصرف لبنان بالحفاظ على القطاع المصرفي». وأشار إلى أن «الدور الأكبر اليوم هو للقطاع الخاص»، لافتاً إلى أن «هناك مؤسسات تشغلها الدولة، ولكن في كل دول العالم القطاع الخاص من يشغلها».

 

 

وكان لافتاً أن رئيس الحكومة، في ردّه باسم الحكومة على ملاحظات النواب على مشروع موازنة عام ٢٠١٩، أعلن أن انتقاده للجنة المال والموازنة في عملها الرقابي على مشروع الموازنة لم يكن بمحلّه.

وبعد الانتهاء من الكلمتين، مرّر مجلس النواب تسوية جديدة «تشرّع» مخالفة الدستور من خلال اقتراح قانون تقدّم به النائب آلان عون، قضى بمنح الحكومة مهلة شهر لتعزيز إمكانات ديوان المُحاسبة ليتمكن من القيام بعمله بإنجاز التدقيق بالحسابات المالية، كذلك بإعطاء مهلة ستة أشهر لديوان المحاسبة لإنجاز التدقيق بالحسابات المالية من سنة 1997 وحتى 2017. فالدستور والقانون يوجبان إنجاز قطع حساب العام السابق قبل إصدار موازنة العام المقبل. وبينما اعتبر المعترضون على القانون أنه يشكّل مخالفة دستورية، أشار طارحوه إلى أنه منع التسوية على الحسابات المالية وإقفال الملف من خلال إبقاء ملف الحساب المالية مفتوحاً ريثما يقول ديوان المحاسبة كلمته. وقد اعترض عليه كل من نواب الكتائب، ونواب القوات الذين حضروا، كذلك النواب جميل السيد وأسامة سعد وميشال معوض وجهاد الصمد وبولا يعقوبيان، قبل أن تحدد جلسة بعدَ ظهر اليوم للتصويت على بنود الموازنة.

على صعيد آخر، أشار عضو ​كتلة الوفاء للمقاومة​ النائب ​علي عمار،​ في مداخلة له إلى «أننا نعيش تداعيات قرار وزير العمل ​كميل أبو سليمان​ حول ​العمال​ الفلسطينيين، والوضع كاد ينفجر، و​الجيش​ منهك في الطرقات»، فردّ رئيس المجلس ​نبيه بري​ على عمار، مؤكداً أن «موضوع القرار بشأن العمال الفلسطينيين انتهى»، داعياً «وزير العمل إلى عقد ​مؤتمر​ صحافي وإعلان ذلك». من جهته، قال رئيس الحكومة سعد الحريري، تعليقاً على كلام عمار: «سأطلب من وزير العمل أن يرفع القرار بشأن مكافحة اليد العاملة الأجنبية إلى مجلس الوزراء لنتخذ القرار المناسب».