أطلقت نقابة المهندسين في بيروت - رابطة المهندسين الاخصائيين في التنظيم المدني وبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية UN- HABITAT التقرير التشخيصي حول "السياسات الوطنية المدينية"، برعاية وحضور وزير الاشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس، النائب حسين جشي، الوزير السابق ميشال فرعون، نقيب المهندسين في بيروت المعمار جاد تابت، مدير عام المؤسسة العامة للإسكان روني لحود، مدير برنامج UN-HABITAT طارق عسيران، رئيس اتحاد معماريي البحر المتوسط المعمار وسيم ناغي، رئيس رابطة المهندسين الاخصائيين في نقابة المهندسين المعمار فراس مرتضى، وأعضاء مجلس النقابة حاليين وسابقين ورؤساء الروابط واللجان ومديرين عامين وممثلي المكاتب الاستشارية والفنية والشركات الهندسية في لبنان.

مرتضى 
بعد كلمة عريف الحفل الدكتور مصطفى إبراهيم، تحدث رئيس الرابطة المعمار فراس مرتضى فأعطى لمحة عن مرحلة تأسيس الرابطة، موضحا انها "تأسست بناء لقانون مزاولة المهنة 636 والنظام الموحد للرابطات لتكون إضافة علمية على مساحة النشاط في نقابة المهندسين فتأخذ دورها تسليطا للضوء على القضايا التخطيطية المدينية على مساحة الوطن من زاوية الممارسين لهذا الاختصاص.

أضاف: "سنكون شركاء مع مراكز الأبحاث الجامعية وهيئات المجتمع المدني والإدارات المحلية واتحادات البلديات والمؤسسات المتخصصة لاسيما برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية UN-HABITAT الذي ينشط منذ وقت ليس بقليل معدا للأبحاث وسادا للفراغ الذي يعانيه واقع التخطيط الحضري في لبنان".

وفي لمحة تاريخية لقطاع التخطيط المديني والحضري في لبنان نلاحظ مروره ب 15 محطة : 
1920 -1926 خلال الانتداب حيث المباشرة بمسح خرائط المساحة التفصيلية.
1932 الخطة الخمسية لبيروت
1940 انشاء وزارة التصميم
1941 -1950 حقبة اكوشار وتطوير مخطط شامل لبيروت ومدن أخرى
1948-1950 النكبة الفلسطينية- انشاء مخيمات فلسطينية في لبنان
1952 -1954 تطوير خطة اكوشار من مخطط سويسري ارنست الي
1959 -1964 بعثة ايرفيد واعداد مسح للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية لستين بلدة، نتج عنها خطة خمسية للتنمية، تأسيس المديرية العامة للتنظيم المدني
مرحلة الرئيس فؤاد شهاب - تنفيذ مشاريع بنى تحتية تابعة للدولة وعلى مساحة الدولة
1960 دوكسياديس صياغة خطة شاملة للإسكان على المستوى الوطني
1977 الغاء وزارة التصميم وانشاء مجلس الانماء والاعمار
1975-1990 الحرب الاهلية؛ تغيير بالتوزيع الجغرافي وتوسع غير شرعي وعشوائي للمناطق الحضرية وانشاء لينور لتطوير ساحل المتن الشمالي
1991-2005 حقبة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، تكليف شركة سوليدير إعادة اعمار وسط بيروت كشركة عقارية، مشروع اليسار لإعادة إسكان 80 الف مواطن وتوقف بسبب نقص التمويل.
2002-2009 الخطة الشاملة لترتيب الأراضي
2016 تكليف بوزارة دولة لشؤون التخطيط 
2018 تشكيل حكومة من دون وزارة الدولة لشؤون التخطيط.

وتابع:" مقابل هذا المسار كان يكبر عدد المهندسين المتخصصين بالتخطيط والتنظيم المديني الذين يمارسون العمل في لبنان انما غالبا بشهادتهم الأولى معماري ومدني وقسم كبير منهم تخرج من الجامعات اللبنانية التي بدأت تقدم برنامج ماستر الاختصاص منذ التسعينيات من القرن الماضي في جامعات الالبا، اللبنانية، الأميركية، والعربية. هذا ولم يسجل معظم الخريجين شهادتهم الثانية في النقابة لعدم السؤال عنها خلال ممارستهم المهنية. ولغياب الموازنات التي تؤمن التمويل الكافي لتكليف المكاتب المتخصصة في ظل غياب الكادر البشري المتخصص في التخطيط المدني. نضيف الى ذلك عودة البلديات والاتحادات لممارسة دورها في التخطيط في غياب القدرة المادية احيانا على توظيف كادرات متخصصة ترفدها بالخبرة المطلوبة مع استعدادها لتكليف مهمات استشارية محددة. كلها تحديات حقيقية نحن في الهيئة الادارية وأعضاء رابطة المهندسين الاخصائيين في التنظيم المديني ندركها جيدا ونضع انفسنا بتصرف وزارة الاشغال العامة والنقل والوزارات المعنية من بيئة وداخلية وزراعة والادارات العامة واتحادات البلديات والبلديات لمواجهتها وتقديم الخبرات والاستشارات التخطيطية والتنظيمية المدينية نحو مدن وبلدات دامجة ومستدامة على قياس العصر وحاجات المجتمع".

عسيران
وتحدث مدير برنامج UN-HABITAT في لبنان طارق عسيران فرأى انه "استبشرنا خيرا حينما أعلنت حكومة الرئيس الحريري الثانية والتي تضمنت انشاء وزارة دولة لشؤون التخطيط يومها اعتقدنا ان رجال السياسة في لبنان ادركوا أخيرا ولو متأخرا انه اذا ما أرادوا معالجة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المتردية وضبط الهدر والمخالفات التي تطال الممتلكات العامة والخاصة وحتى الموارد الطبيعية، فلا مفر من التخطيط الا ان البشرى وللأسف لم تطل كثيرا فلم نحظ بوزارة الدولة لشؤون التخطيط مكنها من العمل والمساهمة من الحد في التقاسم السياسي وها هي حكومة العهد الحالية والتي جاءت بهدف اعداد الموازنة العامة الغائبة منذ مدة او كحكومة انقاذ لتنفيذ البرنامج الاستثماري من ضمن مؤتمر سيدر".

أضاف:"تشكلت من دون اية رؤية مستقبلية لاية عملية تخطيط مما يعني الاستمرار بالنهج القائم على التدمير المقومات الطبيعية والبشرية والاقتصادية التي يتمتع بها لبنان والذي وللأسف يعي الغرباء قيمته أكثر من مواطنيه".

وقال: "كي نعود قليلا الى صورة أكثر تفاؤلية اود التأكيد ان برنامج UN-HABITAT وبالتعاون مع الفرقاء المعنيين كافة يسعى وبشكل جدي الى تسليط الضوء على اهمية وضرورة تطوير سياسات مدينية تتماشى مع المتغيرات العمرانية والديمغرافية والاقتصادية وتتخطى التحديات الطائفية والسياسية والمذهبية.وفي هذا السياق، لا بد من قراءة واقعية للتمدد العشوائي للمدن، وتشكيل ضواحيها المكتظة وتستوجب تدخلات ومقاربات تتخطى التقسيم الإداري والجغرافي القائم حيث تتطلب معالجة سريعة للأمور المتفاقمة والا على لبنان السلام، فكيف يمكن لبلد يعيش اكثر من نصف سكانه في العاصمة وضواحيها ضمن مساحة جغرافية لا تتعدى 1.5% من اجمالي مساحته ان يجد الحلول المتعلقة بالسكن والمواصلات والبيئة والخدمات الأساسي والمساحات العامة وسواها".
وسأل "كيف يمكن لبلد 80% من اقتصاده يتركز ضمن مساحة لا تتعدى 8% من مساحته الوطنية الاجمالية المناطق الساحلية، ان يوفر لاهله العدالة والمساواة وفرصة العيش الكريم، وكيف يمكن لبلد تتعارض وتتداخل مهام مؤسساته العامة بعضها مع بعض ان تساهم في تخطيط سليم وكيف لبلد ان يتطور وهو يشرع على قياس الطوائف والمذاهب، وكيف وكيف وكيف...؟".

وأشار الى انه "لا بد من المضي وفورا في وضع سياسات وطنية مدينية تكون عابرة لمنطق المحاصصة وتراعي المتغيرات الديمغرافية والاجتماعية والاقتصادية وتكرم مبدأ العدالة للجميع. ومن الجدير ذكره ان لبنان وقع عام 2015 على التزامه بتنفيذ الاجندة 2030 كما شارك عام 2016 في مؤتمر الأمم المتحدة للتنمية البشرية في كيتو الاكوادور حيث وقع على تطبيق وثيقة الاجندة الحضارية الجديدة. ولا بد من الإشارة الى دول عديدة لا تزال تعتبر اقل تطورا من لبنان قد سبقتنا بأشواط عدة لجهة وضع سياسات وطنية مدينية مكنتها من البدء بمعالجة المتغيرات الناتجة عن تمددد المدن وسياسة السكان".

وختم بالقول: "يأتي لقاؤنا اليوم ليؤكد من خلال نتائج التقرير التشخيصي على التحديات التي تواجه وستواجه لبنان في المضي في اعداد سياسات وطنية مدينية لا مفر والتي تزيد من الفقر والتهميش اللذين يؤديان الى مجتمع ضعيف ومجزأ". 


لحود
وأكد لحود انه "لا يمكن لأي كان تجاوز بعد الحقائق على ما توفره المؤسسة العامة للاسكان كون وقف تقديماتها انعكس سلبا على العديد من القطاعات وقد تخطت 60 قطاعا.
تعاظمت ازمة العقارات كما في الأسواق التجارية والصناعية والاعمال الهندسية والمفروشات والأدوات الكهربائية والمهن اليدوية دون تجاهل ما تركته من آثار سلبية لجهة وقف او تأجيل مواعيد الزواج ومساعي تثبيت اللبنانيين بأرضهم ومنعهم من الهجرة والسعي الى الاستقرار العائلي والاجتماعي الذي بات مهددا، وهذا الامر قد يؤدي الى تعرض منشئي الأبنية الى انهيارات مالية وافلاسات متعددة وخلافات بين مالكي الشقق وطالبي القرض وبالتالي الى بطالة وازمات اجتماعية تزيد من وضع الاحتقان في الشارع اللبناني".

وتابع: لا نهوض اقتصاديا وامن اجتماعيا الا بتحريك عجلة الإسكان، من هنا وضعت المؤسسة الخطوط العريضة للسياسة الاسكانية تحاكي الواقع والوضع المعيشي للمواطن ومستلزمات العيش بكرامة تحت سقف لائق لتواكب ازمة السكن والوضع الاقتصادي وتزايد عدد السكان وسبل عدم التركيز على السكن في محيط بيروت الكبرى وسائر المدن اللبنانية خاصة في ظل تواجد 80% من المواطنين في المدن فقط و60% من الأراضي اللبنانية غير منظمة لتشكل هذه السياسة أداة تشاركية تقوم على التعاون بين المؤسسة وادارات الدولة والمؤسسات المعنية ومصرف لبنان واتحادات البلديات والجمعيات والتعاونيات والقطاع الخاص تربط السكان والمخزون السكني القائم بهدف تنفيذ استراتيجيات قصيرة وطويلة الأمد".

واستطرد قائلا:"وبعد تحويل هذه السياسة الى مجلس الوزراء بغية إقرارها نتحدث عن تفاصيلها ومن هنا يأتي التعاون مع القطاع الخاص لكون المؤسسة سباقة في المشاركة بين القطاعين العام والخاص سابقا، وأمثلة هي التعاون مع المصارف والجامعات ونقابة المهندسين و UN-HABITATبمسابقة فكر إسكان التي كانت برعاية المؤسسة لوضع تصورات بديلة للسكن في بيروت لان الإسكان هو كل شيء هو حركة مطار ومواصلات هو بيئة وحركة سير وتنظيم مدني وارتباطه بعدد الجامعات والمدارس بالمناطق، أي الإسكان مرتبط بالمواطن والوطن".

وختم لحود: من هنا بعد إقرار كل الموافقات سنوقع بروتوكول تعاون لم ينته بعد وفور انتهاء صياغة وإجراءاته القانونية من وزارة الخارجية ومجلس الوزراء مع UN-HABITAT للتوصل لدراسات معمقة أكثر واكثر.

تابت
والقى النقيب تابت كلمة اعتبر فيها "ان لبنان من الدول الأكثر تحضرا في كل العالم وفي المنطقة العربية بالذات، حيث يعيش 87% من سكانه البالغ عددهم 4 مليون شخص في المناطق الحضرية. والاغلبية - تقدر ب 64% - يعيشون في المناطق الحضرية في بيروت وطرابلس. ويتركز التوسع العمراني في لبنان حول المدن الرئيسية الساحلية (بيروت طرابلس وصيدا وصور) وبين المدن الثانوية وعلى شكل مناطق عشوائية على أحزمة المدن".
أضاف: "لقد شهد لبنان على مدى عقود عديدة نمو وزحف حضري سريع وغير منظم. فبسبب غياب سياسة عقلانية لتنظيم الأراضي، غطت الامتدادات الحضرية مناطق متسعة من الأراضي اللبنانية وفي نفس الوقت فقد نمت الفوارق الحضرية، وتزايدت الانشاءات الجديدة بشكل كبير وخصوصا في المناطق الساحلية حيث يقطن غالبية الشعب اللبناني، مما ساهم في التوسع العمراني غير المنظم".

وأشار الى انه "على الرغم من أن المدن، وبخاصة العاصمة بيروت، تتمتع بأحياء راقية مزدهرة، فإن الفجوة بين المناطق الحضرية وعدم المساواة قد ازدادت عمقاً خلال السنوات الأخيرة". وقال: "مع اندلاع الازمة في سوريا عام 2011 شهد لبنان تدفق أعداد كبيرة من النازحين ويتبع هؤلاء النازحون الى حد كبير نمط التحضر الخاص بسكان البلد المضيف حيث لا توجد مخيمات رسمية، فوجد اللاجئون المأوى بشكل رئيسي من خلال قنوات السوق الرسمية وغير الرسمية. كما تتركز ثلاثة من أربعة قطاعات اقتصادية رئيسية- البناء/العقارات، وصناعة الخدمات والسياحة في المدن الرئيسية مما أدى الى انتقال المزيد من النازحين الى هذه المدن للبحث عن فرص العمل. ويعاني سكان المدن من ضغوطات عديدة وتردي الخدمات وزحمة السير وتراكم النفايات كما يعانون من الاكتظاظ السكاني وغياب السياسات التي تهدف الى تنظيم النسيج المبني وتطوير الأماكن العامة والمساحات الخضراء وتحسين ظروف السكن واعتماد سياسات تواكب عصر التحول البيئي".

وأوضح انه " على الرغم من إقرار الخطة الشاملة لترتيب الأراضي اللبنانية منذ ما يقارب العشر سنوات، لا تزال المناطق غير المنظمة تغطي ثلثي الأراضي اللبنانية ترعاها قوانين بناء متخلفة كما لا تزال التجمعات المدينية الرئيسية تفتقد الى تخطيط حضري متكامل. وبقيت أنظمة التنظيم المدني تقتصر على تحديد معدلات الاستثمار والتراجعات القانونية والأنظمة التي تتحكم بارتفاع الأبنية في بعض المناطق دون ان توجد الأطر التي تسمح بتنظيم استعمالات الأراضي من اجل المحافظة على التوازن الوظيفي والاجتماعي في مختلف المناطق والاحياء وتنظيم النمو المديني من اجل تطوير نموذج المدينة الدامجة والحفاظ على الأراضي الزراعية وعلى الثروة البيئية.
واقتصرت التعديلات المتتالية التي أدخلت على قانون البناء على خدمة مصالح تجار البناء عبر اعفاء مساحات الادراج والجدران الخارجية والشرفات المقفلة من احتساب معدلات الاستثمار وذلك دون أي مقابل يمكن ان يخدم المصلحة العامة. وتظهر الان النتائج الكارثية لمثل هذا النهج حيث ان الأسواق العقارية تشهد جموداً هائلاُ بسبب اختلال التوازن بين العرض والطلب والفوضى العارمة التي رافقت سنوات الطفرة العمرانية وغياب الضوابط التي على السلطات العامة ان تضعها من اجل الحفاظ على حد أدنى من النمو المتجانس".

أضاف:" بدلاً من رسم سياسة اسكانية تؤمن استعادة التوازن وإيجاد اطر قانونية تسمح بتنظيم النمو المديني باتجاه المدينة الدامجة، لم يجد المشرع من وسيلة لمعالجة الازمة الراهنة سوى إقرار قانون لتسوية مخالفات البناء يشرع كافة أنواع المخالفات على الأملاك الخاصة بما في ذلك مخالفات عوامل الاستثمار وإقامة البناء على عقار غير صالح للبناء ومخالفة الارتفاع الأقصى وعدد الطوابق التي تحددها أنظمة المنطقة والمخالفات التي تطال الأقسام المشتركة للبناء كما يشرع الأبنية المنشأة ضمن التراجعات عن الجار والتراجعات العائدة للطرق والتخطيطات المصدقة وضمن التراجع عن الأملاك العامة، متجاهلاً بذلك كافة التحذيرات التي اطلقتها نقابة المهندسين والموقف الواضح الذي أعلَنتُه كنقيب للمهندسين امام النواب الكرام خلال اجتماعات اللجان النيابية".

واعتبر تابت "إن هذا القانون يضرب كافة مفاهيم التخطيط المدني والاطر القانونية التي تنظم عملية البناء ويشرٌع التشويه الذي يطال البيئة العمرانية في مدننا وقرانا كما يكرٌس المخالفات في العقارات الخاصة المتاخمة للأملاك العامة البحرية والنهرية مثل مشروع الايدن باي، على سبيل المثال. وهو يضرب عرض الحائط بمبادئ السلامة العامة والوقاية من الزلازل اذ ان المباني المخالفة اُقيمت دون احترام الآليات التي تهدف الى تأمين متانة هيكل البناء وذلك في الوقت الذي تتزايد فيه ظاهرة المباني المهددة بالانهيار في كافة المناطق اللبنانية".

وتابع :ولم يكف المشرع بإقرار هذا القانون المشؤوم بل هو الآن بصدد إقرار قانون آخر لا يقل سوءا عن قانون تسوية مخالفات البناء يشرع لإقامة طابق مر جديد على كافة الأبنية القائمة والمستحدثة في جميع المناطق اللبنانية دون احتسابه في معدلات الاستثمار وعدد الطوابق والارتفاع الأقصى الذي تحدده أنظمة البناء".إن دل كل هذا على شيء فهو يدل على غياب كامل للرؤيا الاستراتيجية وانعدام الوعي لعمق الازمة ولضرورة اعتماد حلول جذرية وإيجاد أطر قانونية تسمح بتنظيم النمو الحضري.
وختم بالقول: "لقد أصبح من الضروري الان اعتماد توجهات جديدة تسمح بالخروج من المأزق الذي نتخبط فيه نتيجة هذه السياسات الخاطئة. ويبدأ ذلك بإطلاق نهج جديد للتعاطي مع السياسات الوطنية الحضرية وسياسات التنظيم المدني ووضع خطط تؤمن النمو المتوازن للمناطق اللبنانية وإقرار توجهات جديدة لتنظيم ثلثي الأراضي اللبنانية التي لا تزال غير منظمة، كما لا بد من البحث عن اطر جديدة تسمح بالمحافظة على النسيج الحضري لمدننا وتلبي حاجات السكن للفئات الاجتماعية المختلفة ولمختلف الاعمار من اجل رسم افق جديدة للمدينة الدامجة". 


فرعون
تم تحدث الوزير السابق ميشال فرعون فقدم الشكر UN-HABITAT وفريقه الإداري للجهود التي يبذلونها والتي واكبت جزء منها خلال تولي وزارة الدولة لشؤون التخطيط، تحمسنا سوية لهذا المشروع الهام جدا، على أكثر من صعيد نظرا لأهمية المدن الكبرى التي بات يقطن فيها كثر من 85% من سكان العالم، والنجاح في التخطيط نتحدث عن اطار واسع وليس ضيقا للمدينة، والحوكمة وإدارة المدن والتنفيذ من خلال سياسات مدينية حكيمة وفعالة باتت تحدد نجاح تطبيق جميع بلدان العالم على الصعد الاقتصادية والإنمائية والاجتماعية والإنسانية والثقافية وطبعا أيضا السياسية، كما تعرفنا على فريق من العلماء والخبراء التقنيين أصحاب الاختصاص الذين نجحوا في تطوير برامج خارج لبنان، والذين يحلمون ان طبقوا هذه الخبرات في لبنان، ليس الا لان اخفاقنا اليوم في تنظيم تطوير بيروت الكبرى او الاتفاق ولو الجزئي على تحديد المشاكل وتشخصيها ووصف الحلول بطريقة مؤسساتية تربط مكونات هذه المدينة الكبرى قد يدفع ثمنها اجيالنا اللبنانيين واهل المدينة على حد سواء.اما فريق UN-HABITAT الذي رافقنا فكان شاهدا على عدم جدية الحكومة السابقة في تطوير سياسة عامة للتخطيط، الكل خائف على صلاحياته. لقد قدمنا مع فريق UNDP وخبراء أكثر من صيغة لا تمس بسلطات متفرقة من مجلس الانماء الاعمار او الوزارات وتبقي سلطاتهم التنفيذية وتجمع مشاريع التخطيط المتفرقة وبعض الأيام المتناقضة في المجلس الأعلى للتخطيط بصيغة استشارية وباشراف وزير دولة يؤمن للمتابعة السياسية للمجلس لتشكل قيمة مضافة لبناء السياسات على صعيد تخطيط المدن والمناطق وبعض القطاعات. ان ما كان واضحا ان الرغبة وإمكانية التنسيق والشفافية ليس موجودا ولو كان ذلك على حساب المصلحة العامة واعتبرنا في حينه في ظل غياب الإدارة السياسية ان مشروع UN-HABITAT لبلورة السياسات الوطنية المدينية قد يكون نموذجا علميا وفاعلا وتطوير التشريع الضروري ومشاركة الكثير من السلطات ضمن الأطر الحديثة والعملية والعلمية لاتخاذ القرارات وبناء الرؤية الصالحة واللازمة التي تؤمن خارطة الطريق والممرات الحتمية التشريعية والمؤسساتية والخيارات الصائبة على غرار ما يجري اليوم في المدن في العالم منذ سنوات، وذلك كشرط لتستطيع بيروت الكبرى ان تنجح في تجاوز تحديات بناء نمو مستدام ولا تنتظر الوقوع في دوامة المشاكل والتناقضات والخلافات التي تحد من امكانياتها ان تلعب الدور الريادي والانمائي على صعيد لبنان والمنطقة. دون ان ننسى إدارة المشاكل الاجتماعية الخطيرة نتيجة حزام البؤس واللاجئين والنازحين كما ان التركيز على درس قطاع النقل ليكون نموذجا وهناك حاجة لعمل مؤسساتي ومشاركة القطاع الخاص. 


فنيانوس
والقى راعي الحفل الوزير فنيانوس، كلمة قال فيها: "في حركة مستدامة أشبه ما تكون في دوران مع ترقٍ تجدون نقابة المهندسين والسؤال هل أن هذه الديناميكية تعود إلى النقابة بحد ذاتها أم إلى نقيبها؟ تجده متلازما مع الصوت وكأنه يريد أن يقول ما نخشى حتى أن نبوح به أنه صديقي النقيب جاد تابت".

إسمح لي صديقي أن أقول لكم من على هذا المنبر، أن الأمور لا تجري كما نريدها دوما وعنادك يقتلني بالعربي صلحها شوي ان القوانين وضعت لكي يكون لها استثناء خدني بحلمك فأنا المحامي القادم من السياسة إلى الخدمة العامة، لست بحامل مسطرة وأنت المهندس القادم من عالم المسطرة إلى الخدمة العامة فكيف سنلتقي أنت تضع القوانين وأنا أفتش في ثناياها عن الثغرة".

حقا أن في كل امر هندسة، إنها المهنة التي نجل ونقدر طالما أنها تقوم على الأصول والآداب المهنية العريقة التي عرفناها منذ تأسيس نقابة المهندسين، إنها شعلة مضيئة في غياهب كثير من في وزارة الأشغال العامة والنقل، حيث مديرية التنظيم المدني، ومديرية الطرق والمباني، حيث التخطيط يضرب أصوله الواجبة، ولا نذيع سرا إن قلنا أن شراكتنا مع نقابة المهندسين عضوية في هذا المجال. 


أما اليوم فنجتمع حول إطار إسكاني عام، في زمن تتفاقم فيه الحالة السكنية، متأرجحة بين الأزمة المفتوحة، والرفاهية المطلقة، دون إستقرار، بسبب غياب الكثير من عناصر التركيز المثالية.
فالمدن اللبنانية تمددت خارج حدودها، بمعنى مجازي، ولم تكن يوماً خاضعة لضابط تخطيطي واضح، وصارت تنمو متشعبة تتواصل بما تيسر، لنقف اليوم أمام حالة مَرَضية تجعلنا نشد الهمة لكي نعالج بكل جدية ما ورثناه من أجيال سابقة، لم تنتبه إلى حجم الضرر الذي يمكن أن يُنتجه هذا الأمر.
في جعبتي وأنا وزير الأشغال العامة والنقل، الكثير من المبادرات، ولم نكل يوماً في الوقوف إلى جانب القضايا المحقة، ونحن نضع كل إمكاناتنا، وبالشراكة مع نقابة المهندسين في سبيل تعزيز القدرات ومساعدة استراتيجية لتبني سياسات إسكانية من الدرجة الأولى توفر للشباب السكن بعد استقرار الاقتصاد المُنتج وتحريك الدورة الطبيعية للإنتاج بشكل طبيعي تتفاعل فيه كل مكونات المجتمع بنمط حي. 


أما وقد أقر مجلس النواب قانون تسوية مخالفة البناء، فإنما هذا يدفعنا للتفكير الجدي بإطلاق مبادرة ورشة عمل لتحقيق نقلة نوعية في قانون البناء والعمل على نفي كل ما من شأنه أن يجعل أحدهم يفكر بالمخالفة، فإن القوانين تُصنع للفائدة والخير العام، وليس للمخالفة... وكل ما يمكن مخالفته يحتاج إلى تغيير... ولنا في المخطط الشامل لترتيب الأراضي اللبانية أيضاً كلام... 
أمام واقعنا الجديد في لبنان، والأزمة الحادة في مجال الإسكان، لا بد من مبادرات كبيرة على كل المستويات السياسية والتنفيذية ولا سيما لجهة تكوين إطار حامي يساعد المواطن من كل الفئات أن يكون له مسكن، ملكا كان أم إيجارة، دون ان ننسى قانون الإيجار التملكي الذي يمكن ان يشكل رافعة وطنية كبيرة لذوي الدخل المتواضع، في سياسة إسكانية هادفة، لا تنتظر الأزمات لكي تخرج الحلول إلى العلن. فردة الفعل لم تؤت يوما فائدة، بل قوة الفعل هي التي تؤدي دوما إلى تقدم الشعوب.

وهنا أقول، لكل أمر قد توجد حدود، أما التخطيط السليم فهو بلا حدود، هو عالَمٌ بحد ذاته لا يمكن للمرء التَنَكُّب أو الخروج عنه بل يجب الالتزام به بلا تردد، وهذه هي رسالتنا اليوم أن نتعاضد ونشد معا في اتجاه واحد لكي نعطي كل دراسة حقها، ونناقش كل الأرقام والنتائج بكل مهنية وعلم ونوسع دائرة المشاركة لكي نصل إلى مقومات فعلية ترقى بالوضع العام في السياسات الإسكانية بشكل فاعل هادف وثابت.
يبقى السكن الركن الأساس في استقرار حياة الإنسان، فما هو أهم من أن نهتم بهذا الأمر للمواطن اللبناني الذي يعول على تخطيطنا، ومهاراتنا، وتعاوننا في سبيل تحقيق كل هذا". 


التقرير التقييمي
ثم تم عرض لنتائج التقرير التقييمي لواقع السياسات الوطنية المدينية في المحور، اذ حاضر كل من أمين سر الهيئة الادارية ايلي فغالي ومنسقة المشروع في UN Habitat مايا مجذوب والاستشاريين المشاركين في اعداد التقرير ليون تلفزيان وجوزيف سماحة.

وختاما، تحدث النقيب تابت ولحود وعسيران عن عملية إستكمال التحضيرات تمهيدا لتوقيع بروتوكول تعاون لوضع استراتيجية وطنية حول ملف الاسكان.