لاحظ المراقبون، أنه يلي كلّ تصعيد جديد في العقوبات الأميركية على إيران، ضربات تخريبية تستهدف ناقلات نفط في الخليج تبقى «مجهولة المصدر»، وتثير مخاوف من انفجار حرب بين الولايات المتحدة الاميركية وحلفائها من جهة وإيران وحلفائها من جهة ثانية.

طبارة
وفي هذا الاطار، إستبعد سفير لبنان السابق في واشنطن رياض طبارة، في قراءته لهذه الأحداث، احتمالية وقوع حرب اقليمية أو عالمية جديدة. واصفاً المرحلة الحالية بأنّها «مرحلة المناوشات، لا أكثر». وقال لـ«الجمهورية»: «إنّ الولايات المتحدة الاميركية تريد جرّ ايران الى طاولة مفاوضات جديدة بشروطها، فيما ترفض ايران الدخول في مفاوضات معها لأسباب عدّة أبرزها: 

أولاً ـ إنّ واشنطن تفاوضها على انسحابها من الشرق الأوسط وحلّ الميليشيات المتحالفة معها.

ثانياًـ انتظار ايران للانتخابات الأميركية، التي باتت على بعد أقل من سنة ونصف السنة، على أمل فوز المرشح الديموقراطي جو بايدن الذي كانت له حصّة في الاتفاق النووي مع ايران. 
وأشار طبارة الى «أنّ الانتظار هو سيّد الموقف في ايران، التي باتت ترزح تحت وطأة «الاقتصاد المتردي» وتحديداً نتيجة العقوبات التي فرضتها وزارة الخزانة الأميركية على أكبر الشركات البتروكيماوية في إيران بعد العقوبات القاسية على الصادرات النفطية الايرانية، ما يعني «القضاء» على أكبر الصادرات الأساسية». وختم واصفاً المرحلة بـ«المتوترة»، مؤكّداً انّ «حدودها ردّات الفعل التخريبية».

وساطة ساترفيلد
وعلى صعيد الوساطة الاميركية لترسيم الحدود البحرية والبرية بين لبنان وإسرائيل، بثت «القناة السابعة» العبرية، انّ الوسيط الاميركي ديفيد ساترفيلد وصل إلى تل أبيب أمس والتقى مستشار الأمن القومي الإسرائيلي مئير بن شبات، ومن المتوقع أن يلتقي اليوم وزير الطاقة يوفال شتاينتز.

والى ذلك، اكّدت مصادر معنية بملف ترسيم الحدود البحرية والبرية، انّ ساترفيلد لم ينقل الى لبنان الايجابيات المُنتظرة منه، ولكن هذا لا يعني انّ السلبية تطغى على حركته. وكشفت عمّا سمّتها «ليونة اسرائيلية» لجهة الذهاب الى مفاوضات مفتوحة، لكن من دون ذكر الفترة الزمنية المفتوحة كتابة، علماً انّ اسرائيل، كما نقل الوسيط الاميركي، اشترطت ان تكون المفاوضات محدّدة بسقف زمني مداها 6 اشهر.

«بيت الوسط»
وفي هذا السياق، قالت مصادر «بيت الوسط» لـ«الجمهورية»، انّه على عكس ما أشيع، المفاوضات «لم تنتهِ وهي تسير بمنحى بطيء وليس هناك تقدّم ملحوظ حتى الساعة، وانّ هذا الجو كان معلوماً لدى «بيت الوسط» اثناء وساطة ساترفيلد». واستغربت «الجو الايجابي الذي تمّ تسريبه اعلامياً، بعد الزيارتين السابقتين لساترفيلد وكأنّ القصة انتهت». واشارت الى «انّ ساترفيلد شخصياً استغرب الأمر كذلك، والمشكلة انّ الاخير كان لا يزال في اطار تقريب وجهات النظر بين الجانبين الاسرائيلي واللبناني. 

واشارت المصادر، الى «انّ ساترفيلد لم يُحرز تقدماً محدداً في اي من النقاط، ولم يصل بعد الى اي مكان وما زال يعمل». 

أجواء ارتياح
داخلياً، عكست اجواء القصر الجمهوري والسراي الحكومي امس، ارتياحاً الى نتائج اللقاء الذي عُقد أمس الاول بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وبين رئيس الحكومة سعد الحريري، وتناول مجمل التطورات المحلية والإقليمية بنظرة وقراءة شبه موحّدة، خصوصاً لجهة مقاربة التطورات الأخيرة وطي صفحة الماضي.

وكشفت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية»، انّ ما عزّز الجو الإيجابي هو التفاهم على الآلية التي يمكن ان تؤدي الى تزخيم العمل الحكومي بالطريقة الأنسب، وبغية تحريك المساعي الجارية لإنهاء ذيول ما حصل من خلافات وسجالات، وهو ما سيفرض إجراءات متعددة الوجوه وعلى اكثر من مستوى.

وأضافت هذه المصادر، انّ السعي الى تبريد الساحة اللبنانية عززته تصريحات وزير الخارجية جبران باسيل في ايرلندا، عن علاقته بالرئيس الحريري، حيث قال: «لا اشكالية مع الرئيس الحريري، وإنّ العلاقة معه ليست في حاجة الى ترميم». واتهم «حلقة متضررين حول رئيس الحكومة وخارجها بالاساءة، لكننا سنلتقي». وأضاف: «دائماً يختلقون لنا المشكلات ولا يستطيعون رؤية اي تفاهم لمصلحة لبنان، وهذا ما فعلوه بالنسبة الى علاقتنا مع الرئيس الحريري، الذي اعطينا معه هنا تلك الصورة الجميلة عن لبنان. ونحن نؤكّد انّ وحدتنا الحقيقية هي ان نكون معاً لأجل لبنان».

الحريري
وأوضحت اوساط «بيت الوسط»، إزاء علاقة الحريري - باسيل، أنه بالنسبة الى رئيس الحكومة لم يتغيّر شيء عمّا قاله فورعودته، وانه «ليس من هواة افتعال المشكلات». وقالت: «كان لرئيس الحكومة جواب ورد واف على الاشياء التي حدثت، أمّا التواصل بينه وبين باسيل فأنّه لم يتمّ حتى اللحظة، وأن التواصل الفعلي هو الذي حصل بين عون والحريري». 

وتابع المصدر: «قال الحريري ما اراد قوله للرئيس عون، وأبلغه أنه ليس هاوي مشكلات ولا يريدها، بل يريد وضع خريطة للعمل وينفذها، وانّ الامور لا ينبغي ان تستمر ويجب إصلاحها». 

 

وأشارت الأوساط نفسها، الى انّ باسيل «يمكنه الاتصال بالحريري متى يشاء بصفته وزيراً للخارجية وبصفة الحريري رئيساً للحكومة. فالمشكلة ليست في التواصل او في اللقاء، ولا يجب على الإعلام تحويل الامر الى أمر شخصي او انه شيء عظيم اذا التقى الرئيس الحريري بباسيل، لأنّ اللقاء طبيعي بين رئيس حكومة ووزير في حكومته». 

مجلس الوزراء
في غضون ذلك، علمت «الجمهورية»، انّ الترجمة الأولية لما حققه لقاء بعبدا، الذي عكس هذه الأجواء الإيجابية، تزخيم المساعي تحضيراً للجلسة الأولى لمجلس الوزراء التي ستُعقد مبدئياً الثلثاء المقبل في بعبدا وتحضير جدول اعمال موسع، إذ مرّ اكثر من شهر على آخر جلسة لمجلس الوزراء، وهي الجلسة الأولى من جلستين على ان تليها الثانية الخميس المقبل.

دفعة تعيينات أم صفقة كبرى؟
ولم تحسم المصادر المطلعة على اجواء التحضيرات ما إذا كانت الجلسة ستتناول دفعة من التعيينات الإدارية والقضائية والأمنية، وتلك المتصلة بعدد من المراكز الشاغرة التي تربو على خمسين مركزاً. ولفتت المصادر الى ان هناك رأيين يحكمان المناقشات الدائرة حول التعيينات، بين قائل بإصدار التعيينات ما ان يتم التفاهم في شأنها على دفعات، او الإنتظار لعقد «الصفقة الكبرى» التي تتناول كل المواقع الادارية، بحيث يتم التفاهم على تقاسم المواقع على كل المستويات. فالتوصل في المبدأ على عقد صفقة كبرى أسهل بكثير من التفاهم على دفعات صغيرة منها.

«القوات» والتعيينات 
وعلى هذه الخلفيات، ربطت المصادر بين بدء الحديث عن سلة التعيينات وإيفاد رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع الوزير السابق ملحم رياشي الى الحريري لمناقشة الجديد على هذا الصعيد معه، ولتوضيح موقف «القوات» اللبنانية مما يجري، وتأكيد حصتها في ما هو مطروح. ورفضاً لأي مسعى لإحتكار المواقع بعد تسريبات تتحدث عن تفاهم مبدئي بين الحريري وباسيل، يساوي بين حصّة الأقلية السنّية والأقلية المسيحية، كما يسمّيها باسيل عند مقاربته للقوتين الأكبر، «المستقبل» عند السنّة و«التيار الوطني الحر» عند المسيحيين.

النازحون
من جهة ثانية، ناشد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بريطانيا وفرنسا المساعدة على عودة اللاجئين السوريين الى وطنهم، بعدما أصبحت غالبية الاراضي السورية آمنة.

وخلال استقباله أمس، كلاً من الأميرة صوفي هيلين ريس جونس، زوجة الأمير إدوارد (أصغر أبناء الملكة البريطانية إليزابيث الثانية) ورئيس مقاطعة الألب - الكوت دازور الفرنسية رينو موسولييه، أشار عون إلى أنّ عدد النازحين السوريين في لبنان بلغ مليونا ونصف المليون، فيما يبلغ عدد سكان لبنان نفسه 4 ملايين ونصف مليون نسمة. وتمنّى أن تساعد بريطانيا ودول أخرى لبنان على مواجهة أعباء هذه المشكلة.

ورداً على سؤال حول تعثر إعادة النازحين إلى سوريا، لفت عون إلى أنه «لا يجوز انتظار الحل السياسي للأزمة السورية الذي قد يطول، وبالتالي على الدول التجاوب مع رغبة لبنان في عودة هؤلاء النازحين».

«القوات»
الى ذلك، قالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية»، إنّ «انسحاب الوفد السوري عند تلاوة وزير العمل كميل أبو سليمان كلمة لبنان في الدورة 108 لمؤتمر العمل الدولي لعام 2019 المنعقد في جنيف، «يشكّل إهانة للدولة اللبنانية وللحكومة اللبنانية، لأنّ الوزير أبو سليمان كان يلقي كلمة لبنان وليس كلمة «القوات». واعتبرت أنّ «انسحاب وفد النظام السوري شرف لـ«القوات» لأنّ هذا الانسحاب يبرهن أنّ «القوات» نجحت في إخراج الجيش السوري من لبنان، وهو ينظر بعين العداء إليها، انطلاقاً من رفضها احتلاله لبنان وعودته إليه، وإصرارها على سيادة لبنان واستقلاله وإقامة علاقات بين البلدين من منطلق ندّي ودولتي، لكن هذا الانسحاب يشكّل إهانة للبنان لأنّ الوزير أبو سليمان كان يلقي كلمة لبنان وحكومته».

وشدّدت هذه المصادر على أنّ «الحكومة مدعوة الى استدعاء السفير السوري لدى لبنان واتخاذ موقف من تصرّف هذا النظام، كذلك على القوى الحليفة لهذا النظام أن تكف عن مطالبتها بتطبيع العلاقات معه أو تطويرها، لأنّه لا يريد تطوير هذه العلاقات مع الدولة اللبنانية ولا يريد التعاطي مع لبنان كدولة، بل يريد التعاطي معه كقوى حليفة تغلّب وجهة نظر لبنانية على أخرى. وهو لا يحترم لبنان ولا سيادته ولا استقلاله».

وأشارت المصادر نفسها إلى «أنّ «القوات»، وفي مطلق الحالات تتمسّك بموقفها الرافض أي تطبيع مع هذا النظام قبل انتهاء الحرب وحلول السلام في سوريا، وقبل أن يحظى أي نظام جديد بشرعية سوريّة وعربيّة ودوليّة. وقبل ذلك، إن التطبيع مع هذا النظام مرفوض، كذلك دعوته الى مؤتمرات من هذا النوع مرفوضة، لأنه لا يمثّل شعبه ولا يعكس وجهة نظر الشعب السوري، بل هو اعتدى عليه وبالتالي وجوده في هذا المؤتمر يشكّل اعتداءً على الكلمة الحرة والنازحين والعمّال، واعتداءً على كل مواطن حرّ في هذا العالم. وإن دعوته كانت خطيئة منذ الأساس».
«اللقاء الديموقراطي»

وأكّد عضو «اللقاء الديموقراطي» النائب بلال عبد الله لـ«الجمهورية» أنّ لجنة المال والموازنة «تجري دراسة معمّقة، جدّية وموضوعية لمشروع الموازنة». 

وفصل عبدالله بين مشروع الموازنة «المطروح» للدرس وبين تقييم «اللقاء الديموقراطي» لهذا المشروع، متسائلاً عن «الدور والرؤية الاقتصادية والاجتماعية التي تحملها هذه الموازنة»، واصفاً اياّها بـ «موازنة الممكن». ولفت الى تقديم «اللقاء» مجموعة مقترحات جديدة «لجعلها موازنة أكثر عدالة وأقلّ كلفة على الناس». 

وفي سياق منفصل، قلّل عبدالله من أهمية الخلاف بين الحزب «التقدمي الاشتراكي» وتيار «المستقبل» واعتبره «خلافاً في وجهات النظر حول بلدية شحيم. أمّا سياسياً، فإنّ خلافنا مع «المستقبل» هو على ماهية ادارة البلاد»، مؤكّداً أنّ «خطوط التواصل لم تنقطع يوماً بين الجانبين».