بين وقت وآخر تُشَن حملات تضليل إعلامية ضد الخط الشيرازي، قد ينفذها أفراد أو جهات معينة، بأدوات فردية أو جماعية، الهدف منها الإساءة لهذا الخط من خلال خلط الأوراق، وتضليل الناس بأكاذيب يتم فبركتها وصقلها في ورش متخصصة بالقيام بمثل هذه المهمات التي لا تعود بنفع على أحد، لاسيما أن الخط الشيرازي غير معني بمثل هذه الترّهات، ولا يعبأ بها، ولا يمكن أن يردّ عليها.
 
فالسياسة التي يقوم عليها هذا الخط، واضحة المعالم، تعتمد الاعتدال، وتحترم حرية الرأي حتى لو جاء مناقضا للخط وأفكاره، لكن المهم في هذا المدار، أن يكون الانتقاد موضوعيا، خاليا من التضليل والتسقيط المبرمج مسبقا، والشرط الأهم في هذه القضية أن يبتعد الخصم عن أساليب العنف بكل أنواعها، أما إذا بقي الرأي المضاد ضمن إطار السجال اللفظي المشذَّب من الأهداف المبيتة، فإنه سوف يُنظَر إليه بمنظار الحرية المكفولة للجميع.
 
فأنت حر في أن تكون ضدي بالأفكار والآراء والطروحات، ولك كامل الحرية في النظر إلى الأشياء والأحداث من زوايا مختلفة، هذا حق مكفول لك، حتى لو كنت مختلفا مع الخط الشيرازي، وسوف يتم التعامل مع ما تراه وتطرحه على أنه رأي ينبغي احترامه والتعاطي معه وفق التحليل العلمي الذي يلزم الخط الشيرازي بدراسته وفهمه واتخاذ المواقف المناسبة بشأنه، شرط أن تكون هذه المواقف خارج دائرة الفعل ورد الفعل، بل تأتي في إطار الاستفادة من انتقادات الآخرين البعيدة عن التضليل أو الأهداف المبيّتة!.
 
هناك من يسعى إلى جرّ الخط الشيرازي إلى تجاذبات ومماحكات وتصادمات لا خير فيها، ولا مبرر لها، وهي محاولات معروفة، هدفها إشغال الخط الشيرازي عن مهامه الفكرية والفقهية، ومسؤولياته الدينية، والاجتماعية، والثقافية وغيرها، وغالبا ما تسعى الجهات المضلِّلة إلى زج بعض الأحداث والأفراد في صراعات داخلية تحدث داخل الحركة أو التنظيم، لا علاقة للشيرازيين بها من قريب أو بعيد، وقد وعى الخط الشيرازي مثل هذه الأساليب التي سعت في غير مرة، إلى زج الخط في تصادمات باهتة، لا هدف لها سوى الإساءات، وافتعال الأزمات، وإشغال الناس في أمور لا تُسمن ولا تغني من جوع.
 
كان الشيرازيون ولا زالوا بعيدين عن التصادم من أي نوع كان، ولو حاول أي شخص أو جهة مناوئة أو حيادية أو مؤيدة، أن يُبحر في المخزون الفكري التاريخي والحالي لمراجع وعلماء ومفكري الخط الشيرازي، فإنه لن يعثر على أفكار مضادة لأحد، وسيجد أن الاعتدال والوسطية هي السمة الغالبة على الأفكار والتوجهات المطروحة في الكتب والمؤلّفات المختلفة لمراجع وعلماء الخط الشيرازي، وخير دليل على ذلك ما قدمه الإمام محمد الشيرازي من أفكار معتدلة في عموم مؤلَّفاته وكتبه التي فاقت الألف مطبوع.
 
الإمام محمد الشيرازي هو صاحب نظرية اللاعنف التي وضع أسسها وأقامها على أساس قاطع، ينبذ العنف بكل أشكاله وأنواعه، ولا ولن يعتمد العنف في حل الأزمات والمشكلات، مع أسبقية قاطعة للاعتدال والوسطية والتعاطي مع المختلف من الأفكار والآراء والانتقادات، والتعامل معها بموضوعية، ودراستها باهتمام، فإن كانت على قدر من المسؤولية، فإنها ستكون محط ترحاب وتُدرَس على إنها من الفضائل التي تزيد الخط رصانة وتصحيحاً.
 
لكنها إذا جاءت من باب التضليل وخلط الأوراق، والتهجّم غير المبرر، وغير القائم على أدلة صادقة واقعية، فإن الرد الشيرازي سوف يتجسد بإهمالها من خلال النظر إليها على أنها نوع من الاستفزاز، والإساءة غير المبررة للخط وأفكاره ومرجعياته العقائدية والثقافية وسواها، وفي هذه الحالة لا تستحق حتى الرد عليها، ولكن تبقى الانتقادات المختلفة - شرط موضوعيتها- محل ترحيب وتفاعل معها، ويمكن الاستفادة منها للتصحيح.
 
يستند الخط الشيرازي في مثل هذا التعامل إلى إرث فكري وثقافي وديني متراكم عبر مئات السنين، يضع الاعتدال ونبذ العنف معيارا رئيسيا للتعامل مع المختلفين أو المضادين، وهذا هو المنهج الشيرازي الذي سحب ويسحب البساط من الجهات المناوئة التي تعتمد أساليب التضليل ومحاولة خلط الأوراق، أملا في تشويه صورة وجوهر هذا الخط المؤثر في الناس، لاسيما في المجالين العقائدي والثقافي.
 
ولو قام المهتم أو المتابع للخط، بجرد مهني لمختلف الأنشطة الشيرازية، فإنه سوف يجد أن أكثر ما يهتم به الخط الشيرازي هو إعطاء الثقافة والتثقيف الاهتمام الأكبر، من بين نشاطاته المختلفة، وهذا ما منح الخط الشيرازي تأييدا واسعا في الأوساط الجماهيرية، فالثقافة لا تتعارض مع الدين، وتطوير الوعي لا يتناقض مع تنمية العقائد، والاهتمام بالطقوس الحسينية لا يثلم من جرف الوعي والتثقيف، بل على العكس يضاعف من إيمان الناس ويرسم لهم طريقا واضحا وسليما في الحياة، وما يؤكد هذا الطرح التزايد المضطرد لمؤيدي هذا الخط المعتدل.
 
بالنتيجة لكل الناس الحق في الانتقاد والاعتراض، لكن الصحيح أيضا والذي لا يجانب الحق، أن يأتي الانتقاد في إطار النيات السليمة، وتقديم النصح، والابتعاد عن التضليل الذي يهدف الإساءة لهذا الخط نتيجة الحقد أو العداء غير المبرر، لهذا نحن نتوقع لمثل هذه الحملات المغرضة المناوئة فشلا حتميا كسابقاتها، ومن الأفضل لمن يسعى لتشويه الصورة الشيرازية في عيون الناس، أن يبتعدوا عن أساليب التضليل الإعلامي وخلط الأوراق، لأن الجميع فهموا هذه اللعبة التي باتت قديمة ومستهلكة، خاصة أن وعي الناس بلغ مستوى قادر على كشف المضللين بسرعة قياسية.
 
 عبد الرزاق عبد الحسين