إيران لن تمانع بدخول حرب جزئية مع الولايات المتحدة، أو أي من حلفائها في مياه الخليج، أو في مواقع إحدى أذرعها مع توفر ضمانات بأنها لن تصل إلى قلب طهران.
 
بالرغم من أن إيران كانت تشكل مصدر قلق وإزعاج لمحيطها منذ زمن الشاه، إلا أن الذي تغيّر بوصول الملالي المتشدّدين في 1979 كان قدرة العالم على التفاوض بمنطق الدولة مع الجمهورية الإسلامية.
 
ومنذ ذلك الوقت كانت إيران لا تمانع حين تصارع الولايات المتحدة بقبول بعض الخسائر “الجزئية”، مقابل بقاء رأس النظام وأدوات الثورة المنتشرة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
 
أثناء الحرب مع العراق دخلت إيران مناوشات مع دول الخليج والولايات المتحدة على مياه الخليج، وضربت ناقلات نفط خليجية واشتبكت مع القوات الأميركية والخليجية وخسرت لكنها كانت خسارة جزئية. وكان ذلك في عز الضغوط الاميركية والخليجية عليها مقابل الدعم المعلن لعراق صدام حسين في حرب الثماني سنوات.
 
هذا السيناريو الذي رسمته إيران وضحّت فيه بعدد من ناقلاتها وبوارجها مقابل عدم هزيمة آية الله الخميني ونظامه قد يتكرر مع آية الله خامنئي هذه المرة، وستكون إيران سعيدة بذلك وإن رافقته خسائر واضحة. وهي تدفع اليوم باستهداف ناقلات النفط في مياه الخليج، وبالتالي لن تمانع بدخول حرب جزئية مع الولايات المتحدة، أو أي من حلفائها في مياه الخليج، أو في مواقع إحدى أذرعها مع توفر ضمانات بأنها لن تصل إلى قلب طهران، أو لن يرافقها تحرك أو تحريك داخلي فعلي وقوي مختلف عن التحركات الداخلية السابقة.
 
الأمل في انتهاج مبدأ التأديب الصارم للنظام باستراتيجية تدفعه للتفاوض كطرف خاسر على أحد أمرين، إما بقاؤه كنظام يحكم إيران وفق أسس ديمقراطية لا تضرّ بدول المنطقة، أو التفاوض على اتفاق جديد يشمل ملفي البرنامج الصاروخي والدور المخرّب في المنطقة.
 
(غازي الحارثي)