على وقع فوز «الليكود» اليميني في الانتخابات الإسرائيلية وحتمية عودة بنيامين نتنياهو مع كل ما يحمله في جعبته من مشاريع ضم الضفة الغربية إلى الكيان الإسرائيلي بعد ضم الجولان واعتبار القدس عاصمة نهائية للدولة العبرية، وبعد التصعيد الأميركي غير المسبوق بالتنسيق التام مع نتنياهو ضد دولة إيران والدعوة إلى تقليم أضافرها في المنطقة كحزب الله وباقي الاذرع العسكرية التابعة لها في العراق واليمن وغيرهما، وفيما لا يُخفي الحليفان الاستراتيجيان- أميركا واسرائيل- عزمهما على الحسم ولو بالقوة في أكثر من قضية على رأسها النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي من خلال صفقة القرن التي اصبحت على كل شفة ولسان في العالمين العربي والغربي، والتي بات إعلانها من قبل الرئيس الأميركي ترامب مسألة وقت لا أكثر، في ضوء كل هذه التطورات المتسارعة هل أصبحت المنطقة على أبواب حرب.

إذا ما عدت إلى تصريحات مسؤولين في «الليكود» عشية وغداة الانتخابات فإنها تتحدث بصراحة عن ان الحكومة ما بعد الانتخابات برئاسة نتنياهو ستقوم بضم الضفة الغربية لإسرائيل كخطوة على طريق استكمال صفقة القرن التي وعد بها الرئيس الأميركي والتي ترمي فيما ترمي إلى طرد فلسطينيي الضفة من بلداتهم ومدنهم تمهيداً لإقامة دولة لهم في قطاع غزة وجزء من سيناء المصرية بعد شرائها من الدولة المصرية. وتقتضي هذه الخطوة، وفق مصادر دبلوماسية عربية أوّل ما تقتضي لجوء إسرائيل إلى استخدام القوة وبالتالي فتح الجبهة العسكرية على أهداف إيرانية في سوريا لتشمل الأراضي اللبنانية فتطال مخازن أسلحة حزب الله أو معامل إيرانية عسكرية تزعم تل أبيب وجودها في لبنان، تنفيذاً لإصرار نتنياهو على منع طهران من تثبيت ارجلها أكثر على مرمى حجر من إسرائيل وهو يحظى في قراره هذا بدعم مطلق وغير محدود من إدارة ترامب. ومن استمع مؤخراً إلى المواقف الذي أطلقها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط تعليقاً على التطورات المتسارعة التي تشهدها المنطقة لا يساوره الشك من ان المنطقة ولبنان جزء لا يتجزأ منها هو في قلب العاصفة، طالما ان احتمال قيام «الليكود» بشن حرب في المنطقة لاستكمال تنفيذ صفقة القرن أصبح وارداً بقوة بعدما استكملت إدارة ترامب كل عناصره، بدءاً برفع منسوب التصعيد ضد إيران الى درجة غير مسبوقة وانتهاء بضم الجولان إلى الدولة العبرية بما يعني كل ذلك ان القرار الأميركي لإبرام صفقة القرن قد وضع موضع التنفيذ بعد الانتخابات الإسرائيلية وضمان عودة اليمين المتطرّف برئاسة نتنياهو إلى الإمساك بالسلطة مستفيدة من النزاعات التي تحكم الدول العربية ومن وجود رأي عام دولي متعاطف مع صفقة القرن وقد عبّر عن هذا التعاطف بأشكال مختلفة سواء بالسكوت على القرار الأميركي بضم الجولان أو بتصريحات نتنياهو بضم الضفة الغربية في حال عودته إلى حكم إسرائيل بعد الانتخابات.

ويلاحظ في هذا السياق ان مخاوف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي على القضية الفلسطينية من عودة اليمين الإسرائيلي إلى الحكم تلتقي مع مواقف معظم الدول العربية وفق ما عبّرت عنه في البيان الختامي لمؤتمر القمة الذي انعقد مؤخراً في تونس.

والسؤال المطروح امام الطحشة الأميركية وعودة «الليكود» إلى الحكم مع التهديدات التي أطلقها نتنياهو بضم الضفة الغربية وما أعلنه مراراً عن عزمه على تقليم اظافر إيران في المنطقة بدعم من الإدارة الأميركية وبقطاع دولي ليست روسيا ببعيدة عنه هو كيف سترد إيران إذا ما نفذ «الليكود» ما بات متداولاً على كل المستويات الدولية، فهل ترد على التصعيد بالتصعيد وتذهب في المواجهة إلى النهاية عبر حزب الله في لبنان والحشد الشعبي في العراق والحوثيون في اليمن أم من خلال تحرك مباشر للحرس الثوري خاصة وان أحد قادته محسن رضائي توعد واشنطن مخاطباً ترامب: «قل لسفنك الحربية الا تمر قرب زوارق الحرس الثوري». في حين صدر عن الحرس مواقف تؤكد على استعداده للمواجهة، ولتوجيه درس موجع عند الضرورة وامام هذا الواقع تكون المنطقة ومنها لبنان تقترب من حرب كبرى لا يعرف أحد كيف ومتى تنتهي.

ومما لا شك فيه ان هذه الأجواء المحمومة التي تعيشها المنطقة ولا سيما بعد عودة اليمين المتشدد إلى السلطة في إسرائيل تمثل الأولوية عند كبار المسؤولين اللبنانيين لما تقتضيه من وحدة صف، والابتعاد عن المهاترات الداخلية التي انشغلت بها الدولة مُـدّة طويلة.