يتوجه الرئيس ميشال عون إلى تونس لترؤس وفد لبنان إلى القمة العربية الدورية، التي تبدأ أعمالها غداً، وسط تحولات دولية وإقليمية وعربية بالغة الخطورة، تتعلق بالتسوية السلمية في المنطقة، لا سيما اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السوري المحتل، من ضمن استراتيجية جديدة، تشكّل انقلاباً على مبدأ الأرض مقابل السلام..
وإذا كانت كلمة الرئيس عون امام القمة، ستضيء على الأوضاع العربية واللبنانية بوجه خاص، لجهة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على لبنان، فضلا عن استمرار أراضٍ لبنانية في مزارع شبعا وبلدة الغجر وتلال كفرشوبا، والموضوع المتعلق بعودة النازحين السوريين إلى بلدهم، من دون إنتظار التسوية السياسية، فإن الورشة الداخلية للحكومة، تحتاج إلى عوامل تفعيل، تتجاوز الخلافات الحاصلة في البلاد، حول خطة الكهرباء أو سواها، في ضوء ملاحظات لم تعد خافية اسداها وفد البنك الدولي على شكل نصائح للمسؤولين اللبنانيين، سواء رئيسي الجمهورية ومجلس النواب أو وزير المال والسلطات المالية الأخرى.
ونسبت وكالة «رويترز» إلى فريد بلحاج نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا قوله: «هذه الإصلاحات رغم البدء بها لا زالت لا ترتقي إلى المستوى المرتقب وهذا ما قلناه بكل صراحة إلى الحكومة اللبنانية».
وساعد البنك الدولي ومانحون دوليون آخرون في ترتيب تعهدات بقيمة 11 مليار دولار على شكل قروض ميسرة ومساعدات في مؤتمر عُقد في باريس قبل عام لتشييد بنية تحتية جديدة في لبنان، لكنه قال إن الأموال تتوقف على الإصلاحات.
وعلمت «اللواء» من مصادر وفد البنك الدولي ان الوفد شدّد على ارتباط بين خطة الكهرباء، وتخفيض العجز في الموازنة من زاوية ان ثلث العجز سببه عجز الكهرباء.
خطة الكهرباء الثلاثاء
في هذا الوقت، تستعيد الحركة السياسية الرسمية زخمها الأسبوع المقبل، بعد عودة الرئيس سعد الحريري إلى بيروت، والانتهاء من نقاهته من الوعكة الصحية التي استلزمت اجراءه عملية قسطرة في القلب في باريس، حيث يتوقع ان تلتئم اللجنة الوزارية المكلفة دراسة خطة الكهرباء التي طرحتها وزيرة الطاقة ندى البستاني يوم الثلاثاء المقبل، على أمل ان تعقد جلسة لمجلس الوزراء الخميس بعد تحضير جدول الأعمال وتوزيعه على الوزراء مطلع الأسبوع، والذي قد يتضمن تعيينات لنواب حاكمية مصرف لبنان الأربعة، بعدما تمّ التوافق على التجديد لهم.
وذكرت مصادر وزارية ان لجنة الكهرباء اسست في بداية عملها لنقاش بناء وايجابي، لكن بعض الاطراف السياسية بدأت تطرح افكارها وملاحظاتها واراءها خارج اطار اللجنة، ما طرح علامات استفهام حول امكانية توصل اللجنة الى اتفاق قريب متكامل على خطة الكهرباء. مشيرة الى ان كل طرف من اعضاء اللجنة كان منكبا على دراسة الخطة ووضع ملاحظاته عليها لعرضها في اللجنة والتوصل الى توافق نهائي.
ولكن عضو اللجنة وزير الاعلام جمال الجراح قال لـ«اللواء»: ان جلسة الثلاثاء اذا عقدت قد تكون الاخيرة لأن كل الاطراف يفترض ان تكون قد حددت موقفها بعد درس الخطة، ويفترض ان تنهي اللجنة مهمتها بسرعة.
وعن الاعتراضات والملاحظات التي ابداها الحزب التقدمي و«القوات اللبنانية» على الخطة؟ قال: «انها اراء يتم التعبير عنها، ولكن النقاش ماشي ولم ينتهِ قبل التوصل الى اتفاق على الخطة ليبدأ تنفيذها».
وعلمت «اللواء» أن الاتجاه لدى الحكومة هو لإقرار خطة الكهرباء كما وضعتها وزيرة الطاقة، ولو بقي اعتراض «القوات» قائماً، في ظل التحذيرات الدولية للبنان من مغبة عدم معالجة قطاع الكهرباء، الأمر الذي سيرتب المزيد من الأعباء المالية على الخزينة ويفاقم من العجز القائم الذي تحذر منه الهيئات والمنظمات المالية الدولية، وفي مقدمها البنك الدولي.
وقد برزت هذه التحذيرات خلال جولة وفد البنك على المسؤولين اللبنانيين، لناحية ضرورة سير الحكومة بالإصلاحات الضرورية التي التزم بها لبنان في مؤتمر «سيدر»، سيما ما يتعلق بقطاع الكهرباء الذي يشكل أولوية لدى المسؤولين، بالتوازي مع الإسراع في إقرار الموازنة التي جرى التفاهم بشأنها بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيسي مجلس النواب والحكومة نبيه بري وسعد الحريري، بانتظار التوافق على تقليص حجم موازنة كل وزارة، باعتبار أنه لا يمكن إقرار الموازنة إذا لم يحصل هذا التقليص، سعياً لترشيد الموازنة وتخفيف النفقات مقارنة مع الواردات، وهو ما شدد عليه وزير المالية على حسن خليل، على أن يصار إلى بحث هذا الموضوع والتوافق عليه بينه وبين رئيس الحكومة والوزراء، قبل عرض الموازنة على مجلس الوزراء لإقرارها ومن ثم إحالتها إلى مجلس النواب. 
وأشارت أوساط نيابية في هذا الإطار لـ«اللواء»، إلى أن وفد البنك الدولى حذّر المسؤولين اللبنانيين من عامل الوقت الذي قد يؤثر سلباً على الإصلاحات التي تنوي الحكومة القيام بها، في حال لم تبادر إلى وضع هذه الإصلاحات موضع التنفيذ، لأن الخيارات أمام لبنان بدأت تضيق، ولا بد من اتخاذ الخطوات التي تسمح في السير بالإصلاحات المطلوبة التي يحتاجها لبنان لتحسين مستوى اقتصاده الذي يكاد يقارب الخطوط  الحمر، بعد تراجع الأرقام الاقتصادية في السنوات الأخيرة.
وشددت هذه الأوساط على ان وفد البنك الدولي كشف بوضوح للمسؤولين الذين التقاهم ان دقة الظروف الاقتصادية التي يمر بها لبنان تستوجب وجود تفاهم سياسي لإقرار الإصلاحات التي يجب الا تتأخر أكثر، وهذا ما أبلغه صراحة نائب رئيس منطقة الشرق الأوسط في البنك الدولي فريد بلحاج الذي قال بعد لقائه وزير المال علي حسن خليل: «ان هذه الإصلاحات رغم البدء بها ما زالت لا ترتقي إلى المستوى المرتقب». مضيفاً بأننا «وصلنا إلى مرحلة بات فيها الوقت ثميناً جداً على اعتبار ان الوضع الحالي دقيق».
لكن بلحاج لاحظ ان الوزير خليل داعم ومتفهم للموضوع وهو يدعم الإصلاحات، ونحن يجب ان نثق بأن الحكومة لها القدرة لدعم هذه الإصلاحات.
جدول تخفيضات الموازنة
وفي حين تؤكد كل الاطراف الرسمية والسياسية على ضرورة إنجاز موازنة العام 2019 بسرعة حتى ينتظم الوضع المالي للدولة، لا زال المشروع في ادراج رئاسة مجلس الوزراء ولم يُعرف متى سيطرحه رئيس الحكومة على جدول اعمال جلسات الحكومة، علما ان مصادر وزارة المالية اكدت لـ«اللواء» ان العائق ليس من عندها فالوزير خليل اجرى مراجعة للمشروع في ضوء الاصلاحات التي وضعها مؤتمر «سيدر» لا سيما لجهة خفض الإنفاق، ولهذا الغرض أعد ملحقا بمشروع الموازنة تضمن التخفيضات الواجب اجراؤها. (يقدرها البعض بنحو 400 مليار ليرة). ولفتت إلى ان جدول التخفيضات شمل كل الوزارات، ووصلت نسبة التخفيض فيه مقارنة مع موازنة العام 2018 إلى 7 بالمائة، مع العلم ان مؤتمر «سيدر» أكد على وجوب ان يكون الوفر أكثر من واحد في المائة.
وفي هذا السياق، جدد الرئيس برّي التأكيد امام زواره ان أولوية الأولويات بالنسبة إليه يبقى إقرار الموازنة، مكرراً ما سبق ان أعلنه امام نواب الأربعاء بأنه «لو سمعوا مني وأقرينا الموازنة قبل تشكيل الحكومة لكنّا كسبنا الوقت وتجنبنا بعض المشاكل».
وأكّد وجوب ان يواكب إقرار الموازنة خطوات لمواجهة الوضع الراهن الذي يستلزم المبادرة سريعاً لاتخاذ كل القرارات، إلا انه لم يعط تفاصيل، لكنه قارب إيجاباً خطة معالجة أزمة الكهرباء، غير انه أشار إلى وجود ملاحظات لديه من بينها قوله انه «لا يجوز العودة أبداً إلى فكرة الاستعانة بالبواخر».
وكانت مصادر نيابية في كتلة «التنمية والتحرير» وعضوة في لجنة المال والموازنة قد أبلغت «اللواء» وجوب إحالة مشروع الموازنة إلى مجلس النواب بأسرع وقت قبل نهاية أيّار المقبل، من دون ان يكون هناك رابط بين إقرار الموازنة وخطة الكهرباء، على الرغم من ان حل أزمة الكهرباء أساس بالنسبة إلى الموازنة، على اعتبار ان الجميع يعترف بأن الهدر كبير جداً في قطاع الكهرباء وهو أساس الدين المرتفع والعجز، وسبب الأزمة المالية الكبيرة للدولة، كاشفة بأن الدين العام بلغ هذه السنة 86 مليار دولار من بينها 36 مليار دولار بسبب الكهرباء أي ما يقارب الثلث العجز، وقالت انه في حال استطعنا الوصول إلى خطة واضحة متكاملة وشفافة نكون استطعنا إيقاف أهم باب من أبواب الهدر، لأنه الأكبر تأثيراً على الموازنة وعلى مالية الدولة، الا ان هذا لا يعني إذا تمّ اقفال هذا الملف انه ليس هناك من هدر في وزارات أخرى.
تجدر الإشارة إلى ان رئيس المال والموازنة إبراهيم كنعان وجه أمس سؤالاً إلى الحكومة حول أسباب تأخير موازنة العام 2019، وبالحسابات المالية منذ العام 1993 حتى 2017، وعزا سؤاله إلى ان لديه خشية من ان يكون التأخير في إحالة الموازنة والحسابات لوضع المجلس النيابي امام أمر واقع وهو قبول الأمور بلا تدقيق فعلي، كما حصل في موازنة العام 2017.
عون إلى تونس وبري إلى العراق
سياسياً، سيكون رئيسا الجمهورية والمجلس خارج لبنان في نهاية الأسبوع، فالرئيس ميشال عون سيغادر ظهر اليوم إلى تونس لترؤس وفد لبنان إلى مؤتمر القمة العربية في دورته الثلاثين الذي يعقد في العاصمة التونسية، فيما يتوجه الرئيس برّي إلى العراق على رأس وفد نيابي في إطار زيارة رسمية تستمر حتى 5 نيسان المقبل، ومن ثم ينتقل إلى قطر للمشاركة في مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي الذي يعقد في الدوحة من 6 إلى 10 نيسان، حيث يفترض ان يكون في بيروت لترؤس جلسة المساءلة النيابية والذي كان أرجأ موعدها من أمس الجمعة إلى 10 نيسان المقبل.
وافادت مصادر وزارية لـ«اللواء» ان الوفد الوزاري الذي يرافق الرئيس عون الى القمة العربية في تونس اليوم ويضم الوزراء جبران باسيل وريا الحسن ومحمد داوود وصالح الغريب يمثل غالبية المكونات اللبنانية، مشيرة الى حرص الرئيس عون على هذا الأمر.
واوضحت أن كلمة الرئيس عون امام القمة غدا الأحد تتناول التطورات الأقليمية وملف النازحين والوضع العربي ككل والتحديات التي تواجه ازمة الشرق الأوسط والموقف العربي والقرار الاميركي في موضوع الجولان.
وقالت ان الخطاب الرئاسي سيكون نوعيا وشاملا كما كانت عليه خطاباته امام القمم العربية التي شارك فيها. 
اما بالنسبة الى إمكانية الابقاء على بيان التضامن مع لبنان وفق ما تم اقراره في قمة الظهران في المملكة العربية السعودية فإن المصادر توقعت ذلك. 
وعلم ان هناك برنامجا اعد للرئيس عون للقاء عدد من رؤساء الوفود المشاركين في القمة وذلك على هامش مشاركته في القمة.
وكان الرئيس عون قد عرض للتحضيرات الجارية لمشاركته في اجتماعات عقدت في اليومين الماضيين في القصر الجمهوري.
وبالنسبة لزيارة برّي إلى العراق، فقد جاء الإعلان عنها رسمياً عبر الدائرة الإعلامية في مجلس النواب العراقي، من انها ستتم غداً الأحد، حيث سيكون النائب الأوّل لرئيس البرلمان العراقي حسن الكعبي في استقباله في مطار بغداد.
وأوضحت الدائرة ان «بري سيلتقي بالمسؤولين العراقيين لبحث العلاقات الثنائية بين العراق ولبنان وسبل تطويرها، إضافة إلى توسيع التبادل التجاري والاقتصادي بين البلدين».
انتخابات فرعية طرابلس
على صعيد آخر، أقفلت منتصف الليل، آخر فرصة لقبول الترشحات للانتخابات النيابية الفرعية التي ستجري في طرابلس في 14 نيسان المقبل، وأعلنت وزارة الداخلية رسمياً، بأن باب الترشيحات اقفل على ثمانية مرشحين، من بينهم النائب السابق مصباح الأحدب والذي شكل ترشيحه في اللحظة الأخيرة مفاجأة من شأنه منع احتمالات التزكية امام مرشحة تيّار «المستقبل» السيدة ديمة جمالي، على الرغم من وجود مرشحين آخرين امامها، خاصة بعدما أعلن مرشّح جمعية المشاريع الإسلامية طه ناجي مقاطعته للانتخابات، على اعتبار انه «لا يُمكن للفائز ان ينافس الخاسرين»، على حدّ ما أعلن في المؤتمر الصحفي الذي عقده أمس وإلى جانبه النائب فيصل كرامي الذي وصف بدوره ما يجري في انتخابات طرابلس بأنه «عملية سطو سياسي على مقعد نيابي، يقوم به تيّار «المستقبل» والسلطة المتمثلة بتيار «المستقبل».
ورأى كرامي ان المجلس الدستوري ارتكب هرطقة قانونية وقضائية غير مسبوقة عندما طعن بنيابة جمالي ولم يعلن عن فوز المرشح الطاعن طه ناجي، وذهب إلى الدعوة إلى انتخابات وفق القانون الالكتروني من دون أي مسوغ منطق يخوله ذلك».
وليلاً، اعلنت وزارة الداخلية والبلديات – المديرية العامة للشؤون السياسية واللاجئين انه في تمام الساعة 24 من يوم الجمعة الواقع فيه 29/3/2019 اقفل باب تقديم تصاريح الترشيح للانتخابات النيابية الفرعية التي ستجري بتاريخ 14/4/2019 في الدائرة الصغرى في طرابلس لانتخاب نائب عن المقعد السني الذي شغر بموجب قرار المجلس الدستوري رقم 10 تاريخ21/2/2019.
وقد بلغ عدد المرشحين عن المقعد المذكور، ثمانية، هم السادة:
يحي كامل مولود
ديما محمد رشيد الجمالي
سامر طارق كباره
طلال محمد علي كباره
عمر خالد السيد
حامد عمر عمشه
محمود ابراهيم الصمدى
محمد مصباح عوني احدب
وتجدر الإشارة الى ان مهلة الرجوع عن الترشيح تنتهي في الساعة 24 من يوم الأربعاء الواقع فيه 3/4/2019.