عاد الرئيس سعد الحريري إلى بيروت، بعيد منتصف الليل، بعد زيارة إلى المملكة العربية السعودية، استقبله خلالها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز.
استقبال الملك سلمان للرئيس الحريري، الذي جرى في قصر اليمامة في الرياض أمس، شارك فيه كل من عضو مجلس الوزراء وزير الدولة الدكتور مساعد بن محمد العيبان، ووزير الخارجية الدكتور إبراهيم العساف، والمستشار في الديوان الملكي نزار العلولا، وسفير المملكة في لبنان وليد بخاري، والسفير اللبناني في المملكة فوزي كبارة.
وأكّد الملك سلمان استمرار المملكة بالوقوف إلى جانب لبنان، ودعم استقراره وامنه، وذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس) انه جرى خلال الاستقبال، بحث سبل تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين، ومستجدات الأوضاع في المنطقة، وبخاصة على الساحة اللبنانية.
وكشفت معلومات خاصة بـ«اللواء» ان وجود الرئيس الحريري في الرياض، كان فرصة لمواكبة اجتماعات اللجنة اللبنانية - السعودية التي اختتمت مساء أمس أعمالها على المستوى التقني، حيث تمّ التوصّل إلى اتفاق على 17 اتفاقية ومذكرة تفاهم في مجالات عدّة، وأصبحت جاهزة للتوقيع، بعد اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة في كل من البلدين.
وفي المعلومات أيضاً، انه تم التوافق على تفعيل الاتفاقات الموقعة سابقا بين لبنان والمملكة العربية السعودية، وقد سلم الجانب اللبناني الجانب السعودي مذكرتي تفاهم لدراستهما من قبل الجانب السعودي وتتعلقان بالتعاون في المجال التجاري والمعارض.
كما اتفق الجانبان على ان تتولى وزارة الاقتصاد والتجارة في الجمهورية اللبنانية ووزارة المالية في المملكة العربية السعودية، متابعة البنود الواردة في المحضر النهائي من اجل وضعها موضع التنفيذ في اقرب وقت ممكن.
وبالنسبة للوفد الرسمي الذي سيرافق الرئيس الحريري إلى بروكسل، فلم تتأكد بعد المعلومات التي تحدثت عن وجود اتصالات لضم وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب إلى الوفد، لتجنب أزمة حكومية، ظهرت مؤشراتها في دعم وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي لإشراك الغريب في الوفد، وتأكيده بأنه سيعود ويرافق الوفد اللبناني، لكن الغريب نفى لـ«اللواء» علمه بوجود مثل هكذا اتصالات، وقال انه لم يتبلغ أي شيء بهذا الخصوص، وليس لديه معلومات، كذلك نفى الوزير السابق غطاس خوري ومستشار الرئيس الحريري النائب السابق عمار حوري ان تكون لديهما معلومات حول الموضوع.
الا ان مصادر قريبة من أجواء بعبدا، علقت على تغريدة الوزير جريصاتي بخصوص ابعاد الغريب عن الوفد، بأن «جريصاتي لا يغرد خارج سربه، وهو يُدرك توجهات الرئيس عون، بأنه بالإمكان استدراك الأمر عبر إعادة ضم الوزير إلى الوفد، واصفة عدم اشراكه بأنها «عملية ابعاد» نظراً لعلاقاته مع النظام السوري، ورداً على تفرده بزيارة دمشق دون علم مسبق».
وقالت انه بإمكان الرئيس الحريري ان يصطحب الغريب معه، رغم عدم وجود سياسة حكومية واحدة من ملف النازحين السوريين.
وعزا وزير التربية والتعليم العالي اكرم شهيب وجوده ضمن الوفد مع وزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيموجيان، إلى كونهما المعنيين بأزمة النزوح على صعيدين تربوي واجتماعي، مشيراً إلى ان تشكيل الوفد من صلاحية رئيس الحكومة والجهة الداعية، أي الاتحاد الأوروبي.
وبحسب مصادر الوزيرين فإن لبنان يأمل ان يوفّر مؤتمر بروكسل دعماً مالياً بمليارين و500 مليون دولار يكفي احتياجاته لتغطية أعباء النازحين الموجودين على أرضه، علماً ان لبنان لم يحصل من المؤتمرين السابقين على أموال كافية لمساعدته في تحمل اعبائهم.
تجدر الإشارة هنا، إلى ان وزير الزراعة حسن اللقيس ينوي زيارة سوريا «في إطار تسهيل تصدير المحاصيل الزراعية اللبنانية إلى الداخل السوري ومن خلال معبر نصيب إلى الدول العربية»، الا ان اللقيس لم يُحدّد بعد موعد الزيارة، الا ان الإعلان المسبق عنها، أعطى انطباعاً بأن الزيارة ستكون منسقة رسمياً على مستوى مجلس الوزراء، بخلاف زيارة الغريب التي فاجأت كثيرين..
وحرص اللقيس، عندما كشف عن زيارته على «عدم تسييسها والنظر إليها كمسألة تقنية محض تخدم مصلحة اللبنانيين».
إلى ذلك، علمت «اللواء» ان لقاءً عقد بعيداً عن الإعلام بين رئيس الجمهورية ميشال عون ووزير الدفاع الوطني إلياس بو صعب، دار البحث في خلاله حول موضوع تعيين المجلس العسكري، لكن لم ترشح أية معطيات، خصوصاً وأن ما من جلسة لمجلس الوزراء هذا الأسبوع، مثلما اشارت «اللواء» أمس، كما ان البحث جار عن اسم بديل عن العميد محمود الأسمر الذي كان مرشحاً لتولي منصب الأمانة العامة للمجلس الأعلى للدفاع، بعد ورود ملاحظات على ترشيحه.
ومن جهة ثانية، تأكد ان زيارة وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو إلى بيروت، لن تتم هذا الأسبوع، مثلما كان تردّد سابقاً، بل هي متوقعة الأسبوع المقبل، وتحديداً في 22 و23 الشهر الحالي، أي قبل أيام قليلة من الزيارة التي يعتزم الرئيس عون القيام بها إلى موسكو في 25 آذار.
الفساد
وبينما حرصت مصادر وزارية تسنى لها زيارة قصر بعبدا أمس التأكيد لـ«اللواء» بأن «الرئيس عون يولي ملفات الاقتصاد ومكافحة الفساد والنازحين السوريين أولوية، مشددة على انه مصمم على السير في ملف مكافحة الفساد حتى النهاية»، واصلت لجنة المال النيابية اجتماعاتها في ساحة النجمة لمتابعة ملف التوظيف العشوائي، وركزت أمس على التوظيف الذي حصل في وزارة الاتصالات وهيئة «اوجيرو» في حضور الوزير محمّد شقير.
وأكد رئيس اللجنة إبراهيم كنعان بعد الاجتماع ان اللجنة تثبتت من صحة رقمي الـ453 متعاقداً الذين وردوا في تقرير التفتيش المركزي والـ54 موظفاً في وزارة الاتصالات، مؤكداً «متابعة الموضوع مع الوزارة وأوجيرو حول أسباب التوظيف ومخالفة المادة 21 من قانون سلسلة الرتب والرواتب».
ولفت إلى ان الوزير تحدث بكل شفافية، وقال ان هناك ما بين 400 و500 شاب وصبية جرى توظيفهم في شركات الخليوي ويتقاضون رواتب من دون عمل.
وأشار إلى ان اللجنة طلبت ايضاحات عن أسباب توظيف الـ453 شخصاً في «أوجيرو».
دعم سلام للسنيورة
وفي سياق متصل، تلقى الرئيس فؤاد السنيورة جرعة دعم قوية من الرئيس تمام سلام خلال زيارته له في مكتبه، مؤكداً تضامنه معه في وجه الحملة التي استهدفته بالنسبة لفتح ملف حسابات الدولة، وقال ان «السنيورة ليس بحاجة لا إلى حصانة نيابية ولا إلى حصانة طائفية ولا حصانة سياسية من أي جهة كانت، فهو لديه من الحصانة الوطنية الضامنة له ولنا ولكل من يريد مصلحة هذا الوطن».
وأوضح سلام ان الرئيس السنيورة كانت له محاولة قد تكون فريدة من نوعها عام 1998 عندما تقدّم بتصور إصلاحي على المستوى الإداري والمالي، لو اعتمد وطبق في وقتها لكان وضعنا اليوم على مستوى إدارة البلد أفضل بكثير مما نحن فيه.
اما الرئيس السنيورة، فأكد «انه واثق جداً بما قام به، وان ما قام به كان لمصلحة الدولة والخزينة العامة»، وقال: «لو عاد بي الزمن ثلاثين سنة إلى الوراء لقمت بنفس العمل الذي قمت به على مدى السنوات التي كنت اشغل فيها وزارة المالية، وكنت فيها رئيساً للحكومة».
وإذ لاحظ ان هذه المعركة مقصود منها صرف انتباه النّاس عن الإصلاح الحقيقي، وهي محاولة من البعض من أجل ان يكتسبوا ثقة لا يتمتعون بها، أوضح انه سبق ان ارسل مشروع قانون إلى مجلس النواب في 25 آذار من العام 2006 يخضع جميع حسابات الدولة اللبنانية إلى التدقيق من قبل المؤسسات الدولية، بحيث لا تكون هناك خيمة على أي إنسان في الدولة، وقال ان «هذا إثبات على ان حكومته آنذاك وهو شخصياً تلتزم بهذا الموقف الذي يحرص على ان يكون هناك تدقيق».
سخونة في انتخابات طرابلس
في هذا الوقت، بدا واضحاً ان معركة الانتخابات الفرعية في طرابلس، ستتم بسخونة لافتة، بدأت طلائعها تظهر عبر المواقف النارية السياسية، إضافة إلى وجود مرشحين لا هدف لهم سوى منع حصول تزكية تؤمن للمرشحة ديمة جمالي العودة ثانية إلى ساحة النجمة، وهذا يعني سياسياً ان المعركة ستكون ضد تيّار «المستقبل»، علماً ان اوساطه تدرك ذلك، وهي تتعامل مع الانتخابات الفرعية بجدية كبيرة، على اعتبار انها ستكون بمثابة امتحان من غير المسموح خسارته أو السقوط فيه.
وفيما أكّدت المرشحة جمالي استمرارها في خوض المعركة بدعم من «المستقبل» والرئيس الحريري، مشددة على ان تكون شريفة ونزيهة من دون إساءات وتضليل للرأي العام، حسم سامر كبارة، ابن شقيق النائب محمّد عبد اللطيف كبارة، موقفه بالنسبة للترشح، وأعلن انه سيعقد في السادسة من مساء غد الأربعاء مؤتمراً صحافياً في فندق «كواليتي إن» لاعلان ترشيحه انطلاقاً من رفضه التزكية، مؤكداً ان معركته حقوقية وليست سياسية، ومن أجل احترام خصوصية طرابلس.
لكن اللافت في مؤشرات تسخين المعركة، حتى قبل تحديد مهل قبول الترشيحات وسحبها، الهجوم الذي شنّه النائب فيصل كرامي على الرئيس الحريري شخصياً، من باب الرد على الأمين العام لتيار «المستقبل» أحمد الحريري الذي قال انه يريد ان يكسر «حزب الله» في طرابلس، فقال كرامي انه لا يريد الرد على الأمين العام، بل على الرئيس الحريري شخصياً، متهماً اياه بالتعامل مع «حزب الله»، وانه مغطى منه، وأصبح رئيساً للحكومة بفضله، وانه (أي الحريري) هو من غطى الجيش اللبناني في معركته في عرسال مع الجيش السوري، وعين سفيراً للبنان في سوريا، واستجرّ الكهرباء ودفع أموالاً للدولة السورية، ويجتمع بشكل دوري مع وزير الداخلية السابق والحالي مع امنيين من «حزب الله» كل اسبوع هو أنت وليس نحن.
ونفى كرامي ما وصفه «بهجوم الذباب الالكتروني التابع لتيار «المستقبل» وما تردد عن تحالف بينه وبين اللواء اشرف ريفي، في أعقاب زيارته له في منزله»، مؤكدا ان الزيارة مجرّد واجب اجتماعي ولا علاقة لها بالانتخابات، خاصة وان ريفي لم يعلن حتى الساعة ترشحه للانتخابات.
إلى ذلك، علمت «اللواء» ان وزيرة الداخلية ريّا الحسن ستصدر اليوم مجموعة قرارات بخصوص مهل قبول الترشيحات وسحبها، والشروط التي يجب ان تتوفر للمرشحين بموجب القانون، في حين نفت مصادر في الداخلية وجود إشكاليات تتعلق بهيئة الاشراف على الانتخابات، على اعتبار ان هذه الهيئة ما زالت قائمة، طالما ان القانون يفرض وجودها سواء في انتخابات عامة أو فرعية.
المحكمة الدولية
على صعيد المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، احالت المحكمة تقريرها السنوي العاشر إلى الأمين العام للأمم المتحدة وإلى الحكومة اللبنانية، وجاء فيه ان غرفة الدرجة الأولى في الوقت الراهن ستعرض الأدلة المتوافرة لديها وتتداول في مسألة ما إذا كان الادعاء قد قدم أدلة تثبت قضيته ضد المتهمين الأربعة بلا شك معقول. ويرد في التقرير أيضاً ان التوقيت الدقيق لصدور الحكم سيتوقف على الطابع المعقد للمسائل القانونية والوقائعية المطروحة في المداولات لغرفة الدرجة الأولى.
وجاء في التقرير ان رئيسة المحكمة، القاضية ايفانا هردليشكوفا ختمت قائلة ان تركيز المحكمة سينصب في السنة المقبلة على المداولات القضائية واعداد الحكم الذي ينتظر صدوره المتضررون من اعتداء 14 شباط/فبراير 2005، والجمهور اللبناني، والمجتمع الدولي عامة