فيما يتقلّب لبنان بين أزمات سياسية واقتصادية ومالية صعبة، أكد رئيس مؤسسة «الانتربول» نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية والدفاع السابق الياس المر انّ لبنان مقبل على الانفراج هذه السنة، وانّ المنطقة لن تشهد أي حروب وانّ ما يروّج له في هذا السياق لا يعدو كونه «حرباً نفسية».

في موازاة مهمته رئيساً لمؤسسة الانتربول الدولي، يعود نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والداخلية السابق الياس المر الى مزاولة نشاطه السياسي في لبنان، ابتداء من الاسبوع المقبل.

وخلال رعايته الاحتفال بالعيد الثامن لانطلاقة صحيفة «الجمهورية»، توجّه المر الى اللبنانيين عموماً مؤكداً انّ لبنان مقبل على الانفراج خلال هذه السنة مستبعداً نشوب أي حروب في المنطقة، ومعتبراً أن ما يجري على هذا الصعيد لا يعدو كونه «حرباً نفسية»، وقال: «صحيح أنهم جددوا لي 7 سنوات جديدة في المكان حيث أعمل اليوم على صعيد مكافحة الجريمة المنظمة في العالم، ولكن كان شرطي الأول والأساسي أنني غير مستعد مقابل هذا الموضوع، أن أعيش خارج بلدي بعيداً عن عائلتي وأولادي وعنكم وعن أصدقائي وعن اليوميات التي عشت فيها كل حياتي. أما الشرط الثاني فكان انّ هذه المهمة إذا كانت ستمنعني من العمل في الشأن العام في البلد أيضاً فلا أريدها، لأن لا شيء يفيد الانسان ولا يكون ربح شيئاً إذا ربح كل العالم وخسر بلده وعائلته وأصدقاءه الذين هم أنتم».

وأضاف المر: «في السنوات الثلاث التي مضت كنت موجوداً في الخارج وآتي إلى لبنان، لكن ابتداءً من اليوم أنا موجود في لبنان معكم دائماً وأسافر لـ 5 أيام في كل شهر إلى الخارج ثم اعود. فإذا تمكنّا من إعطاء 0,1 في المئة على صعيد الجمهورية التي ننتمي اليها جميعاً والتي هي وطننا يكون هذا جيداً، وإذا لم نستطع نكون حاولنا وفعلنا ما في وسعنا». وقال: «من أعطى حياته لبلده ليس كثيراً إذا أعطى وقتاً ليحاول تحسين مستقبل أولاده وأولاد الناس الذين يمكن أن يؤمنوا أنه قادر على إعطاء هذه الـ0,1 في المئة زيادة. اننا وعلى رغم من كل المأساة التي يمر فيها البلد حالياً، أنا متأكد وأشعر أنه من الآن إلى نهاية هذه السنة سيكون البلد في وضع أفضل، والمنطقة سيكون وضعها أفضل. وانّ التهويل الذي نعيشه سواء من اسرائيل أو من حلفائها هو تهويل ليس أكثر وأنا لديّ اقتناع بأنه لن تحصل حروب في المنطقة، (لا في حروب بالمنطقه وَلا في شي)، الحرب هي نفسية، الحرب هي اقتصادية علينا وعلى غيرنا، ولهذا السبب إذا قررنا جميعاً العمل وقدّم كل شخص منّا هذا الـ 0,1 في المئة في العمل الذي يقوم به، من المؤكد انّ بلدنا سيكون أفضل. ووفق المعلومات التي لدي، فإنه من الآن وحتى نهاية السنة وفي أبعد حد ربيع 2020 ستكون المنطقة أفضل، ومن المؤكد انّ لبنان سيكون أفضل».

العاصفة الدولية
من جهة ثانية، توالت العاصفة الدولية فصولاً ضد ايران و»حزب الله» وكان القرار البريطاني بتصنيف «حزب الله» بجناحيه العسكري والسياسي «منظمة ارهابية»، إذ صوّت مجلس اللوردات البريطاني أمس لمصلحة مشروع قرار الحكومة بحظر الجناح السياسي لـ»حزب الله» وصَنّفه كجماعة إرهابية.
وجاء هذا التصويت بعدما أقر البرلمان مشروع القرار أمس لعدم اعتراض أكبر تكتل معارض (حزب العمال) داخل مجلس العموم.
ووفقاً للقرار، «تعتبر بدءاً من يوم الخميس (أمس) ميليشيا «حزب الله» اللبناني بكافة تفرعاتها منظمة إرهابية، ونتيجة لذلك فإنّ القانون البريطاني سيعاقب كل من يدعم أو ينضَمّ أو يروّج لميليشيات «حزب الله» اللبناني، حيث يمكن أن تصل العقوبة إلى السجن أكثر من 10 سنوات».
وكان وزير الداخلية البريطاني ساجد جاويد قال إن «ميليشيات «حزب الله» مستمرة في محاولات زعزعة الاستقرار في الوضع الهش أصلاً في الشرق الأوسط»، وأضاف: «لم نعد قادرين على التمييز بين جناحها العسكري المحظور بالفعل، والحزب السياسي الذي يمثله. نتيجة لذلك، اتخذت قرار حظر الحزب بمجمله».

وفي وقت لاحق، صرّح وزير الخارجية البريطاني، جيرمي هانت، أن لندن «لن تتغاضى عن أنشطة «حزب الله» الإرهابي»، وأكد أن قرار «تصنيف الحزب بكامله منظمة إرهابية لن يغيّر موقفنا من دعم لبنان ولا علاقتنا بالشعب اللبناني». وقال: «من الواضح أنّ التمييز بين الجناحين العسكري والسياسي لحزب الله لم يعد موجوداً».

السعودية ترحّب
الى ذلك رحّب المتحدث الرسمي لرئاسة أمن الدولة في السعودية أمس بـ»عزم المملكة المتحدة تصنيف ميليشيات ما يسمّى بحزب الله منظمة إرهابية بجناحيها السياسي والعسكري».
ونقلت وكالة الانباء السعودية الرسمية (واس) عن المتحدث قوله «إنّ المملكة العربية السعودية ستواصل، وبالشراكة مع حلفائها، العمل على وقف تأثير «حزب الله» وإيران المزعزع للاستقرار في المنطقة بما يكفل حفظ الأمن والسلم الدوليين».
وحضّت المملكة المجتمع الدولي والمنظمات الدولية ذات العلاقة على «اتخاذ مثل هذه الخطوة، وتكثيف التعاون المتبادل وتعزيز التنسيق المشترك بما يكفل القضاء على الإرهاب بكافة أشكاله وأنواعه».

مجلس الوزراء
داخلياً، نجح مجلس الوزراء في تهدئة الاجواء على جبهة النازحين بعدما كانت عصفت في جلسته الماضية، لتنفجر على الجبهة المالية بفعل إقراره الدرجات الست للاساتذة الثانويين المندرجة ضمن سلسلة الرتب والرواتب، والتي ما يزال الخلاف قائماً على صرفها رغم إقرارها وما تسبّبت به من مشكلات مالية يعترف المعنيون بها حيناً ويتجاهلونها أحياناً.

التضامن الوزاري
وشدد الحريري امام مجلس الوزراء على ضرورة الالتزام بالتضامن الوزاري، «فقد بدأنا مسيرة جديدة والمواطنون اللبنانيون يريدون نتائج وإنجازات ولا يريدون مناكفات». ودعا إلى «عدم اللعب على وتر الخلاف بيني وبين فخامة رئيس الجمهورية، فنحن كلنا في مجلس وزراء واحد، شركاء مع فخامة الرئيس ومع المجلس النيابي للمباشرة في العمل، وهذه هي الروحية التي يجب أن تحكم عملنا في الأيام المقبلة».
واعترض وزراء «التيار الوطني الحر» و»القوات اللبنانية» على إقرار «الدرجات الست»، فيما غرّد وزير المال علي حسن خليل قائلاً: «قررنا اليوم (امس) إعطاء الدرجات الست للأساتذة المتمرنين في كلية التربية وحسم الجدل في هذا الملف، ونبارك لهم صدور مرسوم تعيينهم أساتذة أصيلين، وسنباشر في الإجراءات التنفيذية لدفع حقوقهم».

باسيل: مسرحية خبيثة
وعلمت «الجمهورية» أنّ وزير الخارجية جبران باسيل تحدث طويلاً خلال الجلسة، واتسمَت نبرته أحياناً بالحدّة، خصوصاً حين توجه الى الوزراء محذّراً من «انّ البلد سيذهب من بين أيدينا فيما انتم تستمرون في تقديم المصالح الانتخابية على المصلحة العامة». وانتقد «الاستمرار في اتخاذ قرارات شعبوية ‏كسلسلة الرتب والرواتب وزيادة الرواتب والدرجات، والتي قد تُرضي قسماً من الناس لبعض الوقت لكنها تهدد مصير جميع الناس»، وحذّر من «إمكانية تدهور الوضع الاقتصادي والمالي إذا استمر هذا النهج».

وقال باسيل ما حرفيته: «أقول لكم ذلك وأنا أعرف انّ كلامي يخسّرني شعبياً، لكنّ ضميري لا يسمح لي بالسكوت عن الحقيقة ‏ومسؤوليتي تدفعني إلى مصارحة الجميع. فماذا يعني ان تؤمّن حقوقاً مالية لفئة من الناس وأنت تعلم أنها سترتد سلباً على وضع جميع الناس؟». وشدد على «أن لا حق يعلو على حقوق الناس في الاستقرار، هذا هو الأساس. ونحن كفريق سياسي لن نقف متفرجين، ولن نشارك في مسرحية خبيثة لأن الآتي أعظم».
وأكد باسيل «اننا لا نحتاج إلى نصائح دولية ‏لكي نفهم انّ رفع سقف الانفاق العام من دون تأمين الموارد وضبط الهدر هو نوع من الانتحار. المال أرقام لا تحتمل التأويل، وعلينا أن نواجه بجرأة لكي لا يحمّلنا الناس مسؤولية الانهيار لا سمح الله. أنا اقول لكم اننا كفريق سياسي لن نسكت أبداً عن أي قرار او إجراء يهدد المصلحة الوطنية العليا مهما كانت تكلفة هذا الموقف شعبياً علينا».

«القوات»
وأوضحت مصادر «القوات اللبنانية» لـ»الجمهورية» انّ الوزير كميل أبو سليمان اعترض خلال الجلسة على تشكيل وفد كبير من وزارة الاقتصاد الى المملكة العربية السعودية، وذكّر بضرورة الإسراع في وضع آلية واضحة المعالم ومحددة لزيارات الوفود الى الخارج، لأنّ الاستمرار على المنوال الحالي يحمِّل الخزينة أعباء غير مقبولة وينعكس سلباً على المالية العامة للدولة. ولدى طرح بند الدرجات الستّ للاساتذة الثانويين اعترض وزراء «القوات» بشدة مُسجّلين 3 نقاط أساسية: الوضع المالي للدولة لا يتحمّل المزيد من المصاريف، إنما يستدعي شد الأحزمة، وإمرار هذا البند ستكون له انعكاسات كبيرة على الخزينة؛ ضرورة الالتزام بالقانون، خصوصاً انّ لدى مجلس الخدمة المدنية رأياً مخالفاً حيث أن المقترح ينطبق على البعض وليس على جميع الأساتذة الثانويين؛ ولا يفيد بشيء إعطاء الناس من هذا الجيب وأخذه مضاعفاً من الجيب الآخر بما يهدد الوضع الاقتصادي برمته، خصوصاً انّ التجربة مع الحكومة السابقة على هذا المستوى كانت خاطئة».

ولفتت المصادر الى «أنّ وزراء «القوات» و»التيار الوطني الحر» كان لديهم الموقف نفسه من الموضوع لجهة إقرارهم بأنّ سلسلة الرتب الرواتب كانت خطأ، وأنّ مجلس شورى الدولة أصدر قراراً ضد الدرجات الست للأساتذة الجدد، ولا يجوز تحميل أي كلفة اضافية للموازنة، إلّا أنّ الامر انتهى بالتصويت، حيث صوّت ضده كل من وزراء «التيار الوطني الحر» و»القوات اللبنانية» و»المردة» والوزيرة ريّا الحسن، فكانت النتيجة 12 ضد و18 مع. وتجدر الإشارة إلى أنّ وزير المال علي حسن خليل كان ميّالاً الى التصويت ضد القرار لِما له من انعكاسات سلبية على المالية العامة، إلّا أنه عاد وصَوّت مؤيّداً».

ملف الفساد
وفيما وضع «حزب الله» ملفات الفساد المالي بين يدي النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم، تترقّب الاوساط السياسية اليوم الرد الذي سيعلنه الرئيس فؤاد السنيورة على «الحزب» في ما يتعلق بملف الـ11 مليار دولار التي صرفت، ويقال انّ المجالات التي صرفت فيها لا تزال مجهولة.
وقالت مصادر قوى 14 آذار لـ»الجمهورية» تعليقاً على تحرك «حزب الله» في شأن الفساد: «إنّ ما يتم التداول به ليس آلية لمكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين، وإنما هو عملية انتقائية هدفها إخضاع المعارضة وترويضها وإسكاتها وترهيبها. فإذا كانوا جادّين في محاسبة مَن صرف مالاً من خارج الموازنة، فإنّ المسؤولية في ذلك هي مسؤولية مجلس الوزراء مجتمعاً في اعتباره صاحب القرار وليست مسؤولية رئيس الحكومة حصراً. وبالتالي، فإنّ ذلك يوجب مساءلة كل أعضاء الحكومة وليس رئيسها فقط. ثم انّ حكومة السنيورة لم تكن الحكومة الوحيدة التي صرفت اموالاً من خارج الموازنة، فكل الحكومات على مدى 11 عاماً منذ العام 2005 وحتى حكومة الرئيس تمام سلام صرفت من دون إقرار اي موازنة في مجلس النواب».

وسألت هذه المصادر: «هل الصرف من خارج الموازنة، في ظل الظروف القاهرة التي تتطلب تسيير المرفق العام، جريمة تستحق المحاسبة، وكلفة الحروب التي تسبّب بها «حزب الله» من دون العودة الى مؤسسات الدولة وخلافاً للدستور ودفعت الخزينة كلفتها هي إنجاز يستحق المكافأة؟ وهل ضرب الاقتصاد وتهريب المستثمرين والسياح والتسبّب بإقفال المؤسسات الرسمية والخاصة والتهريب البري والبحري والجوي والتسبب بالعقوبات الاقتصادية التي أرهقت الخزينة وحرمتها من مداخيلها ليست فساداً وهدراً للمال العام يستحق «حزب الله» ان يُحاسب ويحاكم عليه؟ وهل المتهمون بقتل الرئيس رفيق الحريري قديسون لا تجوز محاكمتهم، والرئيس السنيورة يستحق المحاكمة؟».

عند المدعي المالي
وكان عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله سلّم امس الى المدعي العام المالي القاضي علي ابراهيم ما لديه من مستندات ووثائق تتعلّق بالتجاوزات المالية، التي كشف عنها في جلسة مناقشة البيان الوزاري والمؤتمر الصحافي الذي عقده قبل أيام. وأمل فضل الله في أن يقوم القضاء بدوره لكشف الحقائق المرتبطة بهذا الموضوع.
ورداً على سؤال حول ما قاله الرئيس فؤاد السنيورة في هذا الشأن، قال فضل الله: «لستُ معنياً بكل الكلام الذي يصدر يميناً ويساراً، ولم نتهم أحداً لأنّ جهة الاتهام هي القضاء».
في السياق نفسه، أكد المدعي العام المالي القاضي علي ابراهيم «أنّ التحقيق في إخبار النائب فضل الله سلك طريقه»، لافتاً الى «أنّ البداية ستكون بسماع إفادة موظفة في وزارة المال تمّ استدعاؤها».

غراندي في بيروت
وفي إطار الزيارات الدولية والأممية، يزور مفوض الأمم السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي بيروت في 7 من الشهر الجاري، للقاء المسؤولين وسيناقش معهم آخر التطورات المرتبطة بملف النازحين السوريين والفلسطينيين في لبنان.
وقالت مصادر أممية لـ»الجمهورية» انّ زيارة غراندي تكتسب اهمية قصوى نظراً الى تزامنها والتحضيرات اللبنانية الجارية لمؤتمر «بروكسل 3» الخاص بالنازحين السوريين، في ظل المواجهة الصامتة بين مسؤولين لبنانيين ومؤسسات الأمم المتحدة والتهديدات برفع دعاوى ضد بعض المسؤولين الأمميين بتهمة التواطؤ في منع عودة النازحين الى سوريا.

هولاند في بيروت
كذلك يصل الرئيس الفرنسي السابق فرنسوا هولاند الى لبنان في السادس من الجاري، في زيارة خاصة يلتقي خلالها عدداً من المسؤولين اللبنانيين الكبار.