علمت «الجمهورية»، انّ بعض المرجعيات الرسمية لم تنظر بعين الرضى الى تركيبة الوفد المرافق للحريري الى مؤتمر القمة العربية - الاوروبية الاولى، التي افتُتحت عصر أمس في قاعة المؤتمرات في شرم الشيخ تحت شعار «الاستثمار ...في الاستقرار»، برئاسة الرئيس المصري عبد الفاتح السيسي ورئيس المجلس الاوروبي دونالد توسك.

وأبدت استياءها من اجتماع رئيس الحكومة بنظيرته البريطانية تيريزا ماي ووزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان في حضور وزير الخارجية جبران باسيل ومستشار رئيس الحكومة الوزير السابق غطاس خوري من دون حضور بقية اعضاء الوفد المرافق، وزير المال علي حسن خليل ووزير الصناعة وائل ابو فاعور.

وإذ لم تتوافر معطيات عن اسباب غياب خليل وابو فاعور عن هذين اللقاءين وعن لقاءات أخرى عقدها الحريري على هامش القمة، انتقد مسؤول بارز غياب رئيس الجمهورية ميشال عون عن هذه القمة بذريعة عدم حضور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للقمة الاقتصادية العربية التي انعقدت في لبنان في 19 و20 كانون الثاني المنصرم.

ووصف هذا المسؤول تصرّف رئيس الجمهورية في هذا المجال بأنّه «خطأ سياسي»، وقال: «أياً كانت النتائج التي سيسفر عنها هذا المؤتمر فانه في النهاية مؤتمر دولي ينبغي على لبنان ان يتعاطى معه بجدّية كبرى».

وكان الحريري شارك أمس في القمة التي إفتُتحت عصراً، وهي اول قمة تنعقد على مستوى القادة بين جامعة الدول العربية والاتحاد الاوروبي ويشارك فيها رؤساء دول وحكومات ووزراء خارجية نحو 50 دولة للبحث في سبل تعزيز التعاون لمواجهة التحدّيات المشتركة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية والامنية.

الموقف من النازحين

من جهة ثانية، وفي انتظار جلسة مجلس الوزراء الاسبوعية هذا الاسبوع، وهي الثانية للحكومة منذ تأليفها ونيلها الثقة، ظلت الاوساط السياسية منشغلة في تتبع تفاعلات ما شهدته الجلسة الاولى الخميس الماضي، والتي حدّد فيها رئيس الجمهورية ما يراه من موقعه كرئيس للدولة، الطريقة التي يتم التعاطي بها مع قضية النازحين السوريين، ومؤكّدا أنّ سياسة النأي بالنفس التي ينتهجها لبنان منذ بداية الأزمة السورية هي النأي عمّا يحصل داخل سوريا وليس عن مليون ونصف مليون نازح سوري يكبّدون لبنان خسائر كبيرة ويضغطون على اقتصاده.

«التيار الحر»

وفي ضوء ما أثاره كلام عون من ردّات فعل وأسئلة حول أداء العهد وفريقه الوزاري والنيابي خلال المرحلة المقبلة، اعتبرت مصادر «التيار الوطني الحر» أنّ مواقف رئيس الجمهورية «جاءت في إطار شرح مقاربته لملف النازحين السوريين، ولا داعي لتحميل هذه المواقف أبعاد تتجاوز أبعادها الموضعية».

ولفتت إلى أنّ «البعض بالغ في تأويل مواقف رئيس الجمهورية وحملها إلى غير مكانها»، مشيرة إلى أنّ «الضجّة المثارة حول ملف النازحين فيها كثير من المغالاة والمزايدة، اذ أنّ أولويات عمل «حكومة الى العمل» واضحة وتضمّ بنحو أساسي ملفات: الفساد، الاقتصاد، والنازحين. ومن الطبيعي أن يتولى وزير شؤون النازحين صالح الغريب عمله سريعاً من خلال العمل على ايجاد الآليات المناسبة لإعادة النازحين، الأمر الذي يتطلب تنسيقاً وحواراً مع الحكومة السورية».

واعتبرت المصادر، أنّ «الدول العربية رفعت من وتيرة إتصالاتها مع سوريا وهناك من عاود فتح سفارته في دمشق، ما يعني أنّ الخطوة اللبنانية ليست أبداً من باب تعويم النظام السوري، فيما لبنان يتمتع أصلاً بتمثيل ديبلوماسي مع سوريا وهو أوْلى في الحوار معها لحلّ أزمة النازحين التي تثقل كاهل اقتصاده».

وكشفت أنّ «زيارة صالح الغريب لدمشق لم تكن بمبادرة ذاتية منه كما يصوّرها البعض، لا بل ضمن توافق ضمني بين مكونات الحكومة، وبالتالي إنّ بعض المواقف التي تُطلق لا تحاكي الواقع أبداً، بدليل أنّ بعض «المستقبليين» نقلوا النقاش إلى مكان آخر، يتصل بكلام رئيس الجمهورية، ولم يصوّبوا مباشرة على الزيارة. في حين أنّ مواقف بعض قيادات حزب «القوات اللبنانية» تتحدث عن تصدٍ ستقوده «القوات» مع «الحزب التقدمي الاشتراكي»، ما يعني إخراج «المستقبل» من هذه الجبهة».

ورأت المصادر نفسها، أنّه «بمعزل عن مواقف المزايدة التي يعتمدها البعض، فإنّ مبادرة وزير شؤون النازحين تستحق المحاولة، وفي حال فشلها، نلجأ إلى مبادرة أخرى. واذا كان المزايدون يعتقدون أنهم يدغدغون مشاعر البيئة السُنيّة عبر اعتماد هذا الخطاب، فإننا نؤكّد لهم أنّ هذه البيئة كما غيرها من البيئات المضيفة تعاني من أضرار النزوح السوري».

«القوات»

لكن مصادر «القوات اللبنانية» من جهتها قالت لـ«الجمهورية» إنّ «ما هو حاصل في ملف النازحين يندرج ضمن عملية غش كبيرة وواسعة، لأنّ «القوات» التي تطالب وتتشدد في سياسة «النأي بالنفس» لا تقول بالنأي بالنفس عن ملف النازحين، بل هي تقول بضرورة الفصل بين الموقف السياسي تجاه النظام السوري وبين ملف النازحين الذي تقف فيه خلف رئيس الجمهورية وضرورة عودة النازحين إلى سوريا، وبالتالي ليس مطروحاً إطلاقاً النأي بالنفس عن موضوع النازحين، بل المطروح هو النأي بالنفس في الموضوع السياسي والموقف من النظام السوري».

وأوضحت أنّ «هناك عملية غش حاصلة، لأنّ عودة النازحين ليس معبرها النظام السوري، ولو كان كذلك لماذا لم تتحقق هذه العودة حتى اللحظة؟ ما الذي يحول دون ترجمتها؟ هذه المسألة هي كذبة كبيرة، فلو كان رئيس الجمهورية وكل الدولة اللبنانية والأمين العام لـ«حزب الله» السيد نصرالله قادرين على إعادة النازحين لما قصّروا بذلك، وبالتالي المسألة ليست مسألة علاقة مع نظام بل إنها مرتبطة بالمجتمع الدولي وضرورة عودة النازحين، إذ إنّ التواصل بين لبنان وسوريا جارٍ، والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم يؤدي المهمة على أكمل وجه وهناك سفارتان معتمدتان بين البلدين. وبالتالي، إن إثارة الموضوع بهذا الشكل إثارة خاطئة، القصد منها التورية والتعمية والتمويه بغية أخذ الأمور وجرها في اتجاه التطبيع السياسي».

وأكّدت المصادر نفسها «أن «القوات» هي بالتأكيد مع عودة النازحين، ولكن ما نقوله إنّ تطوير العلاقات بين البلدين لن يؤدِّي إلى الهدف المنشود، والدليل إلى ذلك، انّ الرئيس عون لو كان في إستطاعته إعادتهم لفعل ذلك، فلعون موفد أسبوعي إلى سوريا».

وشدّدت على «أنّ المسألة غير مرتبطة بتطوير العلاقة مع النظام السوري بل بأسباب أخرى تبدأ من المجتمع الدولي ولا تنتهي بأنّ هذا النظام لا يريد إعادتهم. وكلّ ما يُطرح في هذا السياق غير صحيح ولا يمت إلى الواقع بصلة. «القوات اللبنانية» مع عودة النازحين في الأمس قبل اليوم وقبل الغد، وهي مع خطة رئيس الجمهورية، ولكن الهدف مما يُطرح هو إعادة النفوذ السوري إلى لبنان من خلال ملف النازحين، وما يُصار عملية تسييس مكشوفة من كل النواحي».

وإذ رأت المصادر أنّ «موضوع النأي بالنفس مفصول بنحوٍ تام ونهائي عن موضوع النازحين»، قالت: «إن «النأي بالنفس» هو أن لا نتدخل مع طرف من أطراف النزاع الجاري في سوريا والمنطقة وأن لا ندخل في محور، بل أن ننأى بأنفسنا عن النزاع القائم، لأن هناك إنقساماً حول هذا النزاع لبنانياً، وتلافياً لإثارة ملفات خلافية داخلية وللحفاظ على الانتظام المؤسساتي والاستقرار السياسي، يجب الابتعاد عن المسائل الخلافية التي تعيد تسخين الساحة السياسية الداخلية. وهذا هو «النأي بالنفس» الذي نلتزمه ونشدّد عليه، وما حصل أخيراً هو خرق لـ«النأي بالنفس» ولا علاقة له بالنازحين، بل تقصّد الفريق الآخر إقحام ملف النازحين بغية حرف النقاش عن أسبابه الحقيقية، وذلك من منطلقين: إصرار على خرق «النأي بالنفس» ليصبح شكلياً لا فعلياً، وسعي جدّي للتطبيع مع النظام السوري».

وأكّدت أنّ «كلّ ذلك لا علاقة له بملف النازحين، بل يجب فصل هذا الملف بنحو تام عن الملف السياسي. وتحقيق الهدف من ملف النازحين يبدأ من خلال الضغط على المجتمع الدولي مروراً بالمبادرة الروسية ولا ينتهي داخلياً من خلال وحدة موقف سياسي، فلا خلاف لبنانياً حول ضرورة عودة النازحين إلى بلادهم لأن لبنان لم يعد يتحمّل وجودهم في لبنان».

المجلس الأعلى

من جهة ثانية، علمت «الجمهورية» انّ رئيس مجلس النواب نبيه بري سيدعو إلى جلسة نيابية عامة قريباً، يصار خلالها إلى انتخاب 7 نواب اعضاء في المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، على ان تختار السلطة القضائية لاحقاً اعضاءها ويبلغ عددهم ثمانية، فيكون المجلس مكوناً من 15عضواً.

موغيريني

وفي اطار الزيارات الدولية للبنان بعد تأليف الحكومة، تصل الى بيروت في الساعات القليلة المقبلة الممثل الأعلى للأمن والشؤون الخارجية في الإتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، في طريق عودتها من قمة شرم الشيخ الى بروكسل.

وقد استعدت دوائر القصر الجمهوري للمحادثات المنتظرة اليوم بين رئيس الجمهورية وهذه المسؤولة الاوروبية، وذلك لاستكمال التفاهمات التي عُقدت بين لبنان والإتحاد الأوروبي لدى زيارة عون لمقر الإتحاد الأوروبي العام الماضي.

وقالت مصادر مطلعة، انّ هناك ملفات شائكة مطروحة على جدول الأعمال ومنها ملف النازحين السوريين، بالإضافة الى ملفات أخرى تتناول العلاقة بين لبنان والإتحاد في المجالات الديبلوماسية والسياسية والاقتصادية.