ارتفع مؤخراً مستوى التحذيرات من استعداد إسرائيل لشن حرب على لبنان، خصوصاً بعد ما نقلته صحيفة «معاريف» عن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، أنه طلب من الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين خلال زيارته الأخيرة لفرنسا عدم الاستعجال بشن هجوم على لبنان قبل تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، فيما نبه خبراء عسكريون من ارتفاع احتمال وقوع حرب كبيرة في الربيع تنطلق من سوريا.

وتزامنت التحذيرات مع إطلالة الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله التلفزيونية الأخيرة التي أكد خلالها أن حزبه حفر الأنفاق التي اكتشفتها إسرائيل، وأن جزءاً من خطته في الحرب المقبلة هو الدخول إلى الجليل، نافياً أن يكون بذلك يمهد لاندلاع صراع جديد مع إسرائيل واضعاً كل ما أعلنه في «السياق الدفاعي».

ويعتبر رياض قهوجي رئيس مركز «الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري» (إنيغما) أن دعوة الفرنسيين الإسرائيليين للتروي قبل شن أي عدوان على لبنان وربط الموضوع بتشكيل الحكومة الجديدة، أمر غير منطقي، متسائلاً: «إذا كان الإسرائيلي يحضر فعلياً لعمل عسكري، ماذا سيختلف بالنسبة له إن كانت هناك حكومة تصريف الأعمال الحالية أو حكومة جديدة فاعلة، ففي الحالتين صاحب القرار بالحرب والسلم هو حزب الله، سواء في الحكومة الحالية أو المقبلة، أضف أن المعادلات لن تتغير وستبقى نفسها، فرئاسة الحكومة ستبقى على الأرجح مع سعد الحريري كما وزارة الخارجية مع جبران باسيل».

ويرى قهوجي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن إمكانية إقدام إسرائيل على شن عدوان على لبنان «كبيرة في الربيع المقبل وقد تكون انطلاقة الحرب من سوريا، وإن كنت أعتقد أن ساحة الصراع الأساسية تبقى حالياً الأراضي السورية، وأنه إذا استهدفت إسرائيل لبنان سيكون نتيجة رد فعل من حزب الله على عمل عسكري إسرائيلي كبير في سوريا».وكان لافتاً إقدام نصر الله أخيراً على الإقرار بوجود أنفاق، لافتاً إلى أن بعضها قديم ويعود عمره إلى 13 عاماً أو 14 عاماً، رافضاً إعطاء أي تفاصيل بخصوص وجود أنفاق غير مكتشفة حتى الساعة. وربط قهوجي بين إقرار نصر الله بوجود الأنفاق وبين انتفاء الهدف من هذه الأنفاق بعد كشفها من قبل إسرائيل، لافتاً إلى أن استراتيجية الهجوم عبر الأنفاق والتي بدأتها حركة «حماس» في حروب غزة السابقة «أصبحت مفضوحة وفقدت الهدف المنشود منها».

وقد توتر الوضع على الحدود اللبنانية الجنوبية مع إطلاق إسرائيل عملية «درع الشمال» في ديسمبر (كانون الأول) الماضي والتي قالت إنها تستهدف تدمير الأنفاق التي حفرها حزب الله. وما زاد من الاستنفار الحدودي قيام إسرائيل ببناء حائط إسمنتي على نقاط متنازع عليها، مما دفع لبنان للتحرك دبلوماسياً لتفادي صدام عسكري.

ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي، المتخصص في شؤون «حزب الله» قاسم قصير المعلومات التي تحدثت عن أن الإسرائيليين أبلغوا الفرنسيين بنيتهم توجيه ضربة للحزب فكان جواب باريس بوجوب التمهل حتى تشكيل حكومة جديدة. ويشير قصير في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن ما يردع إسرائيل عن شن عدوان جديد على لبنان ليس الوضع السياسي الداخلي، إنما جهوزيتها الميدانية والعسكرية، لافتاً إلى أنها حتى الساعة لم تصل إلى قناعة بأن أي حرب ستشنها ستكون مضمونة النتائج لجهة القضاء على «حزب الله» وصواريخه.

ويعتبر قصير أن حديث نصر الله مؤخراً عن الحرب ورفع السقف يندرج بإطار التحذير من شن أي عدوان، واضعاً كلام الأمين العام لـ«حزب الله» عن قدرات حزبه العسكرية وتأكيده الاستعداد لنقل الحرب إلى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة في خانة «الردع النفسي». ويضيف: «أما الأميركيون فلا يزالون عند موقفهم غير المرحب بحرب على لبنان وبتفجير المنطقة، فهم ما زالوا يعولون ويراهنون على تمرير صفقة القرن، ويعون تماماً أن أي حرب من شأنها أن تطيح بأي تسوية سياسية في المنطقة».