توقَّع صندوق النقد الدولي أن تنكمش نسبة النمو الاقتصادي الحقيقي في لبنان من 1.5% في العام 2017 إلى 1.0% في العام 2018، لتعود وتتحسّن إلى 1.4% في العام 2019.
عَزا تقرير صندوق النقد الدولي توقعاته حول النمو الاقتصادي في لبنان بشكل رئيسي إلى تداعيات استمرار الإضطرابات السياسية والأمنية الإقليمية، وبخاصة في سوريا، على النشاط الإقتصادي، وحركة التجارة، وثقة المستثمرين في البلاد.
 
وقد أدّت هذه الإضطرابات أيضاً إلى تدفّق أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين إلى البلاد ليشكّلوا نحو 16% من سكان لبنان مع نهاية العام 2017، بحسب تقديرات مفوضية شؤون اللاجئين لدى الأمم المتحدة.
 
كذلك لَفت التقرير الى أنّ الضبابية حول مستقبل السياسات المتَّبعة والاختلالات الماكروإقتصادية تساهم في إضعاف النمو الإقتصادي اللبناني.
 
من منظار آخر، دعا صندوق النقد لبنان إلى العمل على ضبط المالية العامة بهدف الحد من الإعتماد على البنك المركزي، وضبط ما قد يخلِّف ذلك من ضغوط على معدل تضخم الأسعار. إلاّ أنه توقّعَ أن يبقى أثر ضبط المالية العامة على الدين العام محدوداً، بحيث من المرجَّح أن يبقى هذا الأخير أعلى من العتبة التي تُعَد حساسة للأسواق الناشئة.
 
من جهة أكثر إيجابية، أشار التقرير إلى أنّ التدفق المستمر لتحويلات المغتربين اللبنانيين (vulnerability threshold) إلى بلدهم الأم من شأنه أن يؤدي دوراً جوهرياً في الحفاظ على مستويات الاستهلاك الخاص في لبنان.
 
وأشاد التقرير بالجهود المبذولة لتحسين إيرادات الدولة اللبنانية، والتي تضمّنت رفع الضريبة على القيمة المضافة.
 
في إطار مماثل، ذَكر التقرير نجاح إصدار سندات خزينة لبنانية معنونة بالعملات الأجنبية (يوروبوند) بقيمة 5,5 مليارات د.أ. خلال النصف الأول من العام الحالي، ناسِباً هذا الإصدار إلى الأوضاع المالية المؤاتية.
 
على صعيد دولي
 
وتوقّع صندوق النقد الدولي أن تتسارَع وتيرة النمو الإقتصادي الحقيقي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان من 2.2% في العام 2017 إلى 2.4% في العام 2018، و2.7% في العام 2019، و3.0 % مع حلول العام 2023.
 
في التفاصيل، أشار التقرير إلى الآثار الإيجابية لارتفاع أسعار النفط على المالية العامة والحساب الخارجي لدول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان المصدِّرة للنفط، ترافقاً مع تحسّن نشاط القطاعات غير النفطية في العديد من تلك الدول.
 
كذلك ذَكر صندوق النقد التدابير المختلفة التي اتّخذتها بعض البلدان المصدِّرة للنفط لمعالجة أي مكامن ضعف مالي لديها، منها تَبنّي الضريبة على القيمة المضافة في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
 
بالتوازي، ودائماً بحسب التقرير، ساهمت عوامل خاصة بكل بلد في إنعاش آفاق النمو الاقتصادي في دول الخليج، مثل تطبيق مشاريع الاستثمار العام في الكويت، ومشاريع الاستثمار في البنى التحتية في قطر تمهيداً لاستضافتهم كأس العالم لكرة القدم للعام 2022، والاستعدادات لأعمال أكسبو 2020 في الإمارات العربية المتحدة.
 
في هذا السياق، تَرقّبَ صندوق النقد الدولي زيادة في نسبة النمو الإقتصادي في دول المنطقة المصدِّرة للنفط من 1.2% في العام 2017 إلى %1.4 في العام 2018، ومن ثم إلى 2.0% في العام 2019.
 
أما فيما يختص بالمخاطر التي تواجهها هذه البلدان، فقد لَخّصها التقرير باستمرار النزاعات الجيوسياسية، وتفاقم التوترات في مجال التجارة العالمية، والتي من شأنها أن تعرقل النمو الإقتصادي العالمي وتخفِّض أسعار النفط، تَرافقاً مع أيّ تَسارع في وتيرة سياسات ضبط الأوضاع المالية.
 
واعتبر التقرير أنّ التوترات التجارية العالمية وسياسات ضبط الأوضاع المالية تشكّل مخاطر لدول المنطقة المستورِّدة للنفط أيضاً، إضافة إلى تقلبات الأسواق المالية، كتلك التي شهدتها تركيا مؤخّراً على سبيل المثال.
 
بالتوازي، توقّع التقرير أن تسجّل دول المنطقة المستورِّدة للنفط نمواً اقتصادياً بطيئاً وغير مُتساو خلال الأعوام القليلة القادمة بالرغم من تحسّنه الطفيف، وذلك في ظل تداعيات ارتفاع أسعار النفط على ماليتها العامة وحسابها الخارجي الضعيفَين.
 
بالأرقام، إرتقَب صندوق النقد أن تزيد وتيرة النمو في الدول المستورِّدة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان من 4.1% في العام 2017 إلى 4.5% في العام 2018، قبل أن تعود وتتراجَع إلى 4.0% في العام 2019. وقد عَلّق التقرير أنّ معدلات البطالة المرتفعة وعدم المساواة هي من أبرز التحديات التي تواجهها البلدان المذكورة. (النشرة الأسبوعية لبنك الاعتماد اللبناني).