لم يعُد هناك أيُّ سبب يمنع الأشخاص الذين يعجزون عن هضم سكر اللاكتوز أو يريدون الحفاظ على رشاقتهم أو لا يستهلكون مختلف مصادر اللحوم من شرب الحليب، في ظلّ وجود العديد من الأنواع النباتية التي تُرضي كافة الأذواق والاحتياجات. وإلى جانب حليب الصويا، واللوز، وجوز الهند، والأرزّ، ازداد في الآونة الأخيرة الإقبال على حليب الشوفان. فهل يستحقّ فعلاً هذا الاهتمام؟
 

شرحت إختصاصية التغذية، راشيل قسطنطين، بداية حديثها لـ"الجمهورية" أنّ "حليب الشوفان يُستخرج من حبوب الشوفان التي تملك فوائد غذائية فائقة الأهمّية نسبةً لغناها بمعادن الحديد، والزنك، والنحاس، والكالسيوم، جنباً إلى الفيتامينات B، والبروتينات، والألياف. كل كوب من حليب الشوفان يزوّد الجسم بـ4 غ من البروتينات، و2,5 غ من الدهون، و2 غ من الألياف، و0 غ من الدهون المشبّعة والكولسترول، و130 سعرة حرارية".

لكن هذا ليس كلّ شيء! إذ أشارت قسطنطين إلى أنّ "حليب الشوفان يحتوي على كيماويات نباتية مفيدة جداً للوقاية من النوبات القلبية والسرطان، وألياف قابلة للذوبان في المياه أهمّها "بيتا-غلوكان" التي ثبُت أنها تخفّف من امتصاص الكولسترول السيّئ (LDL)".

وكشفت في ما يلي أبرز خصائص حليب الشوفان الصحّية:

- يدعم المناعة

يحتوي حليب الشوفان على نسبة عالية من الألياف القابلة للذوبان، الأمر الذي يحسّن عملية الهضم ويقوّي الجهاز المناعي لأنه يضمن سلامة وظائف البكتيريا الجيدة في الأمعاء.

- يقوّي العظام

بفضل غِناه بالكالسيوم والحديد والماغنيزيوم، يساهم حليب الشوفان في الحفاظ على كثافة العظام ومنع هشاشتها.

- يحمي من أمراض القلب والشرايين

بما أنّ هذا الحليب النباتي يملك نسبة دهون منخفضة جداً ويخلو من الأنواع المشبّعة والكولسترول، يعني إذاً أنه ممتاز للأشخاص الذين يعانون مشكلات في القلب والكولسترول. وبما أنّ معدل الكولسترول فيه يبلغ 0 غ، يعني إذاً أنه يخفّض خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية. وجدت دراسة أخيرة أنّ شرب كوب من حليب الشوفان لمدة 5 أسابيع أدّى إلى خفض مجموع الكولسترول بنسبة 3 في المئة أقلّ، ومعدل الكولسترول السيّئ (LDL) بنسبة 5 في المئة أقلّ.

- يحسّن الرؤية ويزيد الجمال

يتضمّن حليب الشوفان نسبة عالية من الفيتامين A، ما يحمي من أمراض العيون وتحديداً الضمور البقعي والإجهاد التأكسدي في شبكية العين. من جهة أخرى، أكدت الأبحاث أنّ حليب الشوفان ينعكس إيجاباً على صحّة الشعر ونضارة البشرة، خصوصاً فيما يتعلّق بقدرته على علاج البثور بعكس حليب البقر الذي يحفّز ظهورها.

- يعزّز خسارة الوزن

صحيح أنّ سعراته الحرارية تتعادل تقريباً مع تلك الموجودة في حليب البقر، ولكنّ حليب الشوفان يخلو من الكولسترول والدهون المشبّعة ولا يحتوي سوى كمية ضئيلة من الدهون. وبما أنه غنيّ بالألياف، يعني إذاً أنه يضمن الشعور بالشبع لوقت أطول، وبالتالي يساعد على التحكّم أكثر في الوزن.

- ماذا عن الأنواع الأخرى؟

وقدّمت خبيرة التغذية لمحة سريعة عن خصائص أهمّ الأنواع الأخرى من الحليب النباتي:

- حليب الصويا

يوصف كثيراً للأشخاص الذين يعجزون عن هضم اللاكتوز، وهو سهل الهضم، ولا يحتاج إلى إنزيمات هاضمة. يحتوي على الكالسيوم، والبوتاسيوم، والماغنيزيوم الأمر الذي يجعله فعّالاً في خفض ضغط الدم المرتفع. كل كوب من حليب الصويا يحتوي ما بين 80 إلى 90 كالوري، و4 إلى 4,5 غ من الدهون، و7 إلى 9 غ من البروتينات. أي إنه يوازي حليب البقر بالبروتينات، ولكنّ نسبة الدهون فيه هي حتماً أقل. لكنّ هناك تناقضاً في النظريات حول ما إذا يجب استهلاك حليب الصويا دائماً أو لا لاحتوائه على الـ"Isoflavones" التي هي عبارة عن مستقبلات هورمون الإستروجين، وقد أظهرت دراسات عدة أنها قد تؤثر في الهورمونات. الأفضل إذاً شربه باعتدال.

- حليب اللوز

كل كوب يؤمّن 30 إلى 35 كالوري، و2,5 غ من الدهون، و1 غ من البروتينات. يُعتبر خياراً مفيداً للأطفال لأنه سهل الهضم، وكذلك للأشخاص الذين يعانون فقر الدم ومشكلات في سوء التغذية. كذلك يُعتبر حليب اللوز مفيداً للدماغ والعضلات لاحتوائه نسبة عالية من البوتاسيوم، ويتميّز بكمية فيتامين E تفوق تلك المتوافرة في أنواع الحليب الأخرى.

- حليب الأرزّ

يخلو من الغلوتين وبالتالي هو مفيد للأشخاص الذين يعجزون عن هضم هذه المادة، كما أنه يحتوي نسبة عالية من الفيتامينات B والحامض الأميني "Tryptophan"، ما يعني أنه يحافظ على توازن الجهاز العصبي. كل كوب يحتوي 130 إلى 140 كالوري، و1 غ من البروتينات، و2 إلى 3 غ من الدهون. لا يُعتبر خياراً مثالياً لمرضى السكري لأنّ الأرزّ يملك مؤشراً عالياً لنسبة السكر في الدم، وبالتالي فإنّ الجسم يمتصّ السكر سريعاً.

- خيار ممتاز!

إذاً وكمقارنة أخيرة بين مختلف أنواع الحليب، قالت قسطنطين إنّ "حليب الصويا هو الأقرب إلى حليب البقر لناحية البروتينات، ولكنّ حليب الشوفان يتفوّق عليها كلّها فيما يخصّ قلّة دهونه وكثرة أليافه، ما يجعله خياراً ممتازاً. وبما أنه غير متوافر في كل المتاجر، فالخبر الجيّد أنه سهل التحضير في المنزل! المطلوب ببساطة نقع حبوب الشوفان في المياه وتركها لنصف ساعة تقريباً، ثمّ وضعه في الخلّاط مع المياه ومزجه نحو دقيقتين، بعدها يتمّ سكبه في كيس مُخصّص للحليب لإزالة اللبّ. ويمكن إضافة إليه نكهات أخرى كالفانيلا أو الشوكولا".