ربّما.. أنا لم أعشقك حتى الآن .. لكن ربّما .. تحدثُ المُعْجِزَةُ الكبرى.. وتَنْشَقُّ السَمَا.. عن فراديسَ عجيبَهْ.. وتصيرين الحبيبَهْ.. وتصيرُ الشمسُ يا سيِّدتي خاتماً بين يَدَيّْ.. وأرى في حُلُمي وَجْهَ النبيّْ وأرى الجنَّةَ من نافذتي والأنجُمَا.. رُبَّما.. ربّما.. أنا لم أعشقك حتى الآن .. لكن ربّما .. يضربُ الطوفانُ شُطآنَ حياتي ويجي البحر من كل الجهات..
 
رُبَّما يجتاحني الإعصارُ في يومِ غدٍ رُبَّما بعدَ غدٍ.. رُبَّما في أشهُرٍ أو سَنَواتِ.. فاعذُريني إِن تَرَيَّثْتُ قليلاً.. فأنا أختارُ في شكلٍ دقيقٍ كَلِماتي.. مُعجَبٌ فيكِ أنا.. غير أنَّ الحبَّ ما بلَّلَ بالدَمْع سريري.. أو رَمَى أزهارَهُ في شُرُفاتي.
. أنا لم أَعْشَقْكِ حتى الآنَ.. لكن.. سوفَ تأتي ساعةُ الحُبِّ التي لا رَيْبَ فيها.. وسيرمي البحر أسماكاً على نهديك لم تنظريها.. وسيُهديكِ كنوزاً، قَبْلُ، لم تكتشِفِيها.. سيجيء القمح في موعده .. ويجيءُ الوردُ في موعدِهِ.. وستنسابُ الينابيعُ، وتَخْضَرُّ الحقُولْ فاتركي الأشجار تنمو وحدها ..
 
واتركي الأنهارَ تجري وحدَها.. فمن الصعب على الإنسان تغييرُ الفُصُولْ.. رُبَّما كنتِ أرقَّ امرأةٍ.. وُجِدتْ في الكون، أو أحلى عروسْ.. ربّما كنتِ برأي الآخرينْ قَمَرَ الأقمار، أو شَمْسَ الشموسْ رُبَّما كنتِ جميلَهْ.. غيرَ أنَّ الحبَّ – مثلَ الشِعْر عندي- لايلبّيني بيسر وسهولة ..
 
فاعذريني ان تردَّدتُ ببَوْحي.. وتجاهلتُكِ صدراً، وقواماً، وجمالا.. إنَّ حُبِّي لكِ ما زالَ احتمالا.. فاتركي الأمرَ إلى أنْ يأذَنَ اللهُ تَعَالى... اشربي القهوةَ يا سَيِّدتي.. ربّما يأتي الهوى كالمسيح المُنْتَظَرْ.. ليس عندي الآنَ ما أعلنُهُ.. فلقد يأتي.. ولا يأتي الهوى ولقد يُلْغي مواعيدَ السَفَرْ..
 
ربّما أكتُبُ شعراً جيّداً.. غير أني لم أُحاولْ أبداً من قَبْلُ إِسْقَاطَ المطَرْ انّ للحُبِّ قوانينَ فلا.. تستبقي وقت الثمر .. اشْرَبي القهوةَ يا سَيِّدتي.. وابْحَثي في صفحة الأَزْيَاءِ عن ثَوْبٍ جميلٍ.. أو سِوَارٍ مُبتَكَرْ.. وابْحَثي في صفحة الأبراج عن عُصْفُورةٍ خضراءَ.. تأتيكِ بمكتوبٍ جديدٍ.. أو خَبَرْ.. اشْرَبي القَهْوَةَ يا سيّدتي..
 
فالجميلاتُ قضاءٌ وقَدَرْ.. والعيونُ الخُضْرُ والسُودُ.. قضاءٌ وقَدَرٌ.. هل أنا أهواكِ؟. لا شيءَ أكيدْ.. هل أنا مضطرب الرؤية .. لاشيء أكيد .. هل أنا مُنْشَطِرُ النَفْس إلى نَفْسَيْنِ.. لا شيءَ أكيدْْ هل حياتي شَبَّتِ النارُ بها؟ هل ثيابي اشتعلَتْ؟ هل حروفي اشتعلتْ؟ هل دُمُوعي اشتعلتْ؟ هل أنا ضَوْءٌ سَمَاوِيٌّ..
 
وإنسانٌ جديدْ؟ لا تُسَمِّي ذلك الإعجابَ يا سيِّدتي حُبَّاً.. فان الحُبَّ لا يأتي إذا نحنُ أردناهُ.. ويأتي كغزالٍ شاردٍ حين يُريدْ... اشربي القهوة ، يامائيّة الصوت ، وخضراء العيون .. فعلى خارطة الأشواق لا أعرفُ في أيِّ مكانٍ سأكونُ..
ومتى يذبحني سيف الجنون؟ فلماذا تكثرينَ الأسئلة؟. ولماذا أنت ، يا سيّدتي ، مُسْتَعْجِلَهْ.؟ أنا لا أنْكِرُ إعجابي بعينيكِ، فإعجابي بعينيكِ قديمْ.. لا ولا أَنكر تاريخي مع العطر الفَرَنْسيِّ الحميمْ ومع النهد الذي كسَّرَ أبوابَ الحَريمْ. غير أنّي لم أزلْ أفتقدُ الحبَّ العظيمْ..
 
آهِ ما أروعَ أن ينسحقَ الإنسانُ في حُبٍّ عظيمْ.. فامنحيني فُرْصةً أُخرى.. فقد يكتبُ اللهُ عليَّ الحبَّ.. واللهُ كريمْ.. أنا لم أعشقك حتى الآن .. لكن من سيدري؟ ما الذي يحدثُ في يومٍ ولَيْلَهْ.. رُبَّما تنمو أزاهيرُ المانُولْيَا فوق ثغري رُبّما تأوي ملايينُ الفراشات إلى غاباتِ صدري..
 
رُبَّما تمنحُني عيناكِ عُمْراً فوقَ عُمْري.. مَنْ سَيَدْرِي؟ ما الذي يحدُثُ للعالم لو أنّي عَشِقْتْ.. هل يجيء الخيرُ والرِزْقُ، ويزدادُ الرخاءْ؟ هل ستزدادُ قناديلُ السماءْ.. هل سيمضي زَمَنُ القُبْح.. ويأتي الشُعَرَاءْ ثم هل يبدأُ تاريخٌ جديدٌ للنِسَاءْ.؟ مَنْ سَيَدري...؟ اشْرَبي قهوتَكِ الآنَ .. ولا تَسْتَعْجليني.. فأنا أجهل أوقات العصافير ، كما أجهل وقت الياسمين..
 
فاعذُريني.. فأنا أجهلُ في أيِّ نهارٍ سوف أعْشَقْ.. ومتى يضربني البَرْقُ، وفي أي بحارٍ سوف أغرقْ وعلى أي شِفَاهٍ سوف أرسُو.. وعلى أي صليبٍ سَأُعلَّقْ.. آهِ.. لو أعرفُ ما يحدثُ في داخل قلبي.. إنَّ أمرَ الحبّ يا سيدتي من علم ربيّ فاتركي الأمرَ لتقدير السَمَا.. رُبَّما ندخُلُ في مملكة العِشْقِ قريباً.. رُبَّما..