يشكّل 9 أيلول المقبل موعداً جديداً يطل من خلاله رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع على أهالي الشهداء أولاً، والقواتيين واللبنانيين ثانياً ليطلق سلسلة مواقف من الملفات المطروحة والأزمات المشتعلة.
 

في السياق الوجداني، تعني هذه الذكرى كثيراً للقواتيين، حيث سيقام احتفالٌ تحت عنوان «كرمالكن» يتخلّله قدّاسٌ إلهي برعاية البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في الباحة الخارجية لمعراب، بعدما أقيم عام 2006، وللمرّة الأولى بعد الخروج السوري، بحضور جعجع، في سيدة حريصا بعد مهرجان النصر الإلهي لـ«حزب الله» حينها، ومن ثمّ انتقل الإحتفال الى مجمّع فؤاد شهاب في جونية، قبل أن يثبّت منذ عام 2012 في معراب نظراً للخطر الأمني الداهم.


ويترقّب الجميع الكلمة التي سيلقيها جعجع والمواقف التي سيطلقها، خصوصاً من الملفات الداخلية والإقليميّة، مع العلم أنّ الاتّجاه سيكون التأكيد على جوهر المصالحة المسيحيّة والتمسّك بـ»تفاهم معراب»، وعدم السماح لأيِّ طرف بالاستئثار بالسلطة واحتكار التمثيل المسيحي، وعزل وتطويق «القوّات»، كذلك، ستتمسّك «القوات» بموضوع محاربة الفساد وعدم الإستمرار في الصفقات والسمسرات وضرب أسس الدولة والمباشرة بالعملية الإصلاحيّة.


ومن جهة ثانية، سيتمّ التأكيد على دعم الدولة وحصر السلاح بيدها ورفض سيطرة «الدويلة» على الدولة، وتسليم السلاح غير الشرعي إليها، إضافة الى أهمية حلّ أزمة النازحين السوريين، و»النأي بالنفس» والحفاظ على علاقات لبنان مع الدول العربيّة، ورفض التطبيع مع النظام السوري وإعادة عقارب الساعة الى الوراء، وجعل لبنان رهينة المحور الإيراني- السوري.


الى ذلك، فقد وُجّهت الدعوات الى معظم السياسيين، لكن الأهمّ، أنّ رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل وقيادات الحزب مدعوان الى القدّاس، خصوصاً أنّ العام الماضي شهد نكسة في العلاقات بين «القوّات» و«الكتائب» عندما استُثني النائب الجميّل، الأمر الذي اعتبرته القيادة القواتية خطأً تقنيّاً لن يتكرّر هذا العام، لأنّ الحزبين يأكلان من الصحن نفسه، والقاعدة الشعبية مشترَكة بينهما.


وتمرّ العلاقة الحالية بين الكتائب و«القوّات» بفترة تبريد، بعد انتهاء مرحلة الانتخابات النيابيّة، والدليل على تقاسم الحزبين القاعدة نفسها، هو وقوع ماكينة الكتائب في الانتخابات في فخّ عدم القدرة على الفصل بين الأصوات التفضيلية التي تملكها وأصوات «القوّات».


وبعيداً من المنحى الشعبي، وبالانتقال الى السياسي، فإنّ المعلومات تؤكّد أنه لا يوجد أيّ تطور جديد بين «القوات» والكتائب، فالأمور ما تزال في مكانها مع فارق أساسي وجوهري وهو أنّ العلاقة لم تعد سلبية.


وبالنظر الى واقع الأرض، فحال التشنّج التي كانت سائدة بين مناصري الحزبين في المرحلة السابقة، وقبل الانتخابات النيابيّة، لم تعد موجودة، وكل ما له علاقة بسوء التفاهم تبدّد.


لكن في الوقت نفسه، لا يمكن اعتبار أنه تمّ الانتقال الى مرحلة من التنسيق والعمل معاً أو إعادة التحالف، خصوصاً أنّ كل طرف يعيش مرحلة ترتيب أوضاعه الداخلية.


لا شكّ أنّ أفضل توصيف يُطلق اليوم على العلاقة بين «القوات» والكتائب هو «فك اشتباك» وتبريد، وعندما يستدعي الأمر تنسيقاً ما يتمّ ذلك، والدليل على ذلك ما حصل في مرسوم التجنيس حيث بادر النائب سامي الجميّل باتّجاه حزب «القوات»، والأخير استجاب.


لا يستطيع أحد إنكار أنّ هناك جداراً من الجليد بُني في المرحلة السابقة بين الحزبين، وصل الى مرحلة التجريح، لكنّ إعادة وصل العلاقات الإجتماعية بين القاعدة والكوادر على حدّ سواء مهمّ جدّاً، خصوصاً أنّ معراب دعت النائب سامي الجميل وعقيلته الى مأدبة عشاء، ولبّيا الدعوة، ما أعاد العلاقات الإجتماعية الى سابق عهدها.


يؤكّد معظم الذين عايشوا المرحلة السابقة، أنه عندما استشهد الشباب على الجبهات دفاعاً عن لبنان ومنع تحويله وطناً بديلاً للفلسطينيين، ومقاومة الوجود السوري، لم يكن هناك تمييز بين كتائبي أو قواتي أو «أحرار» او «حراس أرز» او تنظيم، لذلك فإنّ قدّاس شهداء «المقاومة اللبنانية» يجب أن تكون محطّة على طريق التأكيد على حماية سيادة لبنان واستقلاله، ولصون المبادئ التي استُشهد الشباب من أجلها.