إجراء علمي جديد يضاف إلى سجلّ الإنجازات الطبية اللبنانية، ليعطي أملاً واعداً بالحياة للمرضى كبار السن أو الذين يعانون من مشكلات طبّية تمنعهم من إجراء عملية القلب المفتوح. فما هي عملية استبدال صمّام القلب التاجي عبر الجلد من خلال إدخال صمّام والتي حصلت للمرة الأولى في لبنان والمنطقة؟
 

بعد أن عانت سيدة مسنّة من تضيّق شديد في الشريان التاجي، ما أدّى إلى تعذّر إمكانية تكرار عملية جراحية لاستبدال الصمام التاجي بالطرق التقليدية، وبعد أن غابت كل الخيارات الجراحية الأخرى، تمكّن فريق طبي لبناني من انقاذ حياتها وضخّ الامل للكثير من مرضى القلب اللبنانيين وغير اللبنانيين. في هذا السياق، كان لـ«الجمهورية» حديث خاص مع مدير البرنامج الهيكلي في قسم جراحة القلب في المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت (AUBMC) الدكتور فادي صوايا الذي قال إنّ «استبدال الصمام التاجي لإدخال صمام عبر الجلد هو إجراء متقدم وفريد من نوعه يقدّم خيارات جديدة للمرضى غير القادرين على تحمّل عمليات القلب المفتوح المتكرّرة. كما أنّ هذا الإجراء الذي حصل للمرة الاولى في لبنان، يوفر على المريض ضرورة البقاء 5 ايام في المستشفى وهي المدة التي تتطلّبها الجراحة التي تستدعي شقّ القلب، بينما يمكن للمريض الخروج في اليوم التالي الى منزله إثر استبدال الصمام عبر الجلد».

أمل جديد

تُعتبر عملية استبدال الصمام التاجي عبر إدخال صمام عبر الجلد جراحة غير غازية لإصلاح الصمام التاجي باستخدام القسطرة يوصى بها للمرضى الذين خضعوا سابقاً لعملية قلب مفتوح لتغيير صمام القلب التاجي بصمامات القلب الحيوية أو البيولوجية وهي عادةً ما تكون عرضةً للتلف. فبدلاً من إجراء عملية القلب المفتوح لاستبدال الصمام التاجي التالف مرّة أخرى، يتمّ استبدالُ الصمام التاجي البيولوجي التالف من خلال زرع الصمام الأبهري عبر القسطرة وتثبيته داخل الصمام المعرّض للتلف. وبحسب د. صويا «تستمرّ فعالية الصمام التاجي حوالى الـ10 الى 15 سنة، وبعد هذه الفترة اذا اصيب بالخلل وكان المريض صغيراً في السن يمكننا عندها اعادة تكرار العملية بالطريقة التقليدية واستبدال الصمام الموضوع بآخر جديد. بينما إذا كان المريض يعاني من امراض طبية معينة أو اذا كان عمره فوق الـ80 سنة، ندرس الحالة بينما كنا في السابق نتركه دون علاج أو نخضعه للجراحة ونحن على علم أنّ نسبة خطر وفاته داخل غرفة العمليات تفوق الـ30 في المئة».

طريقة زرع الصمام

لا يحمل غالباً هذا الاجراء العوارض الجانبية للمريض، ولا يتطلب اكثر من ساعة الى ساعة ونصف داخل غرفة العمليات. وعن التفاصيل، يشرح د. صوايا أنه «تحت تأثير التخدير، يتمّ إدخال قسطرة داخل الوريد في منطقة الفخذ وتمريرها عبر الجانب الأيمن من القلب. ثم يتمّ إجراء ثقب للعبور إلى الجانب الأيسر من القلب وتمرير القسطرة عبر الموضع الجراحي للصمام التاجي القديم إلى البطين الأيسر. عندها، يتمّ زرع الصمام الأبهري عبر قسطرة من طراز «Edwards Sapien S3» في وضعية معاكسة بالاعتماد على السكة التي تمّ إنشاؤها ونفخها داخل الصمام القديم وفقاً لتوجيه تخطيط صدى القلب الثلاثي الأبعاد. وبمجرد تثبيت الصمام الجديد في موضعه وتوسيعه، يعمل على دفع وريقات الصمام الجراحي بعيداً ويتولّى النسيج في الصمام البديل مهمة تنظيم الدم. وتتيح تقنيات الجراحة بالمنظار كتلك المستخدمة لإصلاح الصمام التاجي بالقسطرة، إمكانية إجراء العملية وقلب المريض ينبض، ممّا يلغي الحاجة إلى آلة «التحويل» والمخاطر المرتبطة بها. وتجدر الاشارة، الى أنه من الصعب تكرار هذه العملية مرة اخرى للمريض نفسه، إلّا انه كما ذكرنا تستمرّ فعالية الصمام من 10 الى 15 سنة، ما يُعتبر مدّةً جيدة بالنسبة للمسنّين في عمر الـ80 مثلاً».

حلّ لكل مشكلات الصمّامات

يحسّن هذا الإجراء من صحة المريض ويعيد له أمل الحياة، ويشدد د. صويا في نهاية حديثه أنه «باتت هناك حلول لجميع مشكلات الصمامات»، داعياً «اطباء القلب أن لا يتركوا مرضاهم دون علاج بل أن يرسلوهم الى المراكز المتخصّصة لإنقاذ حياتهم».