هل هذا هو الحل الأنسب للتخلّص من كارثة النفايات ؟
 

تعود أزمة النفايات إلى الواجهة بعد مرور ثلاث سنوات على الكارثة التي أغرقت بيروت الكبرى و معظم المحافظات جنوباً و شمالاً بالنفايات و التي فجّرت إحتجاجات حملات ما يسمى بالحراك الشعبي و لكن سرعان ما فشلت هذه التحركات و عاد الجميع أدراجه مستسلمين لواقع البلد الطائفي و نظامه القائم على المحاصصة حتى بنفاياته.

 

و بعد أن أقرّت الحكومة التجديد لمطمر  "الكوستا برافا و مطمر برج حمود "، إنتقلت الأزمة جنوباً إلى النبطية حيث أُقفل معمل الكفور  مما أدّى إلى تكدّس النفايات و انبعاث الروائح الكريهة في البلدات المجاورة خصوصاً مع إرتفاع درجات الحرارة،  الأمر الذي دفع أهالي الكفور و البلدات المجاورة من عربصاليم الى حبوش لرفع الصوت و الإحتجاج على الاستهتار بصحتهم و صحة أولادهم . 

 

أما في صور ، المدينة السياحية الجنوبية التي لا يوجد فيها قطعة أرض لتُعالج نفاياتها التي تتضاعف نتيجة التزايد السكاني في المدينة و جوارها فغدت تعوم بالنفايات في ظل حالة من الغضب لدى الأهالي.

 

إلى ذلك و قبل أيام قليلة أعلن النائب عن مدينة صور السيد نواف الموسوي من مجلس النواب إقرار قانون النفايات الصلبة داعياً البلديات لإعتماد

تقنية التفكّك الحراري في المحارق ، و لكن هل هذا هو الحل الأنسب للتخلّص من هذه الكارثة ؟ 

 

إقرأ أيضا : من المسؤول عن سرطنة لبنان؟

 

 

بالرجوع إلى عملية حرق النفايات نجد أن المحارق تتطلب موقعاً جغرافياً بارداً كدول أوروبا الشرقية لأنها تحتاج حرارة عالية و فلاتر و دواخين بالإضافة للإنبعاثات السامة في الهواء الناتجة عن الترسّبات و الرماد و التي تُؤدّي إلى أمراض خطيرة كالسرطان  ناهيك عن تكلفتها الباهظة حيث يتراوح سعر المحرقة بين 250 و 300 مليون دولار ، من جهة أخرى ليس هناك ثقة في أن تلتزم الشركات المشغّلة للمحارق بالمعايير الدولية الصارمة دولياً و مراقبة الدولة اللبنانية لها و ضمان تقيّدها  و التجارب السابقة في العديد من المجالات كالكهرباء و الإتصالات على سبيل المثال لا الحصر خير دليل على تفلّت الدولة من مسوؤلياتها الرقابية ومحافظتها على الأنظمة .

 

إقرأ أيضا : هل يُساهم تشريع "الذهب الأخضر " في تحويل الإقتصاد اللبناني من ريعي إلى إنتاجي تنموي ؟

 

 

فالحلّ ليس بالحرق بل باتباع ثقافة الفرز من المصدر  و إعادة التدوير عبر البدء بإقامة حملات توعية للمواطنين و إرشادهم لإعتماد الفرز في منازلهم  و أفضل طريقة للفرز تكون على الشكل التالي: فضلات الطعام والمحارم على حدة، الورق والكرتون سوية، وكل باقي المواد التي تشمل البلاستيك المعادن الزجاج والنايلون سوية.

 

العملية بسيطة ولا تحتاج جهدًا كبيراً، لكن اللبناني لم يعتَد عليها، وكما هو معروف، الخطوة الأولى هي الأصعب.و هذا يُخفّف بشكل كبير من حجم النفايات و من ثم يأتي دور مصانع إعادة التدوير حيث أنّ 33% من نفاياتنا قابلة لإعادة التصنيع و الإستفادة منها من جديد .