يومًا بعد يوم تزداد إنجازات المرأة وتتخطّى جميع التوقعات، وتثبت نفسها مرة أخرى أنها قادرة على الكثير، كما أنها تسعى الى الكثير. ومرة أخرى نرى المرأة اللبنانية تحصد نجاحاً كبيراً في مجالها وهذه المرة في مجال الطاقة، لتصبح من مخترعي تقنيات لتوليد الطاقة.
 

بسمة محمد زين الدين الزين من طرابلس، دكتورة وعميدة البحث العلمي والدراسات العليا في جامعة الأعمال والتكنولوجيا في جدة. تمتد خبرة عملها على مدى ١٩ عاماً في مؤسّسات بحثية وجامعية. تشغل العديد من الوظائف، منها رئيسة مركز الأبحاث والاستشارات (RCC) في جامعة الأعمال والتكنولوجيا. كما عملت الزين كباحث مشارك في معهد الالكترونيات الدقيقة والتكنولوجيا النانوية في فرنسا، وعملت كذلك كعالم باحث في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية في مدينة جدة في المملكة العربية السعودية.


تميّزت بسمة بإجراء البحوث المتواصلة والمشاريع البحثية والالتزام بالتطوير، حيث عملت في تطوير المناهج وتمكين المرأة وريادة الأعمال ونقل التقنية. كذلك، تنسّق مع العديد من المؤسسات والجامعات الدولية في أوروبا وأميركا للتعاون فيما يخصّ البرامج التعليمية والتدريبية وورش العمل والندوات.


كما أنها من كبار الأعضاء في معهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات (IEEE)، ومستشارة معتمَدة للمؤسّسات الصغيرة والمتوسطة وعضوة في نقابة المهندسين اللبنانيين وغيرها.


الدكتورة بسمة الزين حاصلة على شهادة الدكتوراه من جامعة «ليْل» في فرنسا عن بحثها بعنوان «هياكل أوكسيد الزنك النانوية وتطبيقاتها في مجال الألواح الضوئية»، وحصلت على شهادة الماجستير من الجامعة اللبنانية في تخصّص الهندسة الكهربائية والإلكترونيات.


حصدت الزين العديد من الجوائز تقديراً لجهودها، آخرها كان جائزة الإنجاز Albert Nelson Lifetime Achievement عام 2017 والتي تقدّمها شركة Marquis Who’s Who للنشر. بالاضافة الى العديد من الجوائز الأخرى التي أكّدت دور الزين الريادي والعلمي وأهمّيته.


تتركّز اهتمامات الدكتورة الزين البحثية الحالية على مجال تحويل وتخزين الطاقة، حيث تهدف بشكل رئيسي إلى تطوير خلايا شمسية صديقة للبيئة تعمل بكفاءة وقدرة احتمال عالية، بالإضافة إلى أنها تقوم باختبار مواد جديدة يمكن استعمالها كمواد ماصّة للضوء في الخلايا الشمسية الصلبة الأكثر تفاعلاً، كما أنها تقوم بدراسة بطاريات أكاسيد المعادن المطبوعة، كما انها حاصلة على براءة اختراع خاصة بالمواد الداخلة في الألواح الشمسية مسجّلة في الولايات المتحدة الأميركية ولديها العديد من الأوراق العلمية المنشورة في مجلّات عالمية، وكذلك لها كتاب منشور بعنوان «مواد النانو للتطبيقات في الطاقة الشمسية».

النانو تكنولوجي لتوليد الطاقة
من هذا المنطلق شرحت الزين لـ«الجمهورية» عن استخدام النانو تكنولوجي في الخلايا الشمسية، وقالت: «إنّ استخدام النانو يهدف الى تصغير الخلايا الشمسية (solar cell) لتعطي النتيجة نفسها التي نحصل عليها ولكن باعتماد مواد صديقة للبيئة بالاضافة الى الكلفة المتدنّية».


وفي شرح مفصّل عن هذه التقنية، قالت الزين: «هدفنا من خلال هذه التقنية هو عمل هذه المواد على امتصاص كافة الطيف الشمسي (solar spectrum) حيث إنّ التقنيات الموجودة حالياً تعمل على امتصاص الطاقة الشمسية ضمن اطار مساحة محدّدة، بالتالي هناك الكثير من الطاقة أو الأشعة مهدورة، بينما اليوم من خلال هذه التقنية نعمل على أن تكون هذه الطاقة من أشعّة الشمس غير مهدورة، ويكون امتصاص الطاقة غير محدّد في مساحة معيّنة، وبالتالي تكون الفعالية أقوى وأكبر».


وتابعت: «علماً انّ هذه المواد المستعملة لا تتأثر بالرطوبة والحرارة المرتفعة لذلك يكون عمر هذه الأبحاث طويل الأمد وغير محدّد، ونكون بالتالي قد وصلنا الى تغطية شاملة الى كافة المنزل، بعد أن نكون قد عملنا على آلة تتلقّى الأشعّة وتحوّلها الى طاقة».


وأضافت: «بإمكان هذه الخلايا أن تكون موجودة على الاوراق والبلاستيك، حيث إنه باعتماد هذه التقنية بإمكاننا تحويل النافذة الى خلايا شمسية من خلال دهنها أو طبع هذه الخلايا الشمسية عليها من خلال تقنية معيّنة لاستخراج الطاقة».


أما عن فعالية هذه التقنية في فصل الشتاء، فقالت الزين «نظراً الى انّ المواد المستعملة قادرة على امتصاص أشعّة الشمس بكميّة كبيرة كما انها قادرة على امتصاص من الأشعة فوق البنفسجية (uv) الى الأشعة تحت الحمراء (infrared) تكون بالتالي قد غطّت كافة الأنوار والطيف، لذلك لسنا بحاجة أو ليس من الضروري وجود أشعّة مباشرة لتوليد الطاقة، كما أنّ اعتماد تكنولوجيا النانو يتميّز بعدم التصاق الغبار والمياه عليه ما يسرّع عملية امتصاص الأشعة، بعد أن كان ذلك من المشكلات التي واجهتنا في التقنيات السابقة».

المصاعب
وعن وجود مصاعب خلال اجراء البحث، أشارت الدكتورة الى انّ «المصاعب لا مهرب منها إذ تواجه جميع الابحاث، وفي البداية واجهنا بعض الصعوبات فيما يخصّ المواد التي يجب استخدامها، إذ كان من الصعب ايجاد مختبر مجهّز بأحدث التقنيات، ولكن تمكنّا من ايجاده سريعاً في مختبر جامعة الملك عبدالله، حيث كان قد أنجز مختبراً بأحدث التقنيات وأهمّها وكنّا من أوائل مستخدميه».

العمل في لبنان
أما عن عدم تسجيلها عملها على هذا البحث في لبنان، لفتت الزين الى انّ «براءة الاختراع هي بإسم بسمة الزين في المملكة العربية السعودية حيث عملت عليها هناك، وللاسف حاولت ولكن لم تتسنّ لي الفرصة، على رغم وجود تعاون ولكن لم تتوفّر الأدوات والتقنيات المطلوبة والدعم للعمل على هذا البحث في لبنان»، ولكنها تمنّت «أن تعمل يوماً في لبنان وتسجّل اختراعات في لبنان».

الهدف الرئيسي
وأخيراً، ختمت الزين «انّ الهدف يكمن في إحداث تغيير وتقديم أجهزة مقبولة السعر للجميع وأن لا يبقى هذا البحث في المختبر أو فقط على الاوراق لا بل أن يتم البدء في تصنيعه وأن يكون بمتناول الجميع في الاسواق، واليوم وبعد أن حصلنا على نموذج مبدئي لهذا البحث نسعى الى تحويله الى منتج تجاري بمتناول الجميع».